18 نوفمبر، 2024 1:17 ص
Search
Close this search box.

نظرة الى قرار مجلس النواب العراقي بالإقرار بحقوق التركمان واعتبارهم القومية الثالثة الرئيسية في العراق

نظرة الى قرار مجلس النواب العراقي بالإقرار بحقوق التركمان واعتبارهم القومية الثالثة الرئيسية في العراق

عانى التركمان كثيرا منذ قيام الدولة العراقية من انكار وجودهم وتجاهلهم ومن التهميش الذي لاقوه في مختلف العهود السياسية التي مرت بالبلاد. ولذا ترى ان غالبية المؤلفات والمقالات التي تدبّج من قبل الكتاب التركمان يكون موضوعها ايراد الأدلة على انهم موجودون فعلا في العراق وان عدد نفوسهم يبلغ كذا من الارقام. ويتحدث هؤلاء الكتاب بالتفصيل عن المناطق التي يعيش فيها التركمان وعن تاريخهم الحافل في هذه الجغرافيا منذ الف سنة او يزيد، وعن اسهاماتهم في الحضارة والفكر والادب والعلوم. وكل ذلك يأتي كرد فعل كان لا بد منه ازاء هذا التجني والتجاهل غير المبرر اطلاقا[1].
ولم يقتصر هذا التجاهل والتهميش على الحرمان من تولي الوظائف المهمة او المساهمة في تقرير السياسة العامة للبلد، بل تعدى ذلك الى محاولات الصهر القومي والتعريب وما هو أمر وأدهى وهو التهميش والتجاهل الواضحين في الدساتير والتشريعات التي صدرت ابّان العهود االمختلفة في العراق.
فاذا ما استثنينا قانون اللغات المحلية الصادر عام 1921 وتصريح الحكومة العراقية لعام 1932 الذي يعدّ تعهدا من دولة العراق مقدما الى عصبة الأمم (الهيئة التي حلت محلها هيئة الأمم المتحدة الحالية)، وقرار اقرار الحقوق الثقافية للتركمان في عام 1970 والذي صدر كل منها لأسباب ودوافع سياسية لم تكن مصلحة التركمان بينها بأي حال، فاننا نجد كافة الدساتير التي صدرت في العهدين الملكي والجمهوري تتجاهل وجود التركمان كمكوّن أساسي ومهم من مكونات الشعب العراقي. واستمر هذا الحال حتى سقوط نظام صدام واحتلال العراق من قبل القوات الامريكية.
وفي عام 2004 صدر قانون ادارة الدولة للفترة الانتقالية، وتلاه الدستور الدائم الذي صدر في عام 2005 والذي اعتبر نافذا اعتبارا من العشرين من شهر مايس لعام 2006 الذي تطرّق في ديباجته ولأول مرة في تاريخ دولة العراق الى التركمان وما لاقوه من مآسي في العهود السابقة، والذي اعترف في مادته الثالثة بكون العراق “بلدا متعدد القوميات والأديان والمذاهب”، اضافة الى بعض الحقوق التي اقرها للشعب التركماني مثل حقهم في تعليم ابنائهم باللغة التركمانية[2]، واعتبار هذه اللغة لغة رسمية في الوحدات الادارية التي يشكلون فيها كثافة سكانية، ولزوم مراعاة تمثيل كافة مكونات الشعب في مجلس النواب.
على ان الدستور نص في مادته الخامسة والعشرين بعد المائة على مبدأ هام يمكن ان يعتبر أساسا للاعتراف بوجود التركمان في العراق من جهة، وضمانا دستوريا لحقوقهم التي يجب ان يتمتعوا بها ضمن العراق الموحّد شأنهم شأن سائر مكونات الشعب العراقي من جهة اخرى. فقد نصت المادة 125 المذكورة على انه “يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان والكلدان والاشوريين وسائر المكونات الاخرى، وينظم ذلك بقانون”.ويعتبر هذا النص خطوة تشريعية هامة جدا اعتبرت في وقتها اول بادرة من المشرع العراقي للاعتراف بوجود التركمان وكيانهم اولا وضمانا دستوريا لحقوقهم ثانيا.
