18 ديسمبر، 2024 11:52 م

مشروعية البكاء والحزن

مشروعية البكاء والحزن

البكاء والحزن على الميت وعند المصائب سيرة عقلائيـة ومتشرعية سار وعمل بها الأنبياء والأئمة والصالحون، وقد ثبت في الواقع الخارجي أن له نتائج صحية ونفسية وأخلاقية وتربوية واجتماعية على الفرد، كما يشير إلى ذلك علماء الدين والأخلاق والنفس والاجتماع، والبكاء المقصود هنا بالتأكيد ليس الجزع والاعتراض، وقد ورد في القرآن والسنة النبوية المطهرة ما يشهد لذلك وبكثرة، فالنبي آدم عليه السلام بكى وحزن على هابيل، والنبي يعقوب بكى على يوسف حتى ذهب بصره، والنبي يوسف بكي على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن، فقالوا له : أما أن تبكي بالليل وتسكت بالنهار، وأما أن تبكي بالنهار وتسكت بالليـل فـصالحهم عليـه،

وقد طرح أحد علماؤنا المعاصرين في كتابه “الثورة الحسينية والدولة المهدوية” بحثا مستفيضا حول مشروعية البكاء والحزن، فكان مما جاء فيه: ((لقد بكى النبي محمد عمـه أبي طالب عليه السلام وعلى عمه الحمزة وجعفر الطيار وزيد ابن الحارث وعبد االله ابن رواحة وعلى ولده إبراهيم وعلى أمه آمنة وعلى سعد ابن عبادة . وقد اقر(صلى االله عليـه وآله وسلم) بكاء البكائين ، وكذلك نراه حث على البكاء كما حث وأمر بالبكاء على جعفر وحمزة عليهما السلام وقد تصدى صلى االله عليـه وآله وسلم لمنع وزجر من يمنع البكاء…))،

وأما سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام فبكت على أبيها رسول االله، حتى تأذى من ذلك أهل المدينة ، فقـالوا لها: قد آذيتينا بكثرة بكائك، فكانت تخـرج إلى مقـابر الشهداء ، فتبكي ، حتى تقضي حاجتها فتنصرف، وأما الإمام السجاد فبكـى علـى الحسين عليه السلام عشرين سنة أو أربعين سنة،واليـكم بعض النصوص الشرعية التي تؤكد ما تقدم:

فعن أبي داوود والنسائي … عن علي لمـا مات أبو طالب فعندما اخبر النبي (صـلى االله عليه وآله وسلم) بكى….

وفي سيرة الحلبي والدحلاني …. عن ابن مسعود : ما رأينا رسول االله(صلى االله عليه وآله وسلم) باكيا أشد من بكاءه على حمزة….

مسلم في صحيحه : يوم زار النبي قبر أمه آمنة فبكى وأبكى من حوله…

مسلم والبخاري … يوم مات صبي لإحدى بناته، إذ فاضت عيناه يومئذ، فقال سعد : ما هذا يا رسول االله ؟ قال (صلى االله عليه وآله وسلم) : (هذه رحمة جعلها االله في قلوب عباده ، وانما يرحم االله من عباده الرحماء)، وغيرها من الموارد التي ذكرها المسلمون من السنة والشيعة في أمهات مصادرهم….، ومن عارض ذلك فقد خرج عـن الـدين وخرج عن العقلاء وخرج عن الإنسانية…

وبهذا يتضح زيف وبطلان والخروج عن الدين والعقلائية والإنسانية من يعيب على شيعة أهل البيت عليهم السلام بكاءهم وحزنهم على الحسين عليه السلام وتكفيره لهم واستباحة دمائهم….