23 ديسمبر، 2024 10:13 م

سيناريو مكسيكي ضد الفساد

سيناريو مكسيكي ضد الفساد

الوصف : مشهد من الواقع العراقي المؤلم

الشخصيات

1.انطونيو : مدير تدقيق العقود في وزارة الكهرباء

2.كارلوس: المدير العام والذي عين بهذا المنصب خارج التوصيف الوظيفي له

3.البيرتو : ضيف شبه دائم في مكتب كارلوس وقيادي في الحزب الحاكم

4.ماريا : زوجة انطونيو

مقدمة الدراما

العجب العجاب في الحكومة الحالية التي تدعي أنها حكومة شرعية منبثقة من إرادة الناخبين، وإدعاء هذه الحكومة بتلاحمها مع الناس قلبا وقالبا لخدمتهم، وتمثيلها لجميع مكونات المجتمع العراقي، إلاّ أنه يلاحظ بأسى شديد تفشي الفساد المالي والإداري من رشوة واختلاس المال العام وتزوير الوثائق والمستندات الحكومية في جميع مفاصل الدولة بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق على ألإطلاق حتى أنه أصبح الفساد وسرقة المال العام في نظر الكثيرين وكأنه يمثل الحالة الطبيعية في عمل ألأجهزة الحكومية وما عداه يمثل الحالة النشاز.

المشهد الأول (داخلي) في الدائرة

انطونيو في مكتبه وهو يعمل تحت ظروف نفسية قاسية بسب التراكمية من عدم الجدوى في التدقيق نتيجة الفساد وعمليات الاختلاس المستمرة دون اتخاذ إي إجراء رادع حقيقي لها وخاصة بعد تخصيص (27) مليار دولار لوزارة الكهرباء من ميزانية الدولة في زمن الوزير الذي يعيش ألان “بعد استقالته ” في إحدى الولايات الأمريكية وهو من أصحاب الولاء المطلق للحزب الحاكم ، ولم يقدم للمسائلة والحساب عن كيفية صرفها في وقته !

.. وبينما يدقق انطونيو احد العقود الذي تسربت رائحته الكريهة عبر وسائل الإعلام الوطنية المستقلة والأقلام الشريفة كسرعة البرق اكتشف إن ما يقال عن هذا العقد صحيح .

كارلوس : يطلب انطونيو هاتفيا بالحضور لمكتبه لمعرفة مراحل الانتهاء من تدقيق العقد .

انطونيو : يطرق الباب ويدخل .. نعم أستاذ

كارلوس : هل انتهيت من تدقيق العقد؟

انطونيو : كلا أستاذ.. يحتاج إلى التريث والهدوء بتدقيقه ( وكان جواب انطونيو هو لإبعاد الإحراج أمام الضيف الدائم السيد البيرتو لاسيما هو قيادي في الحزب الحاكم ) !

كارلوس: اسمع انطونيو .. لقد طال التدقيق وأريد إنهاء هذا الموضوع بسرعة ..

انطونيو : أستاذ كارلوس العقد بحاجة إلى إجابات على أسئلة كثيرة وإطلاقه بسرعة سيعرضنا للمسائلة ؟

البيرتو: دون خجل واحترام للدائرة وقواعد الضيافة .. يصرخ بوجه انطونيو .. اسمع انطونيو.. لا تتفلسف علينا هذا العقد لابد من إبرامه. !

انطونيو : لم يتماسك أعصابه نتيجة الفساد المستشري في عقود وزارته .. سيدي صيغة العقد بصورته الحالية لا يختلف عن العقود السابقة المشبوهة منذ دخول عصابات الكابوي لبلدنا في فلم (السهم المكسور) ببطولة جميس ستيوارت .. هنا أثيرت حفيظة السيد البيرتو ولكونه لا يتمتع بثقافة الرقي والحضارة والمعايير الوطنية وأمانة المسؤولية توجه بالسؤال إلى انطونيو .. من أنت؟ وكيف تتجرأ بهذا الكلام ؟

انطونيو : سيدي هذه هي الحقيقة المؤلمة.. لماذا لا نعترف بها؟

البيرتو : كيف تتهم أسيادك بالفساد والاختلاس ؟

انطونيو : لم اتهم أحد

البيرتو: بعصبية .. هل تسمى التجاوز على بعض فقرات العقد فسادا ؟

انطونيو: نعم

البيرتو : في مفهوم حزبنا وتحالفنا السياسي لا نعتبره فسادا .. بل استحقاقا وطنيا !

هنا ادرك انطونيو أن وضعه الشخصي أصبح صعبا وطلب من المدير الاستئذان بالخروج .. فسمح له

المشهد الثاني (داخلي ) انطونيو في بيته

انطونيو لزوجته : ماريا أنا خائف وقلق بسبب عملي ولا استطيع التحمل من جراء الضغوط التي تقع علي وما أشاهده يوميا من تزوير للحقائق

ماريا : حاول تهدئة الأمور .. وابعد نفسك عن الاحراجات خوفا عليك

انطونيو : لا استطيع

ماريا: إذن ما الحل ؟

انطونيو : غدا سأقدم طلب بنقلي إلى منصب خارج توصيف ( التدقيق) أو الاستقالة

ماريا: حبيبي انطونيو ليس لي سواك واشعر بالخوف عندما تطرق على مسامعي مواضيع الصفقات والعقود التي تبرم خصوصا عقود وزارتكم ؟ التي لا تنزل من السنة الناس

انطونيو : طبعا .. مضت سنوات عدة وصرفت المليارات على وزارة الكهرباء ولا تزال خدماتها لا تتعدى  بضع سويعات في اليوم

ماريا : عزيزي انطونيو ملف الكهرباء شائك ومعقد وفيه مداخلات كثيرة ولا يحل !

ماريا : الساعة ألان قاربت على منتصف الليل سأذهب إلى غرفة النوم

انطونيو : اجل يا حبيبتي عسى النوم يهدئنا

المشهد الثالث خارجي ( نهاري)

يركب انطونيو سيارته ويسلك طريقه المعتاد إلى دائرته قبل ساعة ونصف من موعد دوامه تحاشيا لازمة السير نتيجة كثرة نقاط التفتيش في الشوارع التي يسلكها ، وقبل 80 م تقريبا من إحدى تلك النقاط تقترب منه (سيارة حديثة ) وتطلق عليه النار بإصابة مباشرة في رأسه بمسدس كاتم ملعون .. وتهرب إلى جهة مجهولة ؟ ويقيد الحادث في مركز الشرطة كالعادة (( ضد مجهول)) .. مسكين انطونيو راح شهيدا لأمانته وإخلاصه وحبه للوطن

الخاتمة
سيبقى مشهد الفساد الحكومي كما هو وبوتيرة متصاعدة لوجود المسوغات والأجواء الحاضنة والداعمة له في ظل رقابة برلمانية معطلة تعمل تحت تأثير أجندة كتلها السياسية وهيئة نزاهة محجمة وقضاء غير مستقر، وما نشاهده ونسمعه من تصريحات إعلامية هنا وهناك من أعضاء التحالف الحاكم ما هو إلا مكافحة الفساد بالفساد بدليل دخلنا في السنة العاشرة تحت يافطة العراق الجديد دون محاكمة ” الحيتان الكبار” المسؤولة عن سرقة وهدر المال العام وتفشي الفساد بأنواعه وان الجهود في مكافحته وفق الإرادة السياسية الحالية ناقصة جدًّا في هذا الإطار وما على شعبنا إلا أن يثور بوجه الفساد والفاسدين ، هذه مشاهدي المكسيكية فهل تسمعين يا جارة ؟