وخلال الخمس سنوات التي تلت نفاذ الدستور العراقي الدائم الذي نوّهنا به اعلاه، تحقق شئ يسير من هذه الحقوق تمثّل في خوض التركمان الانتخابات النيابية كقائمة مستقلة حينا وضمن قوائم معينة احيانا اخرى، الأمر الذي فسح المجال لدخول نواب تركمان الى البرلمان العراقي وايصال صوت هذا المكوّن من على أعلى وأهم منبر سياسي في البلاد وهو مجلس النواب العراقي. ويمكننا ان نضيف فتح المدارس التركمانية الأساسية والشاملة في جميع المناطق التركمانية وعلى رأسها مدينة كركوك، وتأسيس فضائية تركمانية وتلفزيون ودار اذاعة محليين واصدار صحف ومجلات باللغة التركية، الى قائمة هذه المكاسب التي تحققت خلال تلك الفترة.
وخلال السنتين الماضيتين صدرت عدة قوانين وقرارات تصب في خانة الاقرار للمكون التركماني بحقوق معينة او تعويضهم عما نالهم في الماضي من تهميش وتشريد وتجاهل
، منها قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي حدد مدلول “الكثافة السكانية” الوارد في المادة الرابعة – رابعا من الدستور العراقي، وقانون انتخاب مجالس المحافظات الذي نص على ضوابط معينة تحول دون النيل من حقوق المكون التركماني في مدينة كركوك بالأخص، وقرار مجلس محافظة كركوك بانتخاب تركماني رئيسا للمجلس، وقانون الميزانية لعام 2012 الذي نص على تخصيص مبالغ لإعمار المناطق التركمانية، وقانون وزارة التربية الذي نص على تأسيس المديرية العامة للدراسة التركمانية.
على ان الغريب انه كلما نال المكون التركماني حقوقا سياسية او تعليمية او ثقافية، كلما صاحب ذلك غمطا لحقوقهم من الناحية العملية من حيث عدم اعادة اراضيهم واملاكهم المغتصبة منهم في العهود البائدة مع اغتصاب المزيد منها في العهد الجديد، اضافة الى حوادث القتل والاعتقال والخطف لطلب الفدية وتفجير اماكن العمل والدور السكنية والضغط على ارباب العمل لغلق مؤسساتهم الصناعية واجبارهم على الهجرة القسرية تحت طائلة الاخطار المحيطة بحياتهم وحياة عوائلهم وممتلكاتهم.
كيف صدر قرار اقرار حقوق التركمان
قام الأعضاء التركمان في مجلس النواب العراقي بجهود كبيرة اثمرت عن التوقيع على طلب يحمل تواقيع 74 نائبا في مجلس النواب بالموافقة على تشكيل لجنة لدراسة الوضع القانوني للمكون التركماني وتحديد ما لحقهم من غبن تمهيدا لمناقشة ذلك في جلسة استثنائية تخصص لمناقشة القضية التركمانية بما فيها الخلفيةالتاريخية والأهداف السياسية والحلول الممكنة لهذه القضية والمطاليب الأساسية التي من شأنها إزالة العقبات القانونية إمام إحقاق الحقوق التركمانية السياسية والإدارية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وخدمات البنية التحتية. وخصص مجلس النواب العراقي جلسة يوم السبت الموافق 21 / 04 / 2012 ، لتسليط الضوء عللى الجوانب المحيطة بالقضايا التركمانية العالقة منذ أزمنة طويلة تمتد إلى بدايات تأسيس الدولة العراقية.
تقرير لجنة دراسة قضية حقوق التركمان
شكل مجلس النواب العراقي لجنة تتكون من اعضاء في اللجان الاتية : لجنة حقوق الإنسان، اللجنة القانونية، لجنة الأمن والدفاع، لجنة المصالحة. ودرست اللجنة القضية دراسة مستفيضة توّجت بإعداد تقرير مفصل تم تقديمه الى رئاسة مجلس النواب.
واشار التقرير الى ان تاريخ الدولة العراقية حافل بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ولحقوق القوميات إلى حد الجرائم ضد الإنسانية كالإبادة الجماعية والتطهير الطائفي والعرقي، وان المواطنين التركمان تعرضوا كباقي أبناء الشعب العراقي إلى مختلف صنوف القمع وأنواع الاضطهاد في عهد النظام السابق وبلغ عدد المحكومين بالإعدام بالآلاف، وحرموا من ابسط حقوق المواطنة ومن حقوق الإنسان الأساسية ومنها حق الانتماء القومي حيث أرغموا على التخلي عن انتمائهم القومي  واستبدالها بقوميات أخرى. كما تم حرمان المواطنين التركمان من ابسط حقوق المواطنة  التي منها استعمال لغتهم وحق التعليم بهذه اللغة ، وتغيير أسماء المناطق والأحياء التركمانية بدأ من تلعفر إلى مندلي، ومنع حق مزاولة العمل الحر والتجارة لكسب العيش، وحرمانهم من امتلاك وتشييد الدور السكنية والمحلات التجارية والتعيين في دوائر الدولة في المناطق التركمانية.
