خاص: حاورته- سماح عادل
“محمود شاهين” روائي، قاص، فنان تشكيلي، باحث، ناقد، مفكر، ويكتب الشعر كهواية، من مواليد القدس 1946، درس الصحافة في القاهرة، ودرس الأدب العالمي والعربي والأسطورة والعقائد البشرية والفلسفة دراسة خاصة.
أقام “محمود شاهين” خلال سني حياته الفنية ما لا يقل عن ثلاثين معرضا شخصيا في العديد من مدن العالم، منها باريس، وبرلين، وفينا، والقاهرة، ودمشق، والناصرة، والشارقة، وعمان، ووارسو، عدا معرضه الدائم في دمشق لقرابة خمسة عشر عاما، بحيث أصبح له ما لا يقل عن سبعة آلاف لوحة في أكثر من ثمانين بلدا في العالم. وأقام معرضه الشخصي الرابع في عمان منذ أن عاد إليها منذ تموز 2012، في منتدى الرواد الكبار خلال شهري تموز وآب 2016.
مر “شاهين” بأكثر من مدرسة فنية خلال مشواره الفني إلى أن انتهى إلى أساليبه التي تنتمي إليه وحده. وأصبحت تقنيته في الرسم الجداري مميزة جدا، فهو يمارس الرسم والحفر والزخرفة في معظم أعماله المستوحاة من الأساطير والتراث القديم والشعبي الحديث. وتزخر بعض لوحاته الكبيرة بما لا يقل عن أربعة وعشرين تشكيلا مختلفا، فيما يزخر بعضها بقرابة أربعين.
لجأ شاهين إلى الرسم الذي كان هوايته، حين تعثر نشر بعض أعماله الروائية لجرأتها وصداميتها مع الواقع. وقد نشر بعض أعماله التي كانت ممنوعة فيما بعد، ك”غوايات شيطانية، سهرة مع إبليس” وملحمة “الملك لقمان” عن دار نينوى في دمشق.
إلى الحوار..
“كتابات” تكتب القصة والشعر والرواية والنقد والمقالات كما تبدع في الفن التشكيلي.. على ماذا يدل هذا التنوع في الإبداع؟
* يمكن اختصار القول بالإشارة إلى أنني موهوب. لكن يبدو أن القصة أكبر من ذلك، وتتعلق بما تعج به دخيلتي من مشاعر وأحاسيس وأفكار تحتاج إلى أكثر من مجال للتعبير عنها. وثمة ظروف اقتصادية قد تدفع الكاتب لأن يلجأ إلى كتابات وفنون تدر عليه بعض الدخل. كالمقالات للصحافة والرسم الذي استطعت أن أعيش منه بكرامة عكس الكتابة بكل أشكالها.
“كتابات” لك مقالة بعنوان “تحولات الألوهة من الأنوثة إلى الذكورة” حدثنا عن تلك التحولات؟
* الألوهة بدأت مؤنثة لأن الإنسان الأول كان يرى أعجوبة الخلق التي تنتج عنها، وهو ما لا يستطيع فعله كذكر.. فكانت عبادة عشتار وإنانا وعناة وغيرهن.. ودامت فترة الألوهة المؤنثة لما يقرب من 30 ألف عام حسب بعض الباحثين. وبدأ الذكر في استلاب الألوهة من الأنثى شيئا فشيئا لأن الأمر لم يرق له ولا يتناسب مع قوته البدنية.. إلى أن انتهت المعتقدات للألوهة المذكرة.
“كتابات” لماذا تحتل فكرة الدين جزءا كبيرا من إنتاجك الأدبي والفكري؟
* الفكر البشري بدأ بالأسطورة الدينية لفهم الوجود، وحتى اليوم لم يفهم العقل البشري الألوهة والغاية من الوجود، ويتوجب علي أن أجتهد في الفكر نفسه لأضيف لبنة إلى فهم الألوهة والوجود والغاية منه وخاصة وجود الإنسان.
“كتابات” هل لديك شغف بالفلسفة وبالأسطورة ولما؟
* الإجابة السابقة تفي بالغرض. فالفكر الفلسفي في صلب الموضوع إلى جانب الأسطورة والفكر الديني.. ودون فلسفة لا يمكن للعقل أن يرقى وخاصة بالفكر الديني وحده.
