محاولة التطاول على الدستور والتمرد والعصيان على الدولة من غير وجه حق والاستيلاء على مدينة في ظروف غير طبيعية وايواء القطعات العسكرية المنسحبة في مرحلة المؤامرة التي جرت احداثها على مدن غرب العراق والاستيلاء على أسلحتهم، من قبَل قوات البيشمركة وما حدث مؤخرا فى مدينة كركوك من قبل حكومة اقليم كردستان بضمها للاقليم واجراء الاستفتاء المخالف للدستور بمنطق فرض الأمر الواقع بالخطابات السياسية المدججة بالتهديدات النارية والتزمت بالقرارات الدكتاتورية والسيطرة والتهديد والبلطجة على الدولة ونشر قوات البيشمركة على حدودها وحدود المناطق المتنازع عليها التي حاولت بعض القوى السياسية في الاقليم ان تبتلعها كلقمة سهلة متجاوزة كل الحدود والمواثيق والقوانين الدستورية . ما هي الا محاولات لصوصية على ثروات ومقدرات الشعب .مشاهد تعود إلى زمن الفوضى وسقوط هيبة الدولة بعد ان انهارت الدولة ومؤسساتها عام 2003 وسيطرت واستوليت البيشمركة على المعدات والاليات واحهزة مؤسسات الدولة وصادرتها وسيطرت على العديد من المناطق بالكامل وتلاشت وانتشرت بلطجة وتكريد المناطق وبسطت نفوذها العسكري والامني والسياسي كما يحدث قبل فترة قصيرة ابان احداث الموصل وخرج من من بعض القيادات والشخصيات الكردية تصرفات وأفعال وجرائم واطماع توسعية وانقلاب على وحدة البلاد والدستور كنا نظن أنها لا يمكن أن تصدر عن قيادة وعن شعب عرف تاريخياً عن تماسكه ووطنيته ونضاله ووحدته للعمق العراقي وشعبه.
وعندما اعلنت الدولة العراقية وشعبها بكل مكوناته ونخبه السياسية ركزت فيها بشدة كل الاطراف الوطنية في العراق بكل مرجعياته الدينية والسياسية والشعبية على استعادة «هيبة الدولة» وفرض دولة القانون. وقد كانت الرغبة فى استعادة هيبة الدولة العراقية وفرض القانون فى مقدمة الأسباب التى دفعت الجيش والقوات الامنية والحشد الشعبي فى تلبية الدعوة الوطنية الصادرة من قبل الحكومة ومنحه تفويضاً باسم الشعب بفرض القانون والقضاء على التمرد والعصيان وبسط قوة وسيطرة الدولة على كافة مناطق العراق بكل قوة وعزيمة واقتدار. ومحاربة الإرهاب والتصدى للعنف المتوقع، وتحرير اخر شبر من العراق الحبيب من دنس الدواعش والمتمردين على سلطة الدولة والقانون .فالشعب العراقي ، ومن خلال خبراته التاريخية وتجربته الحديثة بعد احداث الطائفية واحداث الموصل ، كان يعلم تماماً أن غياب هيبة الدولة يعنى ببساطة الخروج عليها من جماعات وحركات ومنظمات، يعنى انتشار الفوضى فى البلاد، وانتشار ظاهرة المجموعات المسلحة التى تفرض سيطرتها على مناطق من البلاد، تسرق، تسلب، تنهب، وتخطف، بل تعتدى على مؤسسات الدولة ورجالها. غياب دولة القانون يعنى أن كل من يقدر على فعل ما يقوم به، فلا مؤسسات تحاسب، ولا هيئات تراقب، ولا سلطة تنفيذية قادرة على فرض القانون والانضباط فى البلاد. وغياب هيبة الدولة مع تراجع دولة القانون يضع البلاد على أول طريق التقسيم الواقعى قبل القانونى، حيث يجرى تغييب سيادة الدولة على أجزاء من أراضيها، كما حدث بالنسبة لمدن غرب العراق ويمهد الطريق أمام تحول البلد إلى ساحة أو ملعب للقوى الدولية والإقليمية كبيرها وصغيرها، وتتحول البلاد الى فريسة سهلة للسقوط في مستنقع الدم و الحروب والصراعات الداخلية الدموية كما يحدث اليوم في سوريا . فالواجب الشرعي والقانوني والوطتي يتحتم على الدولة ان تبسط نفوذها وقوانينها الصارمة وتفرض هيبة الدولة وفق المنظور الأخلاقي، والوطني، والشرعي . وان لا تساوم على دماء وارض الشعب ومقدراته وثرواته بعد ان تعرضت للكثير من الانكسارات والمؤامرات والفتن . وان ضمان وبقاء دولة موحدة قوية ضمان في وحدة شعب متماسك وقوي قادر على مواجهة تحديات المرحلة الراهنة .
فالمواطن العراقي بمقدوره التعايش مع ظلم الدولة أكثر من العيش فى ظلال دولة بلا هيبة ولا تطبيق للقانون على أراضيها. ومن هنا نحذر من مخاطر تراجع هيبة الدولة بفعل بقايا عناصر زمن الفوضى وغياب القانون، ونطالب بعودة هيبة الدولة العراقية على كافة أراضيها، بما فيها اقليم كردستان وأن تكون دولة عدل ومؤسسات لا دولة أفراد وجماعات، دولة مؤسسات تقوم بدورها الدستورى، ودولة قانون لا تفرط فى حقوقها ولا تتراجع أمام بلطجة وعنف، ولكنها تراعى حقوق مواطنيها، لا سيما الفئات الضعيفة منها التى تحتاج إلى حماية اجتماعية واقتصادية تحصل عليها كحقوق مواطنة لا كهبة ولا منحة خيرية .