واورد التقرير بعضا من ممارسات التهميش والتمييز العنصري، مثل تطبيق سياسة التعريب، ومصادرة اراضي ودور المواطنين التركمان، والتهجير القسري، وارغام العشائر التركمانية على تغيير اصولها وعلى الانتساب الى عشائر عربية، وإطفاء الأراضي الزراعية العائدة للمواطنين التركمان في منطقة داقوق وتازة وليلان وبشير ويايجي وكومبتلر والتون كوبري وطوزخورماتو، واستملاك قرية القاضية ونبي يونس في الموصل، ومحاولة إلغاء الهوية الثقافية التركمانية من خلال طمس الفنون والآداب والفلكلور التركماني.
ولخص التقرير مطاليب التركمان بما يلي:
–         الإقراربـ “ان التركمان هم القومية الثالثة في العراق” ومنح التركمان كافة الحقوق الدستورية والقانونية وما يترتب على ذلك من تشريع قوانين، لتمكينهم من ممارسة حقوقهم الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية والمشاركة في تولي المسؤولية العامة، وتشكيل هيئة عليا لشؤون التركمان ليتمكن من تلبية احتياجات المواطنين التركمان.
–         التمثيل الحقيقي للتركمان في المحافظات التي يتواجدون فيها وضمان استرجاع حقوقهم الحالية والمسلوبة وتشريع قانون يمكّن التركمان والمكونات الأخرى من ممارسة حقوقهم من خلال الإدارات المحلية.
–         تحقيق التوازن الوطني في وزارات الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية والهيئات المستقلة وفي الوزارات ورئاسة الوزراء.
–         حل مسألة نزاعات الملكية (المطفاءة – المصادرة – المستملكة) وإرجاعها إلى أصحابها الأصليين .
–         منَع تنفيذ أية قرارات او اتخاذ اية أجرأت  لتغيير البنية الأثنية  في المناطق التي يسكنها المكون التركماني، وحمايتهم من أي نشاط يضر أو يحتمل أن يضر باستمرار وجودهم ويخل بممارسة حقوقهم وحرياتهم.
 
–         إعادة فتح الإذاعة والقناة التلفزيونية التركمانية الحكومية.
 
–         ان يكون لأبناء القومية التركمانية الحق في استخدام لغتهم والكتابة بالأحرف التي تناسب لغتهم  وبحرية على المستوى العام والخاص .
–         دمج المقاتلين التركمان قبل 2003 الذين كانوا في المعارضة الوطنية أسوة بالميلشيات الأخرى في الأجهزة الأمنية.
–         منح مقاعد للطلبة التركمان في الكلية العسكرية  وكلية الشرطة، ومنح مقاعد للطلبة التركمان في البعثات الدراسية . 
–         حماية المواطنين التركمان من الاستهداف الممنهج من قبل المجاميع الإرهابية وما يتطلب ذلك من تعزيز الأجهزة الأمنية في المناطق التركمانية للحفاظ على النسيج العراقي.
اجتماع مجلس النواب لدراسة التقرير
عقد مجلس النواب جلسته السابعة والثلاثين بتاريخ الحادي والعشرين من تموز/ يوليو لعام 2012 والتي خصصها لدراسة التقرير المقدم من اللجنة المؤلفة لغرض دراسة القضية التركمانية. وتمت تلاوة التقرير من قبل النواب التركمان حسن وهب وزالة النفطجي وعباس البياتي ومدركة احمد الشوربجي وارشد الصالحي. وجرى بعد ذلك الاستماع الى اراء ومداخلات النواب الذين بلغ عددهم 39 نائبا من مختلف القوميات والاديان والمذاهب والاتجاهات السياسية والذين اجمعوا كحالة نادرة على تأييد ما ورد في التقرير وأكدوا على مظلومية التركمان وغمط حقوقهم في العهود الماضية وايدوا صدور قرار بالاقرار بالحقوق الواردة في التقرير.
