تنهد قليلا “عمر ” في مقهى الحرية ، بعد أن ترك المجال واسعا لشقيقه في الوطن والدين والإنسانية وزميله في الجامعة وجاره في المنطقة ، دلشاد الكردي ،ليدلو بدلوه بقضية الإستفتاء اﻷخيرة في الخامس والعشرين من أيلول الماضي والتي ماتزال تداعياتها تتفاعل وعلى جميع المستويات ، عراقيا ،إقليميا ، دوليا ، بحضور الزملاء حسين الشيعي ، شوكت التركماني ، أوديشو اﻵشوري !
أخذ رشفة من شاي – الكجرات اﻷحمر – مستذكرا تلك الدماء الزكية التي سالت أنهارا في المحافظات السنية ( اﻷنبار ، صلاح الدين ، نينوى ) طيلة الفترة الماضية وما تزال بفعل سياسات خاطئة وتصريحات متشنجة وقرارات متسرعة تأبى أن تنضج ، وساسة منافعهم الشخصية فوق كل الإعتبارات اﻷخرى ، وبسبب عقول – قافلة من اﻷبي – ترفض أن تتفاوض بالحسنى ، كلما لاح حل في الأفق الذي يزداد ضيقا بعد إتساع وضعت العصا في الدولاب وقلبت الامور رأسا على عقب لتعيدها الى المربع اﻷول أو كما يقول البغادة – تي تي ، مثل مارحت جيتي – ، إتخذت بمجملها من الإقصاء والتهميش والتعصب القومي والطائفي منطلقا لها .
ذرفت عيناه دمعات ، عمر ، وهو يتلو على مسامع رفاق المائدة المستديرة ، ماقاله المتحدث الرسمي بإسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، من إن اعداد النازحين تجاوزت 5.4 ملايين نازح منذ سقوط الموصل بيد تنظيم داعش في حزيران عام 2014 والتي لم يكشف النقاب عن أسبابها الغامضة والمريبة حتى اﻵن ، ولماذا إنسحبت القوات العراقية فجأة أمام ثلة من شذاذ اﻵفاق تاركة معداتها وأسلحتها في معسكراتها من دون سحب أو إعطاب على أقل تقدير كما تفعل سائر الجيوش في العالم .
لماذا فعلتم بنا مافعلتموه منذ عام 2003 وتحالفتم حلفا ، هشا بني على المصالح اﻵنية والطموحات الانفصالية المستقبلية فحسب منذ البداية وما أكذوبة ازاحة الصنم عن سدة الحكم سوى مطية لتمرير – خارطة برنارد لويس الانفصالية – إبتداء وإنتهاء على أشلاء وطن أسير وشعب فقير ، حلف سرعان ما إنفرط عقده وتساقطت حباته كأوراق خريف لم يسبقه ربيع قط على رقعة شطرنج انتم بيادقها ، وأخذ كل واحد منكم يتهم حليفه الذي شاركه كتابة دستور – ملغم ومفخخ – على عجل تحت حراب المحتل الذي جئتما به من وراء البحار بذريعة أسلحة دمار شامل ﻻ وجود لها سوى في مخيلاتكم و التي بدورها تمثل إنعكاسا ﻷكاذيب تروجها إدارة – الجماجم والعظام – البوشية الاميركية ، التي خطبتم ودها طويلا قبل خراب البصرة ، دستور مطاطي ، حمال أوجه كتبتموه بغيابنا نحن شركاؤكم في الوطن من دون أن تعطونا حتى فرصة للاستفتاء على فقرات شائكة منه كنتم قد وعدتمونا بأعادة صياغتها خلال أشهر ، فقرات شرها بائن ، خيرها خاف ، حلف مشؤوم كان السبب الرئيس في دمار العراق ، أسفر عن تهريب نفطه وآثاره ، سرقة موارده وأمواله بمعدل 1000 مليار دولار ؟ هكذا بدأ متسائلا – عمر – وبحدة ، ألم نعش ألم الحصار الغاشم مثلكم بين 1991- 2003 ونتقاسم خبزنا معكم كفافا ووووخبزتنا تكفينا ؟
ألم نذهب الى جبهات القتال بين 1980 – 1988 لنقتل ونصاب ونعاق مثلكم ؟
ألم نتصاهر ،ألم نتجاور ، ألم نتحاور ، ألم نتزامل ،ألم نتعاون ، ألم نتزاور ، ألم نتسامر ،لماذا كل هذا الحقد الدفين ، أتحملوننا وزر رئيس أسبق لطالما رقصتم بين يديه أفواجا وتسلقتم لرؤيته أسوارا ، نظمتم في تقديسه أشعارا ، إتخذتم من صوره دثارا ، ومن أقواله شعارا ، ذاك هو اليوتيوب وبإمكانكم ان تستيعدوا سجلكم وتشحذوا ذاكرتكم وتشاهدوا بأم أعينكم كم التصفيق الحار والزغاريد والمسيرات الجماهيرية واﻷحتفالات الابتهاجية والدبكات والهوسات الجماعية والقصائد العمودية والنثرية والشعبية التي ألقيتموها بحضرته ولحضرته ..بمناسبة ومن دون مناسبة ؟ !!
