منذ بدء الربع الاول للقرن العشرين بدء الاسلام السياسي بالتشكل وذلك عن طريق جماعة الاخوان المسلمين حين بدأت بذورها الاولى في أرض الكنانة , ومالبثت بعد ذلك أن توالت الحركات والتنظيمات الاسلامية في سائر بلدان العالم العربي , والتي تجمع بمختلف أتجاهاتها على أن الاسلام هو الحل لكل المشاكل التي يعاني منها المجتمع العربي , وأن هذه الامة لن تصلح الا بما صلح أولها, وأخذت تنظر لذلك من خلال الكتب التي أصدرتها أو الاشرطة الصوتية أو تجماعاتها أثناء صلاة الجمعة ناهيك عن اختفالاتها الدينية التي كانت تستغل لهذا الغرض, وقد تجمع الكثير من الناس حول هذه الدعوة نظرا لبؤس حياتهم وضياعهم مابين دنيا بخلت عليهم بكل شيئ وتركتهم يرزخون تحت وابل العوز والمرض والبطالة , ومابين حياة زاخرة بالعدل والمساواة.و بعد عشرات السنين من تجارب مرة مع الانظمة الشمولية كان لهؤلاء الناس نصيبا مفروضا من الموت والسجون السرية والعلنية والمنافي البعيدة, وحين حل مايعرف بالربيع العربي تنفس الناس الصعداء , كون هذه الثورات هي التي سوف تعيد للامة مجدها الغابر , وتحقق طموحاتها في العيش يكرامة وحرية, وهكذا صعد الاسلام السياسي العربي للحكم ومالبث أن كشر عن أنيابه العرقية والطائفية والشوفينية , فمن ليس معي فهو ضدي وبدا وكأن الاخوان بشقيهم الشيعي والسني يتكلمون بكلام علي وعمر ويتصرفون بعقلية معاوية والحجاج . لاأخفي عليكم الصدمة التي تلقهتها الجماهير العريضة وهي التي أوصلتهم سدة الظلم , وبدا الكثير من الناس يتحسرون على أيامهم السوداء الماضية, لان سواد الايام الراهنة ينذر بضياع أخر الاحلام وسط صحوة متأخرة.
ما لم يفهمه الاسلام السياسي أعني منظروه هو كيف يمكن ترجمة التراث من سنة وحديث للسلف الصالح وجعله يتماشى مع الوقت الحاضر , وما جهلوه من الاسلام المحمدي أنهم وضعوه على السن الجهلة كيف ما أرادوا وجهوه , بل وزادوا على ذلك بأنهم يأمرون بالبر وينسون أنفسهم وهي تأخذ المال والجاه وتضعه حيث أرادت دون وازع من ضمير أو تأنيب من الشرع. الاسلام السياسي يعطي لنفسه الحياة الرغيدة وله الاخرة خالصة وللناس أما جنة أو عذاب وتلك هي المعضلة .