“من يعتذر لموتانا؟ وهل للقتيل من كبرياء ان كان الاحياء مسلوبي الكرامة”
احلام مستغانمي
كالخريف واوراق اشجاره, تساقطت الاجساد الامريكية, وكالمطر الدائم تتساقط الارواح العربية كامطار ميغالايا الهندية.
هل ثمة اقلام وعيون وضمائر ترى ما اراه؟ اقصد ترى الدماء التي سالت يوم امس في مدينةلاس فيغاس. انها دماء من نوع اخر, ليست كالدماء العربية, انها تحملُ كريات دم وردية, كريات دم لا تشبه كريات دم العرب.. لا تشبه الدماء العربية التي تجري كنهر النيل مذ انتصار ابطال الحرب العالمية الثانية.
عجت وسائل الاعلام والمنظمات الانسانية والمؤسسات الدينية بحادثة لاس فيغاس, كنتُ اتمنى “لو” تحدث هذه العجة مع الدماء العربية ايضاً, تلك الدماء التي تهطل كما هي امطار الشتاء.
العلم الامريكي نزل منحنياً لدماء الراقصين الذين سقطوا كما يسقط الابرياء في سورية, كما يُهجر الفلسطيني وبالضبط كما يُهان المغربي في فرنسا, اولئك الذين يسقطون بتهمة “الثروة” التي لا يمتلكون منها سوى جمرات المتقاتلين على خيراتها.
كوميدية هي العروبة.. العروبة التي يخونها ساسة العرب بتأشيرة فيزا الى ولايات امريكا او مدن اوربا لينبطحوا هناك خالعين كرامتهم فوق السرير!
امريكا تستحق الاحترام, انها تحترم شعبها الى درجة تصدير حزن عوائل ضحاياها الى العالم, ليدخل كل بيت خلال شاشة التلفاز صفحات الفيس بوك او خلال المواقع الاباحية التي تصمت خجلاً.
اما الدول العربية, او الولايات العربية المنافقة فترقص على جثث ابنائها الذين يموتون جوعاً, اوالئك الذين يتشردون مستجدين “رغيف خبز” من الحكومات والمنظمات الاجنبية كالسوريين في تركيا, كالعراقيين في السويد, كالسعوديين الذين لا يعرفون سوى الملك ونجله (حفظهم الله).
ترامب وحرمهُ يقفان حزينان حداداً على ضحاياهم, الشعب الامريكي برمتهُ يعلن الحداد على 59 شخصاً. الجميل ان الشعب الامريكي ذو الطوائف والاديان والاصول المختلفة يبكي ضحاياه, بينما يضحكون الساسة ويتشمتون اخرون عندما تُهدم البيوت العراقية بسقوط عمود العائلة, ذلك انهم لا يمتلكون الكرامة ولا يمتلكون سوى الخسة التي تليق بأشكالهم السخيفة.
الشعب العراقي.. ما عاد يحزن لموت الاف العراقيين الذين يسقطون كل ساعة بحادث تفجير او بحريق “مُفتعل” او بحادث سيرٍ مفتعل ايضاً, هذا لا يعني انهم لا يمتلكون احاسيس الانسانية, بل انهم اعتادوا الموت الذي يُقدم لهم كوجبات طعام فاخرة اثناء جلوس العائلة تُشاهد التلفاز, انها العادة يا سادتي..
العادة التي جعلتنا لا نفرق بين الشهيد والقتيل..انهم سيان موتى!
امريكا التي صرخت مُدمعة على ضحاياها هي وحدها التي وحدت شعبها بسياسة تنظيف الداخل وتخريب الخارج تماماً كما فعلت. رجالات الدين في العراق – سنة وشيعة – ما هم الا ركاب في السفينة التي لا تغرق, فلم نسمع – ولو كذباً –
انهم فقدوا احد افراد عائلتهم شهيداً الى الوطن, بينما هم ممثلون رائعون يستحقون ان يأخذوا دور ابطال الهوليوود اثناء بكائهم على موتى الحزب الخائن او الحزب العميل..
امريكا.. هنيأ لك ما صنعتِ بنا, فقد نجح المخطط المدروس بدقة, فدمائكم (التي لا تسقط الا ما ندر) هي ضريبة جديدة سيدفع ثمنها الشعب العربي الميت, فاموال الساسة السراق في مصارفكم تتصاعد الارقام صفراً بعد صفر على حساب الدماء العربية التي تجري كنهري دجلة والفرات…