أشتهي الليلة الموحشة ، أن أكتب مكتوباً ليّناً . ربما مفكّكاً عشوائياً مرضيّاً عنه . سأحذف الجملة الفائتة ، لأنها تنام على تدليس وتغليس . سأستفيد من متاحات ومديات النقد والنقدة ، فأقول أن نصّنا الليلة ، حمّال شيّال عتّال ، لألف معنى ومعنى . تلك كانت خديعة مهذبة . طاولتي جدباء متصحرة يابسة . هذا لا يعين على إنتاج فكرة مبهجة . هاتفي مغلق . تلك محاولة للعيش بسلام وسكينة وراحة . ثمة مقترح عنّين ، بفنجان قهوة وسيكارة ، وجريدة طازجة . مقترح سخيف ، لأنه سيرميني بجبّ نزار قباني ونجاة الصغيرة ، فضلاً عن أن الجريدة ، ستوسّخُ عيناي برماد عنوانات السياسة الداعرة . تمّ إلغاء الفكرة ، والهجرة نحو مدافن ممكنة ، تنتجُ نصاً معقولاً . معقولاً ، مفردة ضعيفة ركيكة . تمّ المحو والشطب . سنرمي فوق النصّ ، بردة السبك والسباكة ، فنكتب أنّ النص مسبوك . صفة مسبوك ، مثل صفة رصين ، والإثنتان حملهما ثقيل ، لو زرعته فوق ظهر عتّال فَيليٍّ قوي ، لنبتت ساقاه في الأرض ، حدّ الركبتين . سنجرّب تأثيث الخواء ، بكأس عرق سمينة ، تسدّ مسدَّ الوحشة ، وتشتغل شغلَ نتّافات الفكرة . ثمة محذورات في هذه الشطحة . سيشطب أبو الجريدة ، كأس العرق الذي ألححنا في قيامتها . ثمّ أنّ كأس العرق الأبيض ذاتها ، ستصير مفرخة أفكار وغوايات . فكرة تنطح فكرة ، وغواية تسحل غواية ، فيضيع النصّ والكأس والخيط والطائر . أيضاً وأيضاً ، إن كأساً واحدة لا تكفي ، فالكأس الفارغة ، ستصير فماً عملاقاً يصيح : هل من مزيد ؟ فإن حضر المدد ، وابتلَّ الحشى ، داخ الرأس – ربما داخت – وحنَّ الفؤاد ، وتشبّبت الساعة ، وذهبت الروح ، مذهب غناء رافدينيٍّ موجع . سيتلف الجسد ، وسترعش الأصابع ، وسيفزّ الأكباد من مهودهم ، وأنت مازلتَ حارناً دائخاً حائراً ، عند خاصرة المكتوب . سأشطب كأس العرق والغناء والنعي والنوح ، وسأكتفي بمدخنة سيكارة . ربما كانت سيجارة . فلنجعلها لفافة تبغٍ بائنة . هذا ليس ببطر ، لأن النصّ سينمو بالتراكم وبالتوليد . قدّامي سطر مبنيّ من عشر زرعات ، نديّات مزروعات في عشرة أصص من صلصال . أقصد من فخّار مفخور . لو تمكنتُ من إنتاج سطر واحد ، على عتبة شتلة واحدة ، لأكملتُ النصّ بيسرٍ مبين . ثمة مشكلة ، تشبه عشرة أسافين ، حلنَ بيني وبين كمال النص . أنا لا أعرف من تلك الشتلات العشر ، سوى اسم واحدة . سأمحو جلّ الفكرة ، وأعتاش على شتلة واحدة اسمها الصبّار . إنّ باب الصبّار لواسع . هو فاكهة طيبة ، لا تكلّف الأرض إلا وسعها . تنجي من مرض خبيث خنيث ، وكنت سمعت بائعاً قائماً بباب مطعم هاشم ، من أعمال صحن عمّون الكبير ، ينادي على بضاعته ، نداء بديعاً جليّاً : ماعون الصبر بليرة . ألله أكبر على هذا المجاز الرحيم العظيم ، الذي مثله ، ومن ضلعه ، شهقة مظفر النواب ، وتصريفة ياس خضر ، وتجويد طالب القرغولي : عودان العمر كلهن ، گضن ويّاك ، يافَيِّ النبعْ واطعمْ ، عطشْ صبّير ولافرگاك . لم يبق شيء . انتهى خلق النص ، قد يكون مثلوماً معضوضاً من احدى خواصره وثناياه ، لكنه يكفي لدندنة خافتة . لا ترفعوا صوتكم . بصحّتكم . سأُتلفُ جملة ” بصحّتكم ” لأنها نزلتْ منزلَ شبهة .
[email protected]