خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعدما طالب الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” بفرض مزيد من العقوبات على “الحرس الثوري” الإيراني، عندما أعلن استراتيجيته الجديدة تجاه الاتفاق النووي الإيراني، دون أن يصنفه كمنظمة إرهابية أثناء خطابه، بدأت واشنطن تتحرك في اتجاه بحث الخطط مع حلفاؤها لفرض عقوبات على إيران.
وزير الخزانة الأميركي “ستيف منوتشين” أعلن، الأحد 14 تشرين أول/أكتوبر 2017، إنه يعتزم فرض عقوبات جديدة على “الحرس الثوري” الإيراني في إطار هجوم دبلوماسي أميركي ضد إيران، مضيفاً أنه بحث الخطط الأميركية مع نظرائه في العالم خلال أحدث اجتماعات للبنك وصندوق النقد الدوليين.
معلناً “منوتشين” عن إجراؤه محادثات مباشرة جداً مع نظرائه بشأن “ما نسعى للقيام به تجاه إيران”.
لدعمه “فيلق القدس”..
بالفعل أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية (أوفاك)، “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة العقوبات، وفقاً للأمر التنفيذي العالمي للإرهاب رقم 13224، وتمشياً مع قانون “مكافحة أعداء أميركا عبر العقوبات”. وهذا التصنيف يعود لدعمه أنشطة “فيلق القدس” الإيراني، المدرج على القائمة منذ 2007، نظراً لتقديمه الدعم لمنظمات إرهابية، منها “حزب الله” و”طالبان”.
التجميد المالي لـ”الحرس الثوري”..
يهدف هذا الإجراء إلى عرقلة الشبكات المالية لـ”الحرس الثوري”، ويجمد أي أصول مرتبطة به، ويحظر على الكيانات التجارية الأميركية أي علاقة معه، ويعرقل الوصول للنظام المصرفي الأميركي.
وقال وزير الخزانة: إن “الحرس الثوري لعب دوراً مركزياً في تحول إيران إلى الدولة الأولى في دعم الإرهاب. وإن سعي إيران للقوة يأتي على حساب الاستقرار الإقليمي، وإن وزارة الخزانة ستستمر في استخدام سلطاتها لعرقلة الأنشطة المدمرة للحرس الثوري”.
مضيفاً: “نحن ندرج الحرس الثوري على قائمة العقوبات لتقديمه الدعم لفيلق القدس، وهو الكيان الإيراني الرئيس الذي يمكن لحملة العنف الوحشية المستمرة للرئيس السوري بشار الأسد ضد شعبه، وكذلك الأنشطة الفتاكة لحزب الله وغيره من المنظمات الإرهابية”.
وقدم “الحرس الثوري” دعماً مادياً لـ”فيلق القدس”، بما في ذلك التدريب والأفراد والمعدات العسكرية. ودرب عناصره في إيران قبل إرسالهم إلى سوريا، وأرسل ما لا يقل عن مئات الأفراد من قواته البرية التقليدية لسوريا دعماً لعمليات الفيلق.
دعمه عسكرياً..
بالإضافة إلى ذلك، جند ودرب وسهل “الحرس الثوري” سفر الأفغان والباكستانيين لسوريا والقتال جنباً إلى جنب معه. وعمل أيضاً على نقل المعدات العسكرية إلى سوريا. واستخدم القواعد والمطارات المدنية في إيران لنقل المعدات العسكرية للعراق وسوريا لمصلحة “فيلق القدس”.
إدراج 4 كيانات تدعمه في قائمة العقوبات، كما أدرج مكتب “أوفاك” على قائمة العقوبات 3 كيانات في إيران ورابعاً في الصين، لدعمها “الحرس الثوري”، هي:
– منشآت صناعات “شهيد علم الهدى”، لامتلاكها أو التحكم بها من قبل مجموعة الصناعات الدفاعية البحرية الصاروخية الإيرانية.
– شركة الصناعات الهندسية “راستافان”، التي قدمت أنظمة رادار ومعدات اتصالات للحرس الثوري.
– شركة “فاناومي”، وهي الشركة الأم لـ”راستافان”، التي صممت مكونات لأنظمة الصواريخ العسكرية الإيرانية.
– شركة “ووهان سانغيانغ” للاستيراد والتصدير ومركزها الصين، وقدمت دعماً لمؤسسة صناعات “شيراز” الإلكترونية.
المعارضة الإيرانية ترحب..
