عندما تقع الفريسة أرضا يکثر الجزارون حولها. هذا مايمکن تطبيقه و سحبه على نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي يمر حاليا بواحدة من أکثر المراحل خطورة و حساسية و التي واجهها منذ 4 عقود، والذي يبدو جليا بأن قوائم الاستحقاقات قد تکاثرت على هذا النظام بحيث وضعته في موقف ليس حرج بل وأشبه مايکون بالمترنح من جراء التأثيرات و التداعيات لتلك الاستحقاقات على هذا النظام.
الاوضاع الداخلية التي يمکن تشبيهها بالبرکان الذي يغلي وقد ينفجر في أية لحظة، وإن تظاهرات العمال و المعلمين اللذين هما أکبر شريحتين أساسيتين و مٶثرتين في النظام من مختلف النواحي، صارت ليس تتکرر فقط وانما تزداد شدة و حدة وگهي تتزامن مع تظاهرات و إعتصامات و إحتجاجات لشرائح و أطياف و أعراق طوائف أخرى للشعب الايراني و التي ترفع صوتها ضد الاوضاع المتردية، کما إن إقليميا لم يعد الوضع کما کان سابقا لهذا النظام فقد صار تحت المجهرين الدولي و الاقليمي على حد سواء وإن بروز الدور الروسي في المنطقة يعلم المبتدئ في السياسة بأنه على حساب الدور الايراني، هذا الى جانب الموقف الاکثر من سئ لهذا النظام دوليا، إذ يواجه فتح ملفين کلاهما لن يعديا على خير عليه.
الملف النووي الذي صار أشبه مايکون بالشفرة التي علقت في بلعوم النظام فلا هو قادر بإخراجها و لابلعها، ونفس الشئ بالنسبة لملف حقوق الانسان خصوصا بعد أن نجحت المعارضة الايرانية النشيطة المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية في فتح أبواب منظمة الامم المتحدة و أوصلت ملف مجزرة صيف عام 1988، الخاصة بإعدام 30 ألف سجينا سياسيا لم يرتکبوا أية جريمة أو مخالفة قانونية بموجب الدستور و القوانين الايرانية نفسها، سوى إنهم أعضاء أو أنصار في منظمة مجاهدي خلق، والمهم و الملفت للنظر في هذا الامر إن هذه المجزرة التي إعتبرتها منظمة العفو الدولية حينها جريمة ضد الانسانية و طالب مقرر حقوق الانسان”غاليندو بل” في نفس الفترة بفتح تحقيق دولي بشأنها، تمتلك کافة الادلة و المستمسکات القانونية الدامغة لإعتبارها جريمة ضد الانسانية و کذلك لإدانة النظام الايراني و محاکمة قادته کما جرى مع الزعماء الصربيين في محکمة الجنايات الدولية.
الاحتمالات المطروحة لإدراج هذه المجزرة کجريمة ضد الانسانية في القرارات الدولية ذات الصلة التي ستصدر عن إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة و لجانها المنبثقة عنها في ديسمبر/کانون الاول القادم، قوية جدا وستکون أقوى عندما تجد دول المنطقة و العالم نفسها أمام فرصة إستثنائية لايمکن أن تعوض من أجل کبح جماح هذا النظام و إيقافه عند حده و تلقينه الادب و الاخلاق الانسانية، وقطعا فإن إدراج هذه الجريمة لن يکون إلا بإدانة النظام الايراني على إرتکابها و تشکيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق فيها، وهو مايعني وضع قادة النظام على نار هادئة ولکن ستحرقهم في النهاية، وهذا مايخدم شعوب المنطقة وخصوصا شعوب العراق و سوريا و اليمن التي تضررت أکثر من غيرها من جراء جرائم و تجاوزات و مجازر هذا النظام، لأنه بإمکانها أن تثير ماحدث لها على يد هذا النظام من جرائم و إنتهاکات أمام المحاکم الدولية بل و يکون من الافضل لو إرتفعت الاصوات من الان، فهذا النظام الذي کان تأسيسه منذ البداية بمثابة کابوس و نذير شٶم للشعب الايراني و شعوب المنطقة، قد آن الاوان ليدفع الثمن الباهض لکل ماإرتکبه من جرائم و إنتهاکات.