اول ما اعلن بعض التفاصيل عن الازمة بين السفارة الامريكية و حكومة تركية على خلفية القاء القبض على المواطن التركي الذي يعمل في تلك السفارة ‘ انطلقت تحليلات مصاحبة بالامنيات لحد اعلان الحرب الامريكي على تركيا ( ورغم انه الان من يرأس الادارة الامريكية شخص غبي و تاجر جشع يتمنى اشعال اي حرب ليزيد من ثروته ‘ … وتطرفة ضد ايران يؤكد ذلك ) ‘ ظهر في مواقع التواصل الاجتماعي توقعات منفعلة ومصطنعه نابعه من موقفهم تجاه النظام التركي ‘ وشمل ذلك حتى من يعتبر نفسه سياسي ومحلل وهم ينطلقون من اعتقادهم ( مع شديدالاسف بأن أمريكا صديق الشعوب ومنقذ المضطهدين والمظلومين ‘‘‘ خصوصا بين ابناء شعبي المغدور طوال عشرا ت السنين ) ‘ فنشر احدهم نفس اليوم الذي لم ينشر اي معلومات تفصيلية عن الازمة كاريكاتير ا يظهر الغبي ( ترامب ) يدفع بعربة لتجميع ( النفايات ) وفيها اوردوغان يريد ان يرميه في مكان مخصص لرمي النفايه ‘ مبشرالناشر بهذا المصير للنظام التركي .
ربما ولااكثر من سبب ‘ في المقدمة الاضطهاد القومي يتعرض له الكرد في تركيا يدفع المواطن ان يتمنى هذا المصير للنظام التركي ‘ ولكن قرائة الاحداث وطرحه امام الناس بشكل سطحي يشبه مساهمة في ( إشاعه ) وبالتالي مساهمة في الخداع وبالتالي مساهمة في احباط الامنيات ….!! صحيح ان النظام الحالي في تركيا ليس بمستوى طموح التحالف الغربي في التعامل مع احداث المنطقة وكذلك العالم ( والعالم الاسلامي على وجه الخصوص ) ولهم هواجس وخوف ‘ ولكن الغرب ‘ لايتعامل مع حلفائه ( حسب المزاج ) وافرازات الاحداث ‘ بل انه يتعامل حتى مع الراهن وامامه التأريخ و الاسس التي انطلقت منه المسيرة وبالتالي انهم يتعاملون مع ( دولة ) في تركيا ‘‘ ولأنها دولة المؤسسات ‘ فهم يفهمون أن تركيا اسلاميه ولحد الان يتعامل ورئيسه واقف تحت لوحة ( اتاتورك ) وهومتمسك بثوابته ‘ فمن لايقراء الوضع التركي من هذا المنطلق يعني لايفهم معاني مايحدث من حوله ‘ صحيح تصرفات النظام يسبب انزعاج للادارة الامريكية ‘ ولكن عندما تفهم ان تصرفه يستند على اسس وقوانين الدولة ‘ حتى لو اراد ( الغبي ترامب ) ان يخلق ازمة ‘ لايستطيع ان يؤثر على استراتيجية مصدر القرار الامريكي ‘ مثلا ان الازمة الاخيره التي تمنى هذا المواطن ان يؤدي الى رمي اوردوغان ‘ جاء نتيجة القاء القضاء التركي القبض على مواطن تركي يعمل في القنصلية الامريكية ‘ لم يكن الا تصرف متسرع من السفير الامريكي يظهر انه تلميذ معجب بـ( غباء رئيسه ترامب ) لذلك ‘ موقفه ادى الى استغراب الكثيرين ، نظراً إلى أنّ موظّف القنصلية تركي الجنسية ، ولا يحمل أي جواز سفر أميركي كما قيل ، وهو ما يعني أنّه لا يتمتع بالحصانة الدبلوماسية ، فضلاً عن حقيقة انّ الاعتقال جرى وفق القوانين والإجراءات المرعية، حيث تم اعتقاله خارج نطاق عمله ، وبما لا يتعارض مع القوانين المتعلقة بالتعامل مع المقرات الدبلوماسية للبعثات الأجنبية ، وبالتالي ليس هناك من مبرر مقنع لتفسير موقف السفارة الأميركية ‘ فحدث كهذا لايبحث حتى ضمن اساسيات العلاقة التركية الامريكية وفي اروقة وزارة الخارجية المسؤولة عن استرتيجية تلك العلاقة ‘ تركيا ومنذ عشرات السنين ومن الناحية العسكرية عضو فعال في حلف الناتو .