رحبت زعيمة المعارضة الإيرانية في الخارج، “مريم رغوي”، بإستراتيجية الولايات المتحدة الجديدة تجاه إيران، وخصوصاً فيما يتعلق بقوات “الحرس الثوري”، وقالت إنها “تدين الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان” وتحول دون “تمويل الأعمال التخريبية”.
خطوة متأخرة..
“رغوي” قالت إن تصنيف قوات “الحرس الثوري” ككيان إرهابي “ضرورة لا مناص منها من أجل استتباب السلام والأمن الإقليمي والدولي”، واعتبرتها خطوة متأخرة “كان يجب اتخاذها قبل عقدين من الزمن”، كما دعت إلى أن “تأخذ السياسة الجديدة للإدارة الأميركية سبيلها من أجل أن تترجم على أرض الواقع بسلسلة من الإجراءات التنفيذية”.
واتهمت “رغوي”، التي تتواجد في العاصمة الفرنسية باريس، النظام الإيراني “بقمع أبناء الشعب وسحق حقوقهم” و”تصدير العنف إلى جيرانه وزعزعة استقرارهم ورعاية الإرهاب في الخارج”.
أضرت بالاقتصاد الإيراني..
قالت رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في الخارج، إن قوات “الحرس الثوري” أضرت بالاقتصاد الإيراني و”باتت تصرف عائدات الوقف الديني لتمويل الحروب والإرهاب في الخارج”، بما في ذلك “تسليح الديكتاتور السوري وتزويد عملائها وشركائها بالصواريخ والأسلحة من أجل استهداف المواطنيين المدنيين في المنطقة”.
وأوضحت أن القسم الأكبر من الاقتصاد الإيراني يدار من قبل قوات الحرس والمؤسسات التابعة له، وأن “عائدات الاقتصاد تذهب مباشرة إلى خزانة قوات الحرس، ويتم إنفاقها في مجال القمع الداخلي وتصدير الإرهاب والتطرف وتأجيج الحروب في المنطقة والعالم”.
الإدارات الأميركية السابقة “كارثية”..
واصفة، زعيمة المعارضة الإيرانية، سياسة الإدارات الأميركية السابقة بـ”الكارثية”، وقالت: إنها “كانت تتضمن غضّ العين عن الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان في إيران والاحتلالات الدامية التي أدارها الملالي في المنطقة وتقديم تنازلات كبيرة لهم في الاتفاق النووي”.
مستنكرة غض طرف المجتمع الدولي عن “عمليات القصف الجوي التي طالت معسكرات المقاومة -المعارضة الإيرانية – الواقعة بقرب الحدود الإيرانية داخل الأراضي العراقية … واللامبالاة حيال ارتكاب المجازر بحقهم ومصادرة 600 مليون دولار من ممتلكاتهم وأموالهم من قبل الحكومة العراقية”.
تغيير النظام الإيراني..
“رغوي” أكدت على أنه “حان الوقت لأن يقف المجتمع الدولي إلى جانب الشعب الإيراني ومطلبه المشروع من أجل تغيير النظام. والاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية باعتباره البديل الديمقراطي الوحيد للديكتاتورية الدينية الإرهابية، يعد أمراً ضروريًا لإنهاء السياسة الكارثية السابقة والتعويض عنها”.
مواجهة خطط أميركا الشيطانية..
فيما اعتبر الرئيس الإيراني الأسبق “محمود أحمدي نجاد” أن مواقف الإدارة الأميركية المعادية لإيران تنجم عن علمهم بأن إيران، بحرسه الثوري، هي الرادع الأكبر والأقوى لمواجهة مخططاتهم الشيطانية في الشرق الأوسط.
وأفادت وكالة “مهر” للأنباء، أن الرئيس الإيراني الأسبق والعضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، “محمود أحمدي نجاد”، أصدر بياناً موجهاً لقوات “الحرس الثوري” الإيراني، أثر تصريحات الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” الأخيرة والتي وُجهت ضد حرس الثورة الإسلامية، معتبراً هذه القوات مصدر الفخر والعزة والكرامة والشموخ والإستقلال لدى الجمهورية الإسلامية، مستذكراً ما قاله مفجر الثورة الإسلامية الإمام “الخميني”، إذ إعتبر “الحرس الثوري” هو الضامن لحماية البلد وحياته بعز وإستقلال وصمود.
لبث هيمنتها وإنقاذ اقتصادها..
معتبراً “نجاد” أن الولايات المتحدة، التي هي مصدر الفتن والحروب في العالم، تستمد حياتها من خلال إشعال فتيل الحرب والقتل والدمار وبث التفرقة بين الشعوب وترسيخ الكراهية والترويج للعنف وبيع الأسلحة، وإنها لا تريد الشموخ والإستقلال للشعب الإيراني، من أجل بث هيمنتها الشيطانية على بلدان الشرق الأوسط وإنقاذ إقتصادها المنهمك.
