خاص : ترجمة – سعد عبد العزيز :
ستحتفل إسرائيل، الخميس المقبل 2 تشرين ثان/نوفمبر 2017، بمناسبة مرور مئة عام على “وعد بلفور” المشئوم، الذي أعطى حقاً لمن لا يستحق. فبموجب ذلك الوعد منحت بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، بناء على المقولة المزيفة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.
وبهذه المناسبة نشرت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية؛ مقالاً للكاتب الإسرائيلي “أفراهام تسيون”، وهو متخصص في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأستاذ في جامعة “أريئيل” الإسرائيلية, حيث طرح الكثير من المزاعم والمفاهيم المغلوطة بهدف التأكيد على حق اليهود في إقامة وطن قومي لهم في كل أرض فلسطين وعدم أحقية العرب في تملك أي جزء منها.
وعد بلفور: الميثاق الأعظم للشعب اليهودي..
يقول “تسيون” إن “وعد بلفور” هو الذي أوجد الحق القانوني والدولي للشعب اليهودي في امتلاك ما يسمى بـ”أرض إسرائيل”. وصحيح أن “تيودور هرتزل” كان أول من عبر عن الطموحات القومية للشعب اليهودي, لكن “وعد بلفور” هو الذي أضفى لأول مرة المشروعية الدولية على هذا الحق, لذا فهو بمثابة الميثاق الأعظم للشعب اليهودي في العصر الحديث.
القدر يخدم اليهود..
يُضيف “تسيون” بأنه في عام 1917, أي بعد 1800 عام من الشتات والضياع, سنحت فرصة للشعب اليهودي لا تتحقق لأي شعب سوى مرة واحدة في التاريخ, وهي وجود رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت “لويد جورج” ووزير خارجيته “بلفور”، اللذين كانا متحمسين لدعم حق اليهود في العودة إلى وطنهم وفق ما نص عليه العهد القديم. ويشاء القدر ألا يتحقق النصر عام 1917 لدول الحلفاء (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا) في حربها ضد دول المحور (ألمانيا والإمبراطورية النمساوية – المجرية وتركيا), مما جعل دول الحلفاء تطلب المساعدة من الشعب اليهودي في استمالة روسيا والولايات المتحدة الأميركية للانضمام إليها.
ومن حُسن حظ الشعب اليهودي أيضاً أن من كان يترأس الاتحاد الصهيوني، في ذلك الوقت، هو شخص بقيمة “حاييم وايزمان” الذي كان مُقرباً من كبار أعضاء المجلس الوزاري البريطاني, فصدر “وعد بلفور”، الذي صادقت عليه القوى العظمي في دول الحلفاء إلى جانب دول أخرى, مما أضفى عليه صفة دولية, حيث لم يُعد مجرد التزام أحادي الجانب من الحكومة البريطانية للاتحاد الصهيوني.
وجدير بالذكر أن فلسطين في فترة الحكم العثماني لم تكن كياناً قائماً بذاته بل كانت جزءاً من سوريا, إلى أن قام البريطانيون بفصلها واعترفوا بها ككيان إقليمي مستقل بهدف جعلها وطناً قومياً للشعب اليهودي.
مؤتمر “سان ريمو” يمنح فلسطين لليهود..
بحسب الكاتب الإسرائيلي، في شهر نيسان/إبريل من عام 1920 عُقد مؤتمر دولي في (سان ريمو)، بمشاركة الدول المنتصرة وحلفائها من أجل تقسيم الشرق الأوسط إلى شعبين وهما: الشعب اليهودي والشعب العربي. حيث تم منح العراق وسوريا ولبنان للشعب العربي، فيما تم منح فلسطين للشعب اليهودي. وكانت القرارات الصادرة عن مؤتمر (سان ريمو) تحمل الصبغة الدولية, فكانت هي الأساس لفرض الانتداب البريطاني على فلسطين، فيما كانت الغاية الوحيدة من ذلك هي إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في تلك الأرض.
وهنا يدعو “تسيون” كل من يسعى لإقامة دولة فلسطينية على جزء من “أرض إسرائيل” ألا يتمادوا في ذلك وأن يفهموا, على أساس قانوني وليس سياسي, بأنهم لا يتنازلون عن مناطق تابعة للشعب الفلسطيني وإنما يفرطون في أرض أجداد الشعب اليهودي وفق القانون الدولي.
لا حق للعرب في فلسطين..
يزعم “تسيون” أن كل من “وعد بلفور” وقرارات مؤتمر “سان ريمو” والانتداب البريطاني, يمنح الشرعية الدولية لحق اليهود في كل شبر من “أرض إسرائيل” بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه عندما بدأ العمل بتلك المواثيق الدولية كانت الغالبية العظمى من الشعب اليهودي تعيش خارج “أرض إسرائيل”؛ ومع ذلك فقد اعترف العالم بحق اليهود في تقرير مصيرهم في تلك الأرض التي كان العرب يمثلون الأغلبة الساحقة فيها. ولم تقم دول العالم بمنح العرب المقيمين في “أرض إسرائيل” أي حقوق سياسية لأن العرب حصلوا بالفعل على حق تقرير المصير في جميع مناطق الشرق الأوسط باستثناء “أرض إسرائيل”, وهذا واضح تماماً في كل المواثيق الدولية سالفة الذكر.
وختاماً يزعم الكاتب الإسرائيلي أن “العرب ومن عاونهم يتجاهلون تماماً هذا الوضع القانوني الواضح, بما في ذلك محكمة العدل الدولية في لاهاي, بالإضافة إلى كثير من اليهود والإسرائيليين, وكأنما التاريخ بدأ فقط منذ عام 1967 وكل ما سبق ذلك كأن لم يكن, علماً بأن حق تقرير المصير بالنسبة للعرب واليهود قد تحدد بالفعل, بل تم الاتفاق عليه واعتماده في أوائل عشرينيات القرن الماضي. لكن الفلسطينيين الذي كانوا في السابق جزء لا يتجزأ من العالم العربي وكانوا ممثلين في مؤتمرات السلام التي عُقدت في “وارسو وباريس ولوزان” ضمن الوفود العربية برئاسة الأمير “فيصل”, يطالبون الآن بحق تقرير المصير وكأن الماضي لا قيمة له”.