هل من الحكمة والعقل ان يمر حديث الاستاذ الكبير العلامة البارز والاكاديمي الدكتور مالك المطلبي دون ان يقف المسؤولين في وزارة التعليم العالي وقفة جادة عند كل ما جاء في حديثه من نقد وتشخيص لنموذج مما يحدث في الجامعات العراقية عندما تحدث عبر قناة العارقية حيث قال ((كانت كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد كانت هي العراق ,اما الان فقد دخلت بها الفايروسات القاتلة فقتلت هذا العراق)),الا يستوجب هذا الحديث الذي صدر من استاذ كبير وعلم من اعلام العراق ورمز من الرموز الاكاديمية ان يقف المسؤولين عن التعليم العالي لمعرفة هذا الفايروس ومكافحتها وعلى الاقل لحفظ كرامة التدريسيين والطلبة في هذه الكلية من الفايروس الذي اطاح بواحدة من اجمل كليات العراق لاسيما وان الحديث جاء عبر قناة العراقية التي يشاهدها العراقيين .ام ان وزارة التعليم كانت تسعى الى تحقيق هذا الهدف وهو (قتل العراق) فقتلت رموزه العلمية والثقافية والفنية عبر تسليط قيادات فاسدة في كل المستويات ,فضربت الوزارة بذلك عصفورين بحجر عندما نصبت هذه القيادات الفاسدة فهي من جانب ترضي الفاسدين في الوزارة عبر شراء الذمم من اجل التستر على فسادها لتكتمل حلقة الفساد ,وهي من جانب اخر تحارب الكفاءات العلمية والخبرات الرصينة التي غادر معظمها هذه الكلية في اجازات طويلة ,وهكذا حققت الوزارة هدفها في افراغ كلية الفنون من رموزها وانهيار هذه الكلية (التي كانت هي العراق)وكانت ملتقى والمثقفين والفنانين العراقيين والعرب ولن ننسى مقولة نزار قباني ((اني اسمع اصوات ازاميل النحاتين قادمة من صوب الوزيرية في بغداد حيث كلية الفنون الجميلة )).
وبدون الكشف عن اسباب الضعف في بنية المؤسسة الجامعية العراقية ,والاعتراف بها من اجل معالجتها وتخطيها ,فاننا سنظل ندور في حلقات متكررة ,ودورات حتمية تتكرر فيها البدايات ونصل فيها الى ذات النهايات ,بكل مايترتب عن ذلك الدوران من شعور بالتراجع,فلا يمكن ان نقف مكتوفي الايدي ازاء هذا التراجع والتكرار والدوران في حلقات مفرغة ,ليتخلف التعليم العالي في العراق عن مسيرة العالم الذي يتسابق مع الزمن لنجد العراق فيه يقف خارج اسوار حلبة التطور العلمي والارتقاء المعرفي ,وها هي الجامعات العراقية الان خارج منظومة التقييم العالمي للتعليم,بعد ان كانت الى وقت قريب تحتل مراكز متقدمة ,ومع مرور الززمن ستزداد تراكمات هذه المشكلة وتتعقد طرائق حلولها.
من هنا فان مسالة الحاجة الى تغيير القيادات الجامعية تطرح نفسها اليوم بقوة لم يسبق لها مثيل منذ بداية تأسيس الجامعت العراقية الى اليوم فالتعليم العالي في العراق بدأ يؤشر انحداراً خطيراً في جميع مستوياته, وقد تجسدت تلك الحاجة في عدة مفاصل يستلزم الواجب المهني والوطني والاخلاقي ان نقف عندها وقفة موضوعية من اجل تشخيص الاسباب لكي نصل الى المعالجات المطلوبة .
انهذا الامر لن يتحقق الابايجاد قيادات جامعية قادرة على اقتراح مشاريع وتبني برامج ورسم خطط برؤى منفتحة ,بعيدا عن الفساد والترهل في الاداء الاداري الذي لفظته التحولات العلمية المتسارعة ,وعدم القدرة على رسم وبناء الخطط افقد الكثير من مؤسساتنا الجامعية جدوى وجودها,وان كنا قد بدأنا نفقد الامل في بوادر الاصلاح والتغيير على الرغم من وجود شخصية اكاديمية على رأس قيادة الوزارة ,فهو لم يحقق ولم ينجز ما وعد به فحسب بل عمل على تكريس وتعزيز هذا الفساد والترهل والضعف والتراجع عندما اصر على بقاء ذات القيادات التي اوصلت التعليم العالي الى هذا المستوى المتراجع في الاداء الاداري ,وكنا نامل ان تتفاعل اجراءات مثل هذا التغيير الموعود مع طبيعة التحولات العلمية والادارية الحدريثة الت تتعاطى مع تطور الواقع الجامعي في دول المنطقة على الاقل والاستعداد العالي للتعاطي الواعي والمنفتح مع متغيرات المرحلة القادمة ,والتي نرى بانها لن تقوم الا من خلال الاسس والمنطلقات المرتبطة بايجاد قيادات جامعية تمتلك القدرة والمهارة على رسم خطط وبرامج واستراتيجيات محدثة.