عرف عن مام جلال حنكنه السياسية ودهاءه في تذليل الصعوبات التي كانت تكتنف العملية السياسية، فيجمع قيادات الكتل في منزله متحدثا اليهم بلغة المدرس لتلاميذه عن حلول اللحظة الأخيرة، ويبدو ان مسعود برزاني في مسعاه للخروج من عنق زجاجة ارتداد نتائج الاستفتاء الانفصالي ضده إقليميا ودوليا وعراقيا، ان وظف جنازة مام جلال في لحظاته الأخيرة قبل ان يوارى الثرى ، لكي يعقد اول اجتماع للحوار الإقليمي والعراقي بحضور دولي ما بعد انتهاء مراسم الدفن .
لست هنا في معرض نقل الاخبار، صحت ام لا، لكن ما يتفق عليه في الاخبار المتواترة من السليمانية ان اجتماعا عقد في منزل احد القياديين في الاتحاد الوطني الكردستاني لضيافة وزير الخارجية الإيراني، وقيادات الحشد الشعبي ورئيس البرلمان العراقي، ليفاجئ الجميع بحضور مسعود برزاني هذا العشاء، ويستمع الى وجهة النظر الإيرانية في الموضوع بان نتائج الاستفتاء مرفوضة لكن دون جواب محدد على سؤال البرزاني بان قتال الشيعة والكرد لني يكون في مصلحة أي من الطرفين!!
مرة أخرى صحت هذه الاخبار او لا، الا ان لف نعش مام جلال بالعلم الكردي يعكس والعشاء الأخير بحضور إيراني – شيعي، يؤشر الاتي:
أولا : انعكاس طيف الخلافات داخل البيت الكردي ككل لاسيما داخل بيت طالباني نفسه ، ما بين رغبة ابنه قوباد بركوب موجة الانفصال والحصول على مقاعد اكبر في برلمان كردستان في الانتخابات المقبلة المقررة أوائل الشهر المقبل ، لكن يبدو ان ثقافة قوباد الأميركية تبعده كثيرا عن قراءة الواقع الكردي الذي وصل حد الاقتتال وانتهى الى تقاسم مغانم السلطة عام 1996 ، بين والده والبرزاني ، لكن الخارطة السياسية الكردية اليوم تختلف كثيرا ويحتاج الى معلم بدرجة استاذية والده ليتعلم منه قراءة الواقع بالشكل الصحيح .
ثانيا: حضور وزير الخارجية الإيراني والطيف الشيعي العراقي ممثلا بكل من السيد عمار الحكيم ، وأبو مهدي المهندس وهادي العامري، يؤكد حقيقة ان الباب الإيراني يبقى مواربا في التعاطي مع قضية الانفصال الكردي مراهنا على تفاصيل التحالفات التي ستظهر في نتائج الانتخابات المقبلة ، وهي ورطة متجددة للأكراد ، يريد منها برزاني تعزيز نفوذ عائلته الابدي فيما يريد لها غيره تحطيم هذا النفوذ بظهور قيادات جديدة قديمة جديدة لعل برهم صالح ابرزها .
ثالثا : موقف كل من واشنطن وانقرة والرياض ، اتضح في عدم التعليق على الخطأ البروتوكولي في وضع العلم الكردي على نعش رئيس عراقي راحل ، وتفسير هذا الصمت واضح بان التعليق على خطأ يعزز الجانب الإعلامي الذي يريده مسعود برزاني ، ليؤكد بان جميع المناصب في الحكم الاتحادي على مذبح الانفصال، وهي قضية ستواجه طاولة المفاوضات المقبلة لأي سيناريوهات تطرح عن حلول مستقبلية للعلاقة بين بغداد واربيل ، ما دامت فكرة الانفصال هي الأساس في هذا التفاوض المؤجل الى ما بعد الانتخابات حسب رغبة برزاني ، والسؤال من سيعض أصابع الندم أولا .. أربيل ام بغداد ؟؟