لفَّ تابوتٍ بعلمٍ كردستانيٍّ او عراقيٍّ كأنه اصاب العديد من المواقع الألكترونية ووسائل التواصل الأجتماعي بهستيريا الإسراف والإفراط في تغطية وإعادة تغطية تفاصيل ودقائق هذا الحدث ” وكأنه لايوجد سواه ” , فمن تغيير مسار الطائرة التي تحمل جثمان الرئيس الراحل من بغداد الى مطار السليمانية , ومروراً بالخلاف الذي حصل بعدم تغطية التابوت بالعلم العراقي الى العلم الكردي , والقول وتكرار القول بأنها رسالة الى بغداد < وهي رسالة لا يقرأها ولا يحب سماعها او مشاهدتها الغالبية العظمى والقصوى من العراقيين وبضمنهم السياسيين والمعممين , ثمّ بأنعطاف اعلاميٍّ آخر حول صفقة جرى عقدها بين السيدة هيرو الطالباني والسيد البرزاني لوضع العلم الكردي على التابوت مقابل ترشيحها كرئيسة للأتحاد الوطني الكردستاني , والى تفاصيلٍ اخريات حول انسحاب نواب عراقيين من التشييع بسبب قضية العَلم الذي لا يُرفرف , حتى تصدّعت رؤوس مستخدمي الشبكة العنكبوتية من هذه التفاصيل التي اختزلناها واختصرناها هنا .
ويلاحظ من هذه المواقع في ضخّها لهذه الكمية من الأخبار , عدم مراعاة مشاعر واذواق المتلقّي العراقي , فالرئيس الراحل لم تكن له اية اهمية عند الشعب العراقي ” بأستثناء الكرد ” بل أنّ جموعاً غفيرة من الجمهور العراقي لا تحمل له مشاعر الودّ وبشدّة عالية , خصوصاً لمواقفه المضادة اثناء الحرب العراقية – الأيرانية وتسببه بأضرارٍ للجيش العراقي اثناء العمليات الحربية , والى ذلك ايضاً فهنالك بعض الشرائح في المجتمع العراقي لا تتقبّل من الناحية النفسية وجود شخص كردي على رأس الدولة العراقية , بينما هنالك شرائح اخرى تتقبّل ذلك بشرط أن يكون الرئيس الكردستاني مستقلاً ولا يرتبط بعلائقٍ ما بالحزبين الكرديين الرئيسيين .!
إنَّ إشغال المواقع الأخبارية للرأي العام بهذه الكثافة الإعلامية حول العلم الكردستاني او العراقي , فهو إشغالٌ وإبعاد الرؤى عن متابعة مضاعفات الأستفتاء ما ستفرزه قريباً على صعيد المنطقة , وكذلك عن الأنتصارات العسكرية على مقاتلي الدواعش وما سيعقب ذلك .
ويبقى هنالك سؤالٌ ليس ستراتيجياً ولا مهماً على الإطلاق , وهو لماذا لم يجرِ تغطية تابوت المرحوم بكلا العلمين العراقي والكردستاني 50 % 50 .!