وقف صبى صغير يلوح بيده، وهو على الشاطئ لسفينة كبيره تسير فى البحر، فقال له رجل كان واقفاً بجواره:لا تكن غبياً فلن تغير السفينة مسارها لأنك تشير اليها، ولكن سرعان ما حولت السفينة مسارها، وإقتربت من الشاطئ وركض الطفل، وركب السفينة وعاودت المسير، ثم لوح الصبى للرجل وقال له: أنا لست غبياً لأنك لا تعلم أن قبطان السفينة هو أبى!
إننا نعلم أن الذى يحرك الكون في مساره هو(ربنا)، وأنه يسمع صلاتنا ويعلم سرنا، والشيطان هو الذي يزرع الشك في الاستجابة، والله يسمع ويستجيب لأنه يقول في كتابه الكريم: “إدعوني أستجب لكم” وتقع في هذه المفاهيم قضية الثقة بالباريء عز وجل، وبالتالي الإستفادة الكامنة من إستعدادات الفرد صوب خدمة الناس، وعدم الإستهانة بما يمتلكون من قابليات حتى وإن كان صغيراً.
بالعقل يبدأ الإنسان ببناء مجتمع فاضل، وكلما مزج العلم بالعمل والقول بالفعل كان بناؤه متماسكاً، ثم ماذا يحتاج العراقيون لبناء وطنهم سوى إخلاصهم في العمل، وثقتهم بأنفسهم وتعميق الشعور بمواطنتهم، عندها ستكون السفينة في مأمن عن الأخطار، أما ما يقوم به بعض الأغبياء من محاولات بائسة للتقسيم، وإشاعة التناحر والفرقة بين مكونات الشعب الواحد، فهي كالهباء المنثور، خاصة إذا ما إلتزم العراق قبطان وطني نزيه، فسيعاود العراق المضي قدماً للأمام.
أيتها الأجيال الناشئة في زمن التغيير بعد سقوط الصنم: إمضوا بالجد والعمل حتى تظفروا بما تريدون، وغيروا من مسار سفينة العراق الصابر العظيم، لكن لا تخرقوها من الوسط، كلٌّ منكم يريد النقر في موضعه، ليصنع حدوده الخاصة به متوهماً العزة بمفرده، إنه لتفكير خاطئ أن يعيش الشعب على فتات الخبز، وساسته ينعمون بخيراته، وبما أن لكل زمان أحداثه، وللمكان ميزاته، ولكل وقت قوانينه، لذا إصنعوا حدثكم، وزمنكم، وقانونكم، والعاقبة للمتقين.
المرجعية الدينية الرشيدة في خطبة الجمعة( 29/ محرم الحرام/1439 للهجرة)،الموافق ( 20/ تشرين الأول 2017 للميلاد)،أكدت وما زالت تؤكد على وحدة العراق بعيداً عن الأثنيات والقوميات، والأعراق، والطوائف، والمذاهب، ولكي نقود سفينة العراق الى بر الأمان، لا بد من بلورة عمل جبهة وطنية موحدة على الميدان، تسعى بجهود وطنية صادقة مخلصة، للحفاظ على تراب العراق الغالي، من شماله حتى جنوبه.