افرزت السنوات الثلاثه الماضية من عمر الحكومة العراقية مخرجات ايجابية كثيره ابرزها وأد الفتنة الطائفية ، وتحرير الاراضي ،والتعامل مع الازمة الكرديه بتروي وهدوء ليتحقق النجاح في كركوك ..
لقد تعود العراقيين طيلة السنوات الماضية قبل عام 2014 على ان القائد يكون متسرعا في اتخاذ القرار او يتصرف بروعونه اوقعت العراق بمشاكل كثيره ما نزال نتحمل اوزارها ونعيش ويلاتها فدخول الكويت مثلا او حرب ايران وغيرها ما هي الا دلائل على خطأ قرارات القاده ، وبعد 2003 لم تكن حكومات العراق بمعزل ايضا عن التصرفات الهوجاء فقد ارتكب القادة عدة اخطأء منها الابتعاد عن المحيط العربي ، واذكاء الطائفية ناهيك عن تفشي الفساد لتتكلل المسيرة بفاجعة سقوط المحافظات بيد تنظيم داعش و ليصبح الوطن على حافة الهاويه .
لا نريد ان نتحدث عن اخطاء صدام او المالكي بل وحتى الجعفري وعلاوي بقدر ما يهمنا تشخصي حالة جديدة ظهرت بعد 2014 وربما تكون انعطافه كبرى في اداء الحكومات العراقية وتتمثل بان قائد الحكومة يتميز بهدء وحنكة سياسية وذكاء مفرط مكنه من قيادة البلد نحو بر الامان تقريبا .
وللتاريخ لم اكن ذات يوم من مناصري السيد العبادي قبل عامين تقريبا ولكن متابعاتي لتعامله مع الازمات التي واجهت حكومته طيلة الاعوام السابقه جعلتنا نعيد النظر بالنظرة التي رسمت سابقا ، فالرجل اثبت بانه شجاع بحكمة وليس برعونه كما كان يفعل صدام او حتى المالكي الذي يتحمل جزء كبيرا من اخطاء ارتكبت في ولايتاه .
فابو يسر يدرك تماما بان مفتاح الحل في الازمات هو الهدوء وعدم التسرع باتخاذ القرارات الارتجاليه والعشوائية كما انه يعرف ماذا يفعل والى اين يريد ان يصل ..؟ وهذه وحدها ميزة مكنته من سحق تمرد البرزاني وعصاباته الانفصالية فالعبادي تعامل بذكاء ودهاء سياسي ، فهو اقنع الكرد في بداية الامر على خوض المعارك تحت اشرافه من اجل طرد الدواعش من المحافظات التي استولو عليها الارهابيين ، وفعلا كان له ما اراد في معارك تحرير الموصل ثم اعاد ابو يسر لتصفية الحسابات مع اربيل ، وهنا ايضا تعامل بحكمة كبيرة حيث فضح اولا سياسية عائلة برزاني من خلال مصارحة الشعب العراق عموما والكرد على وجه الخصوص عن ايرادات النفط وكشف ارقام عن كميات النفط المصدر وكيف انه يسرق لصالح شركات تابعة لعائلة رئيس الاقليم المنتهية ولايته .
تلك الاحاديث الصريحة للعبادي حولت الراي العام في السليمانيه لصالح بغداد ووضعت اسفين بين الحزبين الكردين ليضمن في النهاية موقف مؤيد من جماعة طلباني وشاهدنا كيف انهم لم يعارضوا او يقاموا دخول القطعات العسكرية الى كركوك .
لم يكن ابو يسر ببعيد عن فكرة محاصرة رئيس الاقليم واستخدام خيارات القوة لاحباط اكبر مخطط اسرائيلي لتقسيم العراق فنهض العبادي وتوجه صوب فرنسا وقبلها الى الولايات المتحدة ثم فتح خطوطا مع طهران وانقره وحتى الرياض ، ليتكمن في النهاية من فرض سيطرة الحكومة الاتحادية على كركوك ولتكون بداية موفقة نحو تحديد اطر العلاقة بين اربيل وبغداد .
لم تتعرض القضية الكردية الى انتكاسة في العصر الحديث سوى على يد حكومة العبادي ففي حقيقة الامر انهزمت سياسيا في قضية رفض الاستفتاء ثم انهزمت عسكريا بدخول القطعات الى كركوك وخانقين وكل المناطق الاخرى التي استولت عليها البيشمركة بطريقة ملتوية بعد عام 2014 .
لم يلجأ العبادي الى ابرام الصفقات مع برزاني كما فعل الاخرين في عام 2010 بخيمة اربيل وانما اوقف طموحه عند حده كما يقول المثل الشعبي ، فعندما احتاج الامر الى تدخل عسكري اتخذ ابو يسر القرار بكل شجاعه وبسالة واقدام مؤطرا ذلك بحكمة سياسية جعلت من برزاني وحيدا فريدا لا يفكر سوى بالهروب .
انه حكيم في زمن الفوضى التي يعيشها العراق .