كلمة رديئة..
أردف الرئيس الإيراني الأسبق أن كلمة “ترامب”، التي وصفها بـ”الرديئة”، تنجم عن أن الولايات المتحدة تعلم أن الجمهورية الإسلامية في إيران والشعب الإيراني، وفي مقدمته قوات حرس الثورة الإسلامية، هي الرادع الأقوى لمواجهة مخططاتها الإستعمارية والإستكبارية.
رد ساحق..
حذرت إيران، التي يتهمها الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” بتمويل “كوريا الشمالية”، من “رد ساحق” في حال تصنيف واشنطن قوات “الحرس الثوري” الإيراني كمنظمة إرهابية.
حل وسط ..
يتضح من إعلان الخزانة الأميركية وضع “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة العقوبات، كان حلاً وسطاً بين رغبة “ترامب” بالقضاء على التهديد الذي يشكله “الحرس الثوري” وفروعه، والتبعات السياسية والقانونية الخطيرة، التي كان يمكن أن تنجم من تصنيف ذراع للحكومة الإيرانية، منظمة إرهابية.
إلا أن تقريراً لـ”CNN” ذكر، استناداً إلى مصدر في البيت الأبيض، إن الإدارة الأميركية عندما لجأت إلى هذا القرار باستخدام صلاحيات وزارة الخزانة الأميركية، وليس عبر صلاحيات وزارة الخارجية، فهذا يعني أن “الحرس الثوري” تم تصنيفه كـ”منظمة إرهابية” من قبل وزارة الخزانة، حيث أن لفظ “منظمة إرهابية أجنبية” هو مصطلح وزارة الخارجية فقط.
وكان “دونالد ترامب” قد تناول في خطاب إعلان استراتيجيته تجاه طهران، أنها ترمي إلى منع إيران من امتلاك السلاح النووي ودعم الإرهاب وزعزعة الشرق الأوسط. وقال “ترامب” إن “استراتيجيتنا تبدأ بفرض عقوبات مشددة على الحرس الثوري الإيراني”.
عقوبات مسبقة..
كانت أوسع عقوبات أقرتها الخزانة الأميركية ضد “الحرس الثوري”، في منتصف آب/أغسطس 2010، شملت عقوبات على قيادات (الحرس الثوري) و(فيلق القدس)، “محمد علي جعفري ومحمد رضا نقدي وقاسم سليماني وحسين سلامي ورستم قاسمي”، كما ضمت منظمات ومؤسسات اقتصادية كبيرة تابعة للحرس الثوري، مثل مجموعة “خاتم الأنبياء” التي تضم أكثر من 800 شركة و650 ألف عامل وتتعاون مع خمسة آلاف مقاول إيراني.
ويمارس “الحرس الثوري” أنشطة في السوق السوداء من خلال ميليشيات “الباسيغ”.
ورغم ما يحققه من أرباح خيالية إلا أنه يحصل على تمويل سخي من موازنة الدولة، حيث ارتفعت مخصصاته بين العامين الحالي والمقبل بنسبة 55%.
وزاد النفوذ الاقتصادي للحرس الثوري من دوره في الحياة السياسية، فعدد كبير من عناصر الحرس السابقين تولوا مناصب قيادية في الدولة، أبرزهم الرئيس السابق “أحمدي نجاد”، والأمين العام السابق لمجلس تشخيص مصلحة النظام “محسن رضائي”، وأمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني “علي لاريجاني”.
وتحولت القدرات الاقتصادية والسياسية للحرس الثوري أيضاً إلى وسيلة للمرشد الأعلى لإحكام قبضته على الساحة السياسية في البلاد والتدخل المستمر في الجوار.
مساع لإدراجه على القائمة السوداء..
كان مسؤولون أميركيون أفادوا، في شباط/فبراير الماضي، أن إدارة “ترامب” تبحث اقتراحاً في شأن إدراج “الحرس الثوري” على القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية. ونسبت وكالة “رويترز” في حينه إلى مسؤولين في الإدارة الأميركية أنهم يأخذون رأي عدد من الوكالات الأمیركية بشأن مثل هذا الاقتراح..
ورغم أن الخزانة الأميركية أقرت خلال السنوات الماضية عقوبات استهدفت شركات ومؤسسات تابعة لـ”الحرس الثوري الإيراني”، بتهمة القيام بنشاط إرهابي ودعم المنظمات المدرجة على قائمة الإرهاب الأميركية، كانت تلك المرة الأولى التي يطرح فيها اقتراح لتصنيفه منظمة إرهابية.