نص قرار المجلس حول اقرار حقوق التركمان
على ضوء التقرير الذي تمت قراءته في مجلس النواب ومداخلات السادة النواب في الجلسة 37 في 21/7 /2012 ، عقد مجلس النواب العراقي جلسة خاصة لمناقشة وضع التركمان في العهد البائد بطلب موقع من قبل 74 نائبا وتمت قراءة التقرير الذي وافقت هيئة الرئاسة على قراءته، وتحدث 39 عضوا من أعضاء مجلس النواب، وبطلب من رئاسة المجلس تم تشكيل لجنة من لجان حقوق الإنسان، والأمن والدفاع، والقانونية والمصالحة، لدراسة التقرير ومداخلات السادة النواب لتقديم توصية الى مجلس النواب لإقرارها. وعليه وبناء على موافقة رئاسة المجلس ومصادقة مجلس النواب صدر قرار مجلس النواب الذي يتضمن ما يلي:
 يؤكد مجلس النواب العراقي إن التركمان تعرضوا في عهد النظام البائد إلى اضطهاد قومي وطائفي وتم إعدام وسجن الآلاف منهم وتعرضوا إلى الترحيل والتهجير ألقسري وتم هدم مدنهم وقراهم وأحيائهم والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم، وتم الاعتراف بالظلم والاضطهاد الذي لحق بالتركمان في مقدمة الدستور. وأكد التقرير والسادة النواب المتحدثون على قضية تأخير منح حقوق التركمان وعلى عدم وجود التوازن في الأجهزة الأمنية وعدم تحقيق التمثيل العادل للمكون التركماني في الدولة وعلى عدم وجود التركمان في المناصب السيادية الهامة. وأشاد السادة النواب المتحدثون على إن التركمان مكون أساسي والقومية الثالثة في العراق ويجب إن ينالوا كافة استحقاقاتهم الدستورية والقانونية وعليه :-
–  يدين مجلس النواب العراقي ماحصل للتركمان من ظلم واضطهاد بسب هويتهم في عهد النظام البائد .
–  يقر مجلس النواب العراقي على ان التركمان مكون اساسي والقومية الثالثة في العراق ويجب ان يتمتع بكافة الحقوق الدستورية والقانونية وتشريع ما يترتب على ذلك من قوانين لتمكينهم من ممارسة حقوقهم الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية والمشاركة في الحكومة الاتحادية وفي الهيئات المستقلة وفي الإدارات المحلية وفي الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وتشكيل هيئة عليا لشؤون التركمان ومنحها تخصيصات مالية من الميزانية الاتحادية ليتمكن من النهوض بالواقع التركماني وتلبية احتياجات المواطنين التركمان وأعمار القرى والقصبات التركمانية وتأسيس المؤسسات الثقافية والتعليمية والاجتماعية والتأهيلية. ومن اجل ذالك يشرع مجلس النواب قانون حقوق التركمان حسب المواد 3 و 4 (رابعا وخامسا) و المادة التاسعة (أولا أ) والمادة 125 والمادة 108والمادة 116 من الدستور العراقي.
–  تمثيل التركمان في المحافظات التي يتواجدون فيها وحسب حجمهم الحقيقي وضمان استرجاع حقوقهم الحالية والمسلوبة وتشريع قانون يمكّن التركمان والمكونات الأخرى من ممارسة حقوقهم من خلال الإدارات المحلية.
– تحقيق التوازن الوطني في وزارات الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية والهيئات المستقلة وفي الوزارات ورئاسة الوزراء، بما يحقق التمثيل العادل للتركمان والمكونات الأخرى في هذه المؤسسات.
–  حل مسألة النزاعات الملكية (المطفاءة – المصادرة – المستملكة، وغير المشمولة بقانون الإصلاح الزراعي) وإرجاعها إلى أصحابها الأصليين وتعويض المستفيدين الحاليين.
–  تفعيل المصالحة بين أبناء تلعفر وإزالة أثار الإرهاب والعمليات العسكرية وتعويض المتضررين جراء الإرهاب والعمليات العسكرية وتطبيع الأوضاع في المدينة ورصد ميزانية خاصة للمدينة من اجل إمكانها من النهوض بواقعها ولإحداث إصلاحات إدارية بما يتلاءم مع الوضع الخاص للمدينة وتشجيع الاستثمار. –  منَع تنفيذ أية قرارات او اتخاذ اية أجرأت لتغيير البنية الأثنية في المناطق التي يسكنها المكون التركماني، وحمايتهم من أي نشاط يضر أو محتمل أن يضر باستمرار وجودهم ويخل بممارسة حقوقهم وحرياتهم.
