ان التأسي بسيد الشهداء (سلام الله عليه) يفتح للمؤمن التأسي الحقيقي بجميع ائمة الهدى (عليهم السلام) وبالتالي بسيدهم النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) لأن في واقعة كربلاء المقدسة تجلت اخلاقياتهم جميعاً (عليهم السلام) ومثلت اهدافهم الساميه جميعاً، ولذلك فان من تترسخ فيه روح النهضة الحسينية والمظلومية الحسينية وروح حمل همهما، انما يكون حاملاً لجميع الاهداف الالهية وساعياً لتحقيقها، ولذلك اصحاب مولانا الامام المهدي (عجل الله فرجه) حسينيون ويحملون شعار «يالثارات الحسين» لأنهم انصار خاتم الاوصياء (عجل الله فرجه) وهو المكلف بتحقيق اهداف جميع الرسالات الالهية
لقد كانت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) كبيرة في معانيها، وعظيمة في دلالاتها، وكفاها عظمة وسمّواً إذ جعلت كلّ ثائر شجاع وعلى مر العصور أن يتمنى أن يكون مع الحسين، وأن يسير على نهج الحسين، ليفوز فوزاً عظيما، فانضوت في مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام) أمم وشخصيات وثوار من خلال الجذوة التي ظلت مستعرة منذ انطلاقها من مكة إلى كربلاء وحتى عصرنا هذا، وأصبح كلّ ثائر يهرع إلى معين هذه الثورة الغنية بكل تراثها المعرفي والإنساني، ليتعلم منها دروساً في التضحية والشهادة والإقدام، وأصبح شعارات كلّ المتطلعين إلى غد حر آمن أمين: (يا لثارات الحسين).
ومن هذه الرؤية العاشورائية كان بحث “الثورة الحسينية” للمحقق الاستاذ الصرخي مستدلًا خلاله على مشروعية الحزن والبكاء وعقد المجالس , وهذا مقتبس من بحثه جاء فيه :
((إنَّ معالجةَ الآفاتِ ورفعَ المساوئ والرذائـلِ يحتـاجُ إلى تظافرِ جهودِ المخلصينَ بمعرفةِ وتعريفِ الناسِ حقيقةَ الحسينِ وحقيقةَ نهضتِه وثورتِه ومركزيتَها وامتدادَها الزمانيَّ والمكانيَّ منذُ بـدءِ الخليقـةِ إلى يـومِ الـدينِ ، فثـورةُ الحسينِ(عليهِ السلامُ ) هي النبضُ والحياةُ لكلِّ ثورةِ حقٍّ وكلِّ كلمةِ حقٍّ تصدرُ من مظلومٍ ومستضعفٍ وهي سيفٌ بوجهِ كـلِّ طاغٍ وظالمٍ، وهي الأنيسُ لكلِّ حـزينٍ ومكـروبٍ، وهـي الأسوةُ لكلِّ معذبٍ ومضطهدٍ ومظلومٍ .
فـالثورةُ الحـسينيةُ شيّدتِ الأساساتِ الصلبةِ المتينةِ العميقةِ التي يـُراد منـها الامتدادُ وأخذُ الثأرِ وتشييدُ وحملُ البناءِ المتكامـلِ لدولـةِ العدلِ الإلهيِّ حتى يتحققَ شعارُ الإمـامِ الحـسينِ “عليهِ السلامُ ” في استقامةِ الدينِ ، والإصلاحِ في أمةِ الإسلامِ العالميِّ الرساليِّ و تهيئةِ الكوادرِ والقواعدِ المستعدةِ كـلَّ الاسـتعدادِ
للتضحيةِ والفداءِ والسيرِ في طريقِ التكـامُلاتِ الفكريـةِ والعاطفيةِ والسلوكيةِ حتى الوصـولِ للمواطنـةِ الواعيـةِ الرساليةِ الصالحةِ لنصرةِ الحقِّ وتحقيـقِ دولتـِه المقدسـةِ والحصولِ على السعادتينِ في الدنيا والآخرةِ.))
هكذا يكون المنطق الشجاع الذي لا يعرف الالتواء والخنوع، وهكذا تكون الشخصية عندما تفيض بنور الله، وهكذا تكون الإرادة فاعلة عندما تستند إلى الإيمان.
لقد كانت رمال كربلاء حاضرة حتى يومنا هذا، وهي تروي للأجيال ملحمة الإمام الحسين (عليه السلام) مع كوكبة من أهله وأصحابه الكرام، الذين استطاعوا أن يخلقوا حياة، ويغيّروا تاريخاً، ويكتبوا بدمائهم الزكية الطاهرة منهجاً.
السلام عليك يا أبا الأحرار والشهداء والثوار يوم ولدتَ ويوم خرجتَ ويوم استشهدتَ ويوم تبعث حيّا.
+++