23 ديسمبر، 2024 9:43 م

مبادرة طالباني في مهب الريح

مبادرة طالباني في مهب الريح

القضية الاكثر اهمية في الحياة السياسية هي الاصلاحات التي تتوقف عليها عملية استئناف التقدم في عمل الحكومة وتطوير العملية السياسية وانتشالها من المراوحة والازمات التي تعصف بها وبحياة المواطنين .
وما تزال القوى السياسية حائرة بين المبادرات والاوراق الاصلاحية التي لم تعتمد أيا منها بما في ذلك ورقة التحالف الوطني التي لم تكتب لغاية الان ولا يعرف أحد على وجه الدقة ماذا تتضمن ؟ بل ان البعض يشكك في وجودها ويعلن صراحة انه لم يتفق عليها بين اطرافه وكل الامر كلام في كلام ويبرهن على ذلك بالنكوث المستمر في موعد تقديمها الى الكتل السياسية واخيراً الى رئيس الجمهورية ولذلك تعتقد بعض الكتل ان المسألة مجرد كسب وقت ،وحتى لو طرحت فان الاصلاحات ستكون شكلية وليست عميقة لتحدث انعطافة في العملية السياسية ،لاسيما انه لم يتبق وقت كبير على انتهاء ولاية مجلس النواب والانتخابات على الابواب .
على اية حال المعوقات كثيرة والمشاكل معقدة ويزداد عدد المتشائمين بان تفلح مبادرة طالباني رئيس الجمهورية في حل الازمات وتسوية المشاكل بين القوى والكتل السياسية وهذا التقدير تشترك فيه غالبية القوى على الرغم من إنها تدعو إلى عقد المؤتمر الوطني ، وهو الأسلوب الذي يضع المنادين بالاصلاحات على المحك والسكة لتطبيق الافكار والسياسات المفضية الى الحلول.
لو كانت القوى المتنفذة والتي بيدها الحل والربط جادة في مساعيها ونياتها لبادرت الى تنفيذ ما هو ناضج من قوانين وقرارات واجراءات على مختلف الصعد لتسهل وتعبد الطريق لمعالجة الشائك والاكثر استعصاءً .
لايكفي عزم الرئيس وقناعاته وثقله في الحياة السياسية لإصلاح ذات البين بين المتخاصمين والمتصارعين واجبارهم على الانصياع لصوت العقل والحكمة واجتراح الجرأة على تقديم التنازلات المتبادلة والعمل على اساس لاغالب ولا مغلوب .
لقد تأخرت المبادرات كثيراً وتراكمت المشاكل واثقلت العملية السياسية وولد الجديد منها .
وهذا من طبيعة أية عملية سياسية تقوم على اسس المحاصصة الطائفية والاثنية ،وهذا لبنان يشكل مثالا ساطعا لعدم قدرته على بناء دولة حديثة عصرية تتجاوز الهويات الفطرية والاثنية والمذهبية على الرغم من مرور ما يقارب من الأربعين عاما على بدء الاحتراب فيه ،وأكثر من 70 عاما على قيام الدولة .
ان إصلاحا وسياسات تنطلق من المحاصصة وليست على مبادئ المواطنة لايمكن ان تحل المشاكل جذرياً ،وتنتج باستمرار الازمات ،حتى لو هدأت إلى حين .
إن مبادرة طالباني في مهب الريح ليس بتقدير من عندنا ،وانما استناداً الى تصريحات واقوال من معسكر طالباني نفسه ،اضافة الى ما صدر من الخنادق الاخرى الحليفة والمنافسة ،لذلك هناك حاجة الى تكثيف الجهود واستدراك ما يمكن استدراكه قبل فوات الاوان .