 -إعادة فتح الإذاعة والقناة التلفزيونية التركمانية الحكومية.
 – لأبناء القومية التركمانية الحق في استخدام لغتهم والكتابة بالأحرف التي تناسب لغتهم وبحرية على المستوى العام والخاص، والعمل على تنفيذ المواد الدستورية.
–  دمج المقاتلين التركمان قبل 2003 الذين كانوا في المعارضة الوطنية أسوة بالذين تم دمجهم في الأجهزة الأمنية في الأعوام السابقة اواحالتهم الى التقاعد وتعويضهم جراء الغبن الذي لحق بهم خلال السنوات الماضية.
–  منح مقاعد للطلبة التركمان في الكليات العسكرية والشرطة.
–  منح مقاعد للطلبة التركمان في البعثات الدراسية.
– حماية المواطنين التركمان من الاستهداف الممنهج من قبل المجاميع الإرهابية، ويتطلب ذالك تعزيز الأجهزة الأمنية في المناطق التركمانية للحفاظ على النسيج العراقي من خلال تشكيل وحدات شرطة اتحادية جديدة في جنوب كركوك وطوزخورماتو وديالى وتلعفر.
وقد ورد في الفقرة سادسا من “قرارات وتوصيات الجلسة رقم (9) المنعقدة في 28 تموز 2012 ما يلي:
(سادسا: تم التصويت بالموافقة على تقرير حول وضع ومطاليب التركمان).
تقييم قرار مجلس النواب على ضوء احكام الدستور العراقي
لا شك ان القرار الذي صدر من مجلس النواب يعتبر نقلة نوعية على جانب كبير من الاهمية من حيث نظرة الدولة الى هذا المكون المهم الذي كان يعاني من تجاهل متعمد سواء على نطاق الدساتير والتشريعات الصادرة، او في مجال التطبيق العملي لتعامل سلطات الدولة مع ذلك المكون. بل ان هذا القرار يعتبر اوسع واشمل واكثر قوة حتى من تصريح الدولة العراقية المقدم الى عصبة الأمم في عام 1932. فلأول مرة في تاريخ الدولة العراقية نجد ان اهم سلطة تجمع في يدها عملية التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية، واعني بها مجلس النواب العراقي يفتح صدره للشعب التركماني وللمواطنين التركمان ويقرر بكل صراحة ووضوح ببديهية كانت محل تجاهل قبل ذلك وهي “ان التركمان مكوّن أساسي من مكونات الشعب العراقي، وانه القومية الثالثة في العراق”،  لينتهي والى الأبد وصف هذا المكون الرئيسي بـ “الأقلية”. ويمكننا ان نقول ان الدولة – ممثلة بسلطتها التشريعية – قد تصالحت مع المكوّن التركماني العراقي ومدت يدها واحتضنته واقرت له بحقوقه. وهذه خطوة مهمة جدا لترسيخ الشعور بالمواطنة في نفس الانسان التركماني وتعلقه بتراب وطنه العراق، لكي يزول والى الأبد شعور هذه الشريحة بأنهم “غرباء في وطنهم”[3].
 وبالرجوع الى بنود ما اقر به المجلس الوطني من حقوق للتركمان، نجد انها تضمنت حقوقا سياسية وادارية وثقافية وتعليمية يحتاج تفعيل القسم الأكبر منها الى اصدار قانون يضمن تطبيقها من قبل السلطة التنفيذية. ذلك لأن هذا القرار – على الرغم من اهميته وحصوله على تأييد جميع الكتل السياسية والقومية والمذهبية – فانه لا يرقى الى مرتبة “القانون” الواجب التنفيذ من قبل السلطة التنفيذية، والمعلوم ان اي تشريع (بمعنى قانون) تكون له صيغة معينة وديباجة واسباب موجبة ويكون له رقم تسلسل وينشر في الجريدة الرسمية، وهذا ما لم يتحقق في هذا القرار، بل ان القرار نفسه اشار في صلبه الى ان “التركمان مكون اساسي والقومية الثالثة في العراق ويجب ان يتمتع بكافة الحقوق الدستورية والقانونية وتشريع ما يترتب على ذلك من قوانين لتمكينهم من ممارسة حقوقهم … الخ”.
