الحقوق والواجبات.. حرية الرأي والتعبير.. حرية الإعلام.. المساواة بين أفراد الشعب..عبارات ومصطلحات نسمع عنها مكفولة بوثيقة العقد الأجتماعي بين المواطن والحكومة وهي الدستور!
مما لا شك فيه بات الدستور بالعراق لايمثل سوى بروباجندا مشوهة نتيجة لما يشهده الواقع العراقي من انتهاك صارخ للحريات وتكميم الأفواه والمتمثلة بالأعتقالات وقضايا الأخفاء القسري وخصوصا التي يتعرض لها أصحاب الرأي الحر، لاسيما أن قضية أعتقال الكاتب والمحلل السياسي سمير عبيد بسبب مقال كشف فيه بعض الخفايا ورفع الغطاء عن الأسباب الحقيقية لقضية المواجهة العسكرية بين حكومة بغداد وحكومة أقليم كردستان لن تكون نهاية المطاف.. ولكن ليس بالضرورة أن تكون معلومات عبيد صحيحة مئة بالمئة ولايمكن أعتبار كل مايكتبه هو دليل قاطع، قد تكون هذه من خيال الكاتب،حيث ممكن أن يصيب بعضها وممكن الآخر مخيب، وهذا يقع على مسؤولية الكاتب نفسه.
كنت قد نشرت بوست يوم أمس عن المعارك والقتال الدائر بين الجيش العراقي(قوات مكافحة الإرهاب والرد السريع والحشد الشعبي) وبين قوات البيشمركة ومايتعرض له أبناء الشعب العراقي بصورة عامة من خسائر بالأرواح نتيجة لهذه المواجهات، مع الأشارة إلى الأجتماع الذي عقد يوم أمس في منطقة(كلك) الكردية ضمن قاطع الخازر بين أبو مهدي المهندس ممثلا لقيادة الحشد، وقائد عمليات نينوى اللواء الركن نجم الجبوري مع بعض المسؤلين في أقليم كردستان، مثل السيد روز نوري شاويس وغيره من القيادات الكردية، ذلك بغية الوصول إلى أتفاق على الأنسحاب السلمي من قبل قوات البيشمركة وتسليمها إلى الدولة!
وكذلك الاجتماع الذي أجري اليوم مابين الوفد المفاوض بأسم القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية ممثلة بالفريق اول الركن عثمان الغانمي رئيس أركان الجيش العراقي وبين وفد من قوات الإقليم والذي تمخض عنه مهلة ٢٤ ساعة لتسليم منفذ فيشخابور.
الحقيقة الواضحة للعالم أجمع مفادها.. إن هذا القتال الدائر بين الجانبين الذي راح ضحيتها(ولد الخايبة) وكل هذه الخسائر بالأرواح والمعدات فقط من أجل الاستيلاء على أنابيب النفط نقطة رأس السطر.
هذه القضية ليست بالغريبة على الشعب العراقي.. حيث هذا ما أكده السيد عصام الجلبي وزير النفط العراقي الاسبق، من خلال حديثه على فضائية الشرقية مؤكدا بأن حقول النفط في كركوك وباي حسن تضخ النفط إلى ميناء جيهان التركي عن طريق الانبوب الممتدد منها باتجاه بيجي صعودا إلى فيشخابور.. حيث ذكر السيد الجلبي أن هذا الأنبوب غير فعال منذ عام 1991 وتم تدميره أكثر بعد عمليات داعش، لكن حكومة الأقليم قد أسست أنبوب جديدا في نفس المكان يضخ النفط من كركوك إلى فيشخابور مباشرة دون المرور بمصفى بيجي.. المثير للجدل أن حكومة بغداد والاقليم كانا يتقاسمون بالعائدات؟!
إن مايجري اليوم من معارك بين الجانبين ماهو إلا عبارة عن صراع قوى متنفذة من أجل السيطرة على منطقة فيشخابور لما تمثله هذه الرقعة الجغرافية من نقطة ستراتيجية مهمة من الناحية الاقتصادية، كونها معبرا حدوديا فعال ومنفذ إلى تركيا.
نعود إلى أصل الرواية المتعلقة بالسيد سمير عبيد والذي كانت مقالته الأخيرة السبب الرئيسي في أعتقاله.. حيث أشار في المقال على أن صراع حكومة العبادي مع السيد البرزاني ورفضه الأستفتاء من أجل استحواذ بغداد على نفط كركوك وفقا لأتفاق مسبق بين العبادي مع الشركات البريطانية التي تريد إرجاع حقول نفط كركوك التي فقدته بقرار تأميم النفط.
إذن كل الصراع الدائر الآن هو نزاع أقتصادي في جوهره ولا وجود لمسألة السيادة وغيرها من الأمور الأخرى أية صلة بالموضوع.