“كتابات” لك مقالات في الراوية الفلسطينية ما تقييمك لها وللرواية العربية بشكل عام؟
* الرواية الفلسطينية والعربية بشكل عام قطعت أشواطا مهمة في طريق صعودها إلى العالمية. ثمة روايات عربية أجمل من روايات عالمية كثيرة. إذا كان ثمة أزمة في الرواية العربية فهي تتعلق بالمنهج الفكري الذي تكتب به الروايات.. فالكاتب العربي حتى اليوم غير محدد الأيديولوجية ولا يملك الجرأة لتجاوز المألوف الفكري إلا ما ندر.
“كتابات” هل لجأت للرسم حينما تعثر نشر بعض كتبك.. وهل أشبع الرسم حاجاتك للإبداع؟
* لن يشبعني شيء لا الرسم ولا الأدب ولا أي شيء. طبعا لجأت إلى الرسم لأن روايات لي لم تجد من يجرؤ على نشرها لصداميتها مع الواقع بفكره البائس. الرسم حقق لي الاستقرار المادي.. لكني الآن مشرد في عمان ولا سوق لفني للأسف، وقلق جدا على آخر سنوات عمري وكيف سأمضيها بعد أن تركت بيتا أقرب إلى المتحف في دمشق، يعج باللوحات والمنحوتات والمخطوطات والكتب والمؤلفات والتحف.
“كتابات” في روايتك “أديب في الجنة” تقدم مفهوما عصريا للخالق والخلق والغاية من الوجود.. حدثنا عن ذلك؟
* الوجود مكون من مادة وطاقة ولا شيء غير ذلك، وإذا كان ثمة خالق فهو يتجلى فيهما بأشكال وكائنات مختلفة وطاقة سارية. فالخالق في كل شيء وكل شيء في الخالق. الغاية من الوجود هي إيجاد خلق يرى فيه الخالق نفسه، والغاية من خلق الإنسان هي بناء الحضارة الإنسانية بتحقيق قيم الخير والحق والعدل والجمال والمحبة. أي الإنسان وجد ليكون خالقا ومساهما في عملية الخلق. وهذا ما لم يعرفه الإنسان بعد. وما زال يتخبط في فكر بائس متخلف وغير إنساني.
“كتابات” في روايتك “أديب في الجنة” تسعى لنزع الأسلحة وبناء مجتمع إنساني يقوم على السلام والمحبة.. هل وجود إله واحد للجميع يحقق ذلك؟
* بطل رواية أديب في الجنة (الملك لقمان) هو الشخصية الإنفصامية لمحمود شاهين الروائي، الإله لا يبني حضارة ولا يشق طرقا وجسورا ولا يبني مدنا، وهذه مهمة الإنسان، الخالق مسئول عن الخلق البيولوجي والكوني.
“كتابات” في روايتك “غوايات شيطانية” تعيد نسج التراث في نص يحرض ذهن القارئ على التفكر.. هل هذا ما أردته؟
* أكيد فهذه مهمتي كمفكر وأديب وليس التطبيل لكل ما هو سائد من فكر بدائي وسلطات دكتاتورية متخلفة عقليا!
“كتابات”هل الأدب والفن لديك له غاية..وما هي؟
* أظن أنني أجبت عن ذلك، فلست من أتباع مدرسة الفن للفن بل الفن للحياة ولمستقبل الشعوب والأمم وبناء الحضارة الإنسانية، وتقديم فهم معاصر وحضاري للوجود والغاية منه، بما في ذلك الخالق نفسه، الذي هو عندي محبة مطلقة وخير مطلق وجمال مطلق، وليس لديه جنة ونار، فهو يسمو فوق العذاب، وترك مهمة تحقيق القانون للبشر.
من أعمال محمود شاهين..
1- نار البراءة- قصص- 79.
2- الخطار- قصص- بيروت- 79.
3- الأرض الحرام- رواية- دمشق- 83 ( ترجمت إلى التركية عام 2002).
4- الهجرة إلى الجحيم- رواية- بيروت- 84.
5- الأرض المغتصبة- رواية- دمشق- 89.
6- غوايات شيطانية- رواية ملحمية- نثر وشعر (ترجمت إلى الألمانية عام 99) وصدرت عن دار نينوى في دمشق عام 2008).
7- موتى وقط لوسيان- قصص- وزارة الثقافة الفلسطينية- رام الله- 98
8- رسائل حب إلى ميلينا- عمان.
9- الملك لقمان- ملحمة روائية- جزءان- صدرت عن دار نينوى في دمشق 2009).
10- أبناء الشيطان- رواية قصيرة- عمان 2014.
11- أديب في الجنة- ملحمة روائية فلسفية تكمل ملحمة الملك لقمان- حيفا أب 2017.