أن كنتم فعلتم ذلك – تقية – وقبضتم ثمنها ها هنا وهناك، فما ذنبنا ونحن منهيون عن التقية وما في قلوبنا على ألسنتا وشعارنا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ” من كان يؤمن بالله واليوم الاخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ” أتعاتبوننا نحن بعدما أصبتموه أنتم بجنون العظمة – البارانويا – لكثرة ما أثنيتم عليه بما فيه وما ليس فيه وصغتم له 99 اسما حفرتموها على الجدران ورقصتم بين يديه وكتبتم بحقه من مقالات وخططتم من لافتات ،وعرضتم من مسرحيات وعزفتم من سمفونيات وأنشدتم من اغنيات و أبوذيات ودارميات وثوريات وعلقمتم من جداريات وبوسترات وملصقات وبايعتموه على المنشط والمكره حتى صدقكم أو اظهر لكم ذلك إتقاء مؤامرات كان يتوجس منها خيفة بدعم دول الجوار وما وراء البحار ؟!!
هاهي محافظاتنا مدمرة كليا ، ﻻ جسور ، ﻻ جامعات ، ﻻ مدارس ، ﻻ مستشفيات ، ﻻ بساتين ، ﻻ أراض زراعية ، ﻻ مصانع ، لا ثروة حيوانية ، ﻻمعالم تراثية و آثارية ، أهلنا في الخيام نازحون ، في الفيافي والقفار قابعون ، في المنافي داخل العراق وخارجه يسكنون ،عن العودة الى بعض مناطق سكناهم يمنعون، فأن قلتم ولكن القاعدة وداعش ومن على شاكلتهما من خفافيش الظلام وأشباحه ظهرت في مناطقكم ، قلنا لسنا نحن من صنعهما ، وﻻ من أرسلهما ، وﻻ من دربهما ، وﻻ من مولهما ، وﻻ من سلحهما ،وﻻ من الى مناطقنا ومحافظاتنا ادخلهما ، إنهما صناعة دولية وإقليمية مخاباراتية بأمتياز نحن من ضاق مرهما وعانى أهوالهما وأكتوى بنيراهما أضعاف أضعاف ماعانيتم أنتم جميعا يشهد على ذلك القاصي والداني ..فعلام الملامة والظلامة وفي النسيان والألفة والوحدة والمحبة والسلام … السلامة ؟!
بل ووصلت الامور الى خطر المواجهة بين الكرد والشيعة في كركوك ، والاتفاق على رفض أية مبادرة سلمية يقدمها طرف سني لحل الأزمة مع إقليم كردستان،يبدو انكم تدفعوننا وبأصرار مشبوه ومع أننا معروفون بتشبثنا بوحدة العراق أرضا وشعبا من الشمال الى الجنوب، تدفعوننا كما فعل الكرد للانفصال دفعا ﻻخيار وﻻ رغبة لنا فيه ، شئنا أم أبينا ، أحببنا ذلك أم كرهنا ، بناء على خطة (جو بايدن) اللعينة وإلا فما تفسير هذا الضغط والاستفزاز المتواصل الذي يأبى أن يتوقف لـ 14 عاما مضت مصحوبا بسب رموزنا ، فردا فردا ، في الماضي والحاضر ، وفي كل شاردة وواردة ، عيانا بيانا !
أطرق الجميع رؤوسهم قليلا ، ساد الصمت المطبق اﻷجواء قبل أن تمزقها صرخة مدوية من أحدى الطاولات القريبة داخل المقهى الشعبي الذي يعج بالدخان و بالمثقفين المتقاعدين و المفصولين و العاطلين عن العمل – قفلت بالهب بياض ..إحسب النقاط خالوووووو !!
ﻻتعجل بالحكم ، إذ سبق لدلشاد الكردي ان تكلم بكل حرية ، أعقبه عمر وبكل صراحة ، بأنتظار حسين ، شوكت ،اوديشو فلعل في جعبة كل منهم ما يخالف سابقه وﻻحقه للوصول الى نتيجة عقلية ونقلية – أخوية – فوق ركام وووووطن قبل فوات اﻵوان ..؟ يتبع