على من , وعلى ماذا راهن البارزاني؟! عندما تجاهل كل الاعتراضات عراقياً واقليمياً ودولياً والعجيب ان برزاني لم يأخذ العبره من صدام عندما غزى الكويت ورفض كل النصائح , فهو كرر خطا صدام واصر على اجراء استفتاء الانفصال لإعلان دولة كردستان , فرهاناته , لم تكن في محلها وانساق مع طموحاته وغروره فكانت الطامة الكبرى عليه عندما خذله الجميع , شركاءه من حزبي التغير والطالباني واصدقاءه الصهاينة , وامريكا التي بقيت تتفرج عليه , فوقع في الفخ ولم يجد احدا يمد يده له او حتى يسمي عليه .
ان البرزاني ومن خطط معه مشروع الاستفتاء لم يحسبوا جيدا لما قد يحصل داخليا وخارجيا بعد الاستفتاء وذهبت مخيلاتهم بعيدا بان الحكومة المركزية ضعيفة وسترضخ للامر الواقع الذي يفرضوه عليها وان من اعترض على الاستفتاء من الدول الاقليمية والمحيط العربي والدولي سيكون موقفهم مجرد كلام لا فعل , كما انهم نسوا او تناسوا ان وضعهم الداخلي المفكك وليس كما كانت تصوره الماكنة الاعلامية الكل مصطف خلف البرزاني , فحتى التصويت بنعم للاستفتاء , اخذت قسريا وليس طوعا, ولهذا انكشف الزيف المبرقع وبانت الحقيقية بعد الموقف الصلب الرافض للاستفتاء بدء بعض الساسة الكرد بالنزول من مركبه , فقد ادركوا بشكل او باخر في حالة سَيطرت القوّات العراقيّة الاتحاديّة على كركوك والمناطق المتنازع عليها، سيلغي الاستفتاء ونتائجه عَمليًّا , لهذا اصبح ليس خافيا على احد أن حزبي الاتحاد والتغيير يعدان برنامجاً خاصاً يتضمن المطالبة بإعلان حكومة إنقاذ في الإقليم، وتسمية رئيس إقليم جديد بدلاً عن مسعود البارزاني للتفاوض مع بغداد …لناخذ بعض تصريحات الساسة الكرد الذي يعكس الازمة الداخلية والمفترض ان يحسبها البرزاني قبل الاستفتاء , فالنائبة الاء طالباني قالت : بارزاني وحزبه سرقوا النفط ولا نعلم اين تذهب أمواله؟! ولاهور طالباني قال : لن ندفع أبنائنا للموت من أجل كرسي بارزاني, والجماعة الاسلامية الكردستانية اصدرت بيانا وصفت فيه استفتاء الانفصال خطأ وافقد الكرد اصدقائهم , والسياسي ملا بختيار صرح ان الاقليم مهدد بـ”حرب داخلية , ورئيس برلمان إقليم كردستان دعا بارزاني إلى تقديم استقالته وخاطبه قائلا عليك الاعتراف بالفشل وترك شعبنا يقرر مصيره بنفسه، وليس أن تحدده أنت بحسب رغبتك’ , والنائبة سروة عبد الواحد قالت على البرزاني الاستقالة بعد الهزيمة كما فعل عبد الناصر بعد نكسة 1967, والاغرب من هذا كله ان محمود عثمان السياسي الكردي المخضرم وصهر البرزاني الكبير قال : إدارة العبادي للازمة أصابت بارزاني بهستيريا , وان العبادي ذبح البرزاني بسكين ناعم , وهذا تلميح واضح واشادة بالعبادي ونقد مبطن لسياسة للبرزاني وسوء تقديره , اذن الخلافات الكردية الداخلية هي من قضت علي حلم الدولة الكردية وسلمت كركوك للسلطة المركزية , فعلى اقل تقدير ان الاستفتاء كان غير موفق حتى في توقيته , فلماذا هذا الاصرار على الاستفتاء في وقت لازالت صفحة داعش لم تنطوي بالكامل وبذلك تكون خطوة البرزاني اشبه بطلب شاب من والده الزواج اثناء مناسبة تعزية بوفاة شقيقه!!.
لنعرض نتائج الاستفتاء المشؤوم على الكرد وعلى البرزاني نفسه , فإقليم كردستان العراق كان مُوحّدًا بالظاهر وبالاعلام خَلف حُكومة البرزاني حتى يوم إجراء الاستفتاء، ولكنّه بعده انقسم السياسيون حوله بين مؤيد ومعارض واعلنت الحرب الكلامية بينهم ووصل الامر الى الاتهامات بالسرقة والفساد بل بالخيانة والتامر , وقبل الاستفتاء كانت كركوك ونفطها وبعض المناطق المتنازع عليها تحت قبضة حزب البرزاني , اضافة للمنافذ الحدودية والمطارات الدولية وحتى تجارة الذهب , وبعد الاستفتاء عادت كركوك ، وعاد نفطها وغازها ، وتسلمت الحكومة المكزية المطارات والمنافذ الحدودية، وتوحد العراقيون في كركوك من جديد …رجعت “كركوك” بلمح البصر ، واصبحت البيشمركة خبر كانولا تتعدى ظاهرة صوتية ، أمام عزيمة الجيش العراقي والحشد الشعبي , وبدلا من ان يصبح البارزاني مؤسس لأول دولة كردية ، بات مستقبله السياسي، ومن ورائه أسرته ذات المكانة التاريخية في النضال لأجل القضية الكردية، مهدّدة من قبل قوى كردية منافسة له ومستعدة للانقضاض عليه وانتزاع السلطة من يده التي بالغ في احتكارها’…حقا البرزاني خسر كل شيء ربما حتى راتبه الوظيفي بمبلغ 400000$ شهريا (ثاني راتب حاكم في العالم )والان هو يعيش مع خطأه منفرداً، وهذا يعني بالمفهوم السياسي الانتحار والعزلة السياسية وسيطوي التاريخ صفحة البرزاني البالية وسيكون في طي النسيان ، ولن ينفصل الاكراد لا بالعراق ولا بسوريا ولا بتركيا ولابإيران ، لان امريكا حاليا لا تريد هذا المشروع ولا تدعمه , بقي شيء اخير قد يلعب البرزاني بالنار من جديد ويستخدم البيشمركته من حزبه واسرى الدواعش الذين سلموا انفسهم له في ورقة جديدة لاستئناف اعمال ارهابية ضد الجيش والقوات الامنية عند ذلك سيجد في ليلة وضحاها في اربيل ودهوك .