ما بين إجراءات “أوباما”.. وما يفعله “ترامب”..
كان الرئيس السابق “باراك أوباما” قد اعتمد مقاربة تقوم على محاولة إضعاف قبضة “الحرس الثوري” من خلال تعزيز الإصلاحيين المعتدلين، وهو ما اعتبره هدفاً رئيساً للاتفاق النووي. ومع أن “ترامب” بدا مصمماً على مواجهة “الحرس” في شكل مباشر أكثر، يبدو أنه امتنع عن تصنيفه منظمة إرهابية، وهو تصنيف قانوني تعتمده وزارة الخارجية ضد جماعات مثل “داعش” و”القاعدة”، بعدما حذر مسؤولون إيرانيون من رد قوي على القوات الأميركية، مباشرة أو من خلال وسطائها.
تحذيرات أميركية..
كذلك، ارتفعت في الفترة الأخيرة أصوات في وزارة الدفاع، “البنتاغون”، محذرة من أن تصنيفاً كهذا قد يعقد أي تواصل مع التنظيم، الذي تنسق معه واشنطن بطريق غير مباشر في الحملة على تنظيم “داعش”.
تقويمات المحللين السياسيين اختلفت للعقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن على “الحرس الثوري”. ففيما رأى البعض أنها تعادل تصنيف التنظيم منظمة إرهابية دولية، قلل آخرون من شأنها.
تعقد السياسة الأميركية والعمليات في الشرق الأوسط..
الكاتب الأميركي والمحلل العسكري، “أفشون أوستوفار”، يقول: أن “اقتصاد إيران وسياستها العسكرية والخارجية كلها متشابكة مع مصالح الحرس الثوري ونشاطاته، لذلك، إذا صنف الحرس منظمة إرهابية، تصير الجمهورية الإسلامية إرهابية أيضاً”، محذراً من أن “التصعيد مع إيران الى هذه الدرجة في وقت لا تزال النيران مشتعلة في العراق وسوريا واليمن ستعقد أكثر السياسة الأميركية والعمليات في الشرق الأوسط”.
توجيه رسالة..
قال “ديفيد مورتلوك”، الذي كان عضواً في مجلس الأمن القومي خلال ولاية “أوباما”، إن “الهدف هو توجيه رسالة وحض التنظيم على تغيير سلوكه السيء، ولكن هل هذه الخطوة تعتبر توسيعاً كبيراً للعقوبات على إيران.. بالتأكيد لا”.
تمنع عمل الشركات متعددة الجنسيات..
فيما رأى “علي الخدري”، المسؤول السابق في وزارتي الخارجية والدفاع في ولايتي “أوباما” و”جورج بوش”: “هذه العقوبات تجعل مستحيلاً عملياً على جميع الشركات المتعددة الجنسيات العمل في إيران، حيث أن الحرس الثوري الإيراني يسيطر على الاقتصاد الإيراني”.
خطوة مهمة..
اعتبر “راي تقيه”، من مجلس العلاقات الخارجية، أن “لا فرق كبيراً بين تصنيف منظمة إرهابية دولية وبين ما قام به الرئيس.. إنها خطوة مهمة”.
وبغض النظر عما إذا كانت العقوبات قاسية أم أنها لا تغير شيئاً، شكك خبراء في أن تدفع طهران على تغيير سلوكها.
فرض عقوبات على أميركا..
حيث كتب الخبير في شؤون العقوبات، “تايلر كوليس”، على “تويتر”: “أتوقع أن يقر البرلمان الإيراني قريباً قانوناً يقول إن الجيش الأميركي جماعة إرهابية”، وهو ما قد يشكل خطراً على أي جندي أميركي يقع بين أيدي الإيرانيين.
من أجل استقطاب السعودية..
من جانبه، يرى دكتور “خالد رفعت”، مدير مركز طيبة للدراسات والأبحاث، معلقا لـ(كتابات)، أن الولايات المتحدة الأميركية لن تستطيع فعل شئ حيال إيران سواء من خلال فرض العقوبات أو حتى الانسحاب من الاتفاق النووي، لأنها ستكون الخاسر الوحيد وسيكون على حساب تواجدها في المنطقة.
وفسر “رفعت” تقديم “ترامب” للاسترتيجية الجديدة، أنه بمثابة جعجعة فارغة للضحك على السعودية من أجل استقطابها إلى واشنطن لتبتعد عن روسيا، خاصة بعد عقدها صفقات الصواريخ “s400”.