نخلص من ذلك الى ان من واجب مجلس النواب بعد ان اصدر هذا القرار المهم الذي يعتبر تعهدا من المجلس امام الجماهير التركمانية من الناحية الأدبية على الاقل، ان يبادر الى اصدار هذا القانون بأسرع وقت وذلك بتفعيل الفقرة ثانيا من المادة (60) من الدستور العراقي. وكذلك فان على النواب التركمان في المجلس ان يسرعوا بالاتفاق على مشروع قانون يمكن تسميته بـ ” قانون اقرار حقوق التركمان” او اية تسمية اخرى يرونها مناسبة، وان يقدموا المشروع الى هيئة رئاسة المجلس موقعا من قبل عشرة اعضاء في المجلس على الأقل كـ “مقترح قانون” تفعيلا للفقرة المشار اليها اعلاه من الدستور.
ولنا ان نقول في النهاية ان مجلس النواب العراقي ألزم نفسه الزاما لا رجعة فيه باصدار قانون يتضمن جميع الحقوق الواردة في قراره المنوه به اعلاه، وان الكتل السياسية الممثلة في المجلس سوف تساند اصدار هذا القانون بعد التاييد الشامل للحقوق التركمانية الذي ورد على لسان 39 نائبا تحدثوا في الجلسة التي نوقش فيها تقرير اللجنة وايدوا مشكورين ما جاء في التقرير جملة وتفصيلا ثم ايده المجلس بالتصويت عليه بالموافقة.
ولنا في قول الزعيم الهندي “غاندي” الف عبرة حينما يقول موجها كلامه الى الشعب الهندي المستعبد :
“في البداية سيتجاهلونك، ثم يضحكون عليك، ثم يستصغرونك، ثم يحاربونك، واخيرا ستنتصر”!
* نشر هذا المقال في مجلة KARDEŞLİK (الأخاء) الصادرة في استانبول – العدد 55
——–
[1] – انظر كأمثلة على هذه المؤلفات: صبحي ساعتجي، Tarihi Gelişim İçinde Irak’ta Türk Varlığı ، استانبول 1990 ، ماهر النقيب، كركوك وهويتها القومية والثقافية، ترجمت من اللغة التركية من قبل حبيب الهرمزي، استانبول – 2008 ، ارشد الهرمزي، حقيقة الوجود التركماني في العراق، الطبعة الثانية 2005 ، شاكر صابر الضابط، موجز تاريخ التركمان في العراق، بغداد 1960، عطا ترزي باشي، تاريخ الطباعة والصحافة في كركوك، ترجمت الى العربية من قبل مولود طه قاياجي، كركوك 2008، ، موفق سلمان كركوكلي، Brief history of Iraqı Turkmen، دبلن 2004.
[2]- الواقع ان تعبير “اللغة التركمانية” غير صحيح علميا وواقعيا. ذلك لأن “التركمانية” التي يتحدث بها تركمان العراق في جميع مناطق سكناهم من تلعفر والى مندلي والعزيزية، انما هي احدى اللهجات المحلية التركية، شأنها في ذلك شأن اللهجات التركية التي يستعملها الاذربايجانيون او القيرغيزيون او القازاق او اتراك قبرص واليونان، ومثلها في ذلك مثل اللهجات العراقية اوالمصرية اوالسورية او السعودية، والتي كلها هي لهجات تتبع “اللغة العربية” الفصحى. فالصحيح اذا القول: ان تركمان العراق يتكلمون باللغة التركية بلهجة تركمانية.
 
[3]- وردت هذه العبارة على لسان تلميذة تركمانية تدافع عن نفسها امام قائد الفرقة الثانية المرحوم ناظم الطبقجلي عن اتهامات وجهتها اليها مديرة مدرستها، اذ اورد المرحوم الطبقجلي عند القائه دفاعه امام محكمة الشعب بان الفتاة التركمانية قالت له :” نحن التركمان يا سيدي غرباء في وطننا واجهشت بالبكاء”. انظر حول ذلك: “مذكرات الطبقجلي وذكريات جاسم مخلص المحامي” ، الطبعة الثانية، مطبعة الزمان في بغداد، 1985 ، ص 101.

 [email protected]

أحدث المقالات