تمثل الانتخابات ركيزة مهمة من ركائز بناء الدولة الديمقراطية, التي تؤمن بالتعددية والتداول السلمي للسلطة, والفصل بين السلطات, وغيرها من مقومات بناء الدولة العصرية, وبما إن العراق حديث عهد بالنظام الديمقراطي, شاهدنا كيف تجري الانتخابات, وما هي الظروف المحيطة بها, وهل يمتلك المواطن العراقي ثقافة انتخابية, تمكنه من الاختيار الصائب, أم إن الوضع العام هو المحرك والموجه لأصوات الناخبين, لذلك المتابع لسير الانتخابات العراقية ما بعد التغيير وحتى آخر انتخابات برلمانية, يلمس عدم وجود ثقافة انتخابية واضحة المعالم لدى الناخب, بدليل ما أن تنتهي فترة الانتخابات, حتى ترتفع الأصوات المطالبة بالتغيير, أو أصوات نادمة على ترشيحها لأشخاص غير مؤهلين, أن يكونوا ممثلين حقيقيين للشعب, وعلى الرغم من إن أغلب الأحزاب المشاركة في العملية السياسية, هي أحزاب تنادي بتطبيق الديمقراطية, والدفاع عنها,إلا إنها لا تؤمن إيماناً كاملاً بالديمقراطية, من خلال ممارساتها, وعدم إتباعها الأساليب الديمقراطية, بالتعامل مع جماهيرها, فلم نشاهد أي حزب أو كتلة أو تيار, قام بانتخابات ديمقراطية, من اجل اختيار أشخاص لقيادة هذا الحزب أو تلك الكتلة بل إن اغلب الانتخابات التي تجري, هي انتخابات شكلية, ومحسومة نتائجها مسبقاً, لشخصيات جلست على رئاسة الأحزاب لعقود من الزمن, ولا ندري كيف هي أحزاب ديمقراطية تدافع عن هذا المفهوم لأنه كما قيل(فاقد الشيء لا يعطيه), ومن التيارات الفاعلة في المشهد العراقي, التيار الصدري الذي يمتلك قاعدة شعبة واسعة, استطاعت أن تكون رقماً صعباً في المعادلة العراقية, وقد تعرض هذا التيار ومازال يتعرض إلى تشويه إعلامي, وحرب إعلامية كبيرة وغير مبررة, لكن هذا التيار لا يلبث أن يفاجئ الشارع العراقي كل فترة بنشاط غير مسبوق مما يكشف حركية هذا التيار الفكرية وروحيته الشبابية التي تنسجم مع التطور الحاصل في العالم, ويثبت للجميع انه تيار ولود بالأفكار الغير مستنسخة في الساحة العراقية, وكلنا رأينا وسمعنا أن أغلب الجهات السياسية الفاعلة في الساحة العراقية تقلد هذا التيار في الكثير من التوجهات من حيث تعلم أو لا تعلم, فأول من أطلق مسمى التيار على جماهيره هو التيار الصدري, وأصبح واضح في العقل الجمعي عندما تقول تيار حتى وان لم تكمل العبارة سيتبادر إلى الأذهان انك تقصد التيار الصدري, هذا الحضور في التسمية جعل جهات أخرى تنهج نفس النهج, فالمجلس الأعلى الإسلامي أصبحوا يطلقون على جماهيرهم تيار شهيد المحراب, وأعتقد إنهم لم يوفقوا في ذلك, ثم جاء دور الدكتور إبراهيم الجعفري الذي أسس أيضاً تيار أسماه تيار الإصلاح الوطني على الرغم من انه شخصياً يؤمن بالعمل الحزبي كونه من دعاة حزب الدعوة لكنه لم يستخدم أسم الحزب بل أستخدم أسم التيار, ثم إن أول هيئة تعنى بالعمل السياسي تابعة لجهة شعبية هي الهيئة السياسية للتيار الصدري, والكل شكل الآن هيئات سياسية, الهيئة السياسية للتحالف الوطني, والهيئة السياسية لأئتلاف دولة القانون, والهيئة السياسية للقائمة العراقية, وبهذا تعترف كل الجهات بصورة غير مباشرة إن التيار الصدري, تيار متطور في الجانب التنظيمي للعمل السياسي, وانه صاحب السبق في ذلك, ولم يتوقف التيار عند هذا الحد بل ذهب إلى عمل عجزت عنه كل القوى السياسة, وهو الانتخابات التمهيدية هذه الانتخابات التي حيرت المتابعين للشأن العراقي, لما لها من انعكاس ايجابي على سمعة التيار الصدري, باعتباره تيار ديني والمعروف عن التيارات الدينية انغلاقها التام وعدم الانفتاح, وبذلك سجل التيار نصراً على المنادين بالديمقراطية وكشف زيف شعارتهم لأنهم يفرضون مرشحيهم على ناخبيهم وهذا يتعارض مع الديمقراطية التي يعتنقون أفكارها, وقد قلد هذه الفكرة المجلس الأعلى الإسلامي الذي أجرى انتخابات تمهيدية لجماهيرية وهذا دليل على نجاح هذه الخطوة من قبل التيار الصدري, أما هذه المرة فقد كانت مفاجئة من العيار الثقيل كما يعبرون, وهي استخدام البصمة الالكترونية في الانتخابات الحالية وهذه خطوة كبيرة ورائدة في العمل الانتخابي والديمقراطي, حيث إن الحكومة العراقية عاجزة عن هكذا خطوة من شأنها أن تعطي الانتخابات بعداً حضارياً كبيراً, وتمنع حالات التزوير وتعيد الثقة للناخبين من خلال قناعتهم بأن هذه الطريقة هي ضمان لعدم التلاعب بأصواتهم, وبهذا يثبت التيار الصدري للجميع انه تيار يؤمن بالعمل الديمقراطي الحقيقي, ويؤمن بالتطور ومواكبة القفزة العلمية التي تشهدها مجالات الحياة, فعلى الجميع أن يعترفوا إن التيار الصدري سبقهم كثيراً في مجالات عديدة ومنها المجال الديمقراطي الذي ينادون بتطبيقه وهم أول الرافضين له.