كل انقلابات و احداث وازمات الحكم لم يؤثر على ثوابت استراتيجية التحالف الذي وضع اساسه مؤسس تركيا الحديث مصطفى كمال اتاتورك ‘ علاقة بين تركيا والغرب ليس مبني على اساس ( انابيب مرور نفط ) يغلق في الازمات وينفتح في الوفاق ‘ علاقتهم تحالف مؤسسات الدولة مع دول ‘ وكل يعلم تعد القواعد العسكرية الأميركية في الأراضي التركية من أهم العناصر والمكونات الفاعلة في طبيعة العلاقات التركية – الأمريكية، وتعود بداياتها إلى عقد الستينيات من القرن العشرين، عندما عقدت الولايات المتحدة الأمريكية مع تركيا اتفاقية في عام 1969، سمح بموجبها للولايات المتحدة بإقامة (26) ست وعشرين قاعدة عسكرية، بالإضافة إلى مراكز الرصد والإنذار المبكر، ومراكز الاتصالات اللاسلكية، وقواعد التجسس وجمع المعلومات، وكذلك التسهيلات البحرية في أهم الموانئ التركية ‘ مستلزمات مصلحة تركيا الدولة والمؤسسات بعيده المدى الذي فرض عقد هكذا اتفاقيات ‘ فرض بطريقة لايخضع للمزاج الشخصي لمن يحكم تركيا ‘ ومن خلال التزام بهذه الاسس ‘ لقد عززت الولايات المتحدة القوات المسلحة التركية، بحيث أصبحت تمتلك اكبر قوة برية تقليدية (غير نووية) بعد ألمانيا في حلف الناتو ‘ ورغم حصول أكثر من تحولات و حتى هزات سياسية كبيرة في تركيا ( مابعد الامبراطورية العثمانية ) ولكن لأن كل ذلك لم يؤدي الى المس بثوابت ( اهل تركيا وقياداته المؤمنه بتلك الثوابت ) فأن الغرب ايضا لايتخلى عن تركيا طالما ان في تركيا ارادة لايتخلى عن الثوابت التركية ‘ واذا بعض من ذوي الافكار السطحية في قراءتهم الاحداث يعتقدون ان ماحصل في العراق وليبيا و سوريا ‘ تستطيع الغرب أن يعيدها بشكل او اخر في تركيا وايران ‘ يحلمون احلام ثقيلة … لان المعارضة في البلدين ‘ باي درجة يعارضون ( النظام ) في البلدين ‘ لايمكن يعارضون ثوابت التأريخ وجغرافية وارادة امتهم ويفتحون حدود بلدانهم للغرب … رأى العالم ايران بعد الشاه ‘ تغير كثير من مظاهر المرئية في هذا البلد ‘ ولكن لم يتغير نظرة الايرانين تجاه ثوابت التأريخ وجغرافيا ووطنية انتمائهم لبلدهم ‘ لذلك ان ( ترهات ترامب ) لايؤدي الى اهتزاز تلك الثوابت ‘ حتى اذا اشتعل ذلك الغبي الحرب ‘ سيكون الخاسر أمريكا ومن يأمل ( الحرية أمريكياً ) لايرى الا خراب العراق ‘ وليست امم ذات ثوابت تأريخية تقترب من هكذا امل .