18 ديسمبر، 2024 8:49 م

ثورة الأمام الحسين رسالة للحياة

ثورة الأمام الحسين رسالة للحياة

في يوم عاشوراء يتوقف الزمنُ ، ويتوقف التأريخ ، والأرضُ تصبحُ غير الأرض فقد خيّمَ عليها سكونٌ رهيبٌ مهيبٌ …. وهنا يبدأ الزمنُ من جديد ويبدأ التأريخ من جديد …. انها ثورة الأمام الحسين عليه السلام …والزمان سنة ( 61 هجرية ) والمكان كربلاء . فتعالوا معي لنرجع بالزمان الى الوراء ونقلّب التأريخ حيث ثورة الأمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أحد أعمدة أهل البيت الأطهار وأحد الخمسة أصحاب الكساء ، ويكفيه شرفا ورفعة انَّ جدّه سيد الكائنات محمد ( ص ) وأمّه فاطمة الزهراء وأباه بطل الأسلام علي بن أبي طالب . والسؤال هنا لماذا ثار الأمام الحسين ؟ هل طمعا في مال أو جاه أو سلطان ؟ وهل كانت ثورته من أجل الدنيا ؟ أسئلة تحتاج الى جواب موضوعي بعيد عن الأنحياز والتطرّف .
لقد ثار الحسين ( ع ) وحمل سيفه من أجل تدعيم وترسيخ قيم السماء التي أرسى قواعدها جدّه محمد ( ص ) … لقد ثار الحسين ضد الشياطين الذين لبسوا لباس الدين والأسلام ، وكانت ثورته ثورة عقائدية أوقفت زحف الباطل ورفعت رايات الحق والفضيلة ولم يبخل بحياته وأهل بيته وأصحابه …. فما قيمة الحياة أمام الحق ومقارعة الظالمين ؟
لقد ثار الحسين رافضا الجبروت والطغيان مدافعا عن قيم السماء التي تدعو بمجملها الى ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) وهنا لابد ان نسأل : لماذاً أعطيت ثورة الحسين مالم تُعطَ أيّة ثورةٍ في العالم على مر العصور من الدرس والتحليل ؟ ولكي نجيب على كل هذه التساؤلات نقول : ان ثورة الحسين لم تكن ثورة تقليدية ضد حاكم جائر مستبد ، لقد كانت أرفع وأسمى وأبهى ، كانت ثورة قادها بطل ابن بطل ترعرع في حضن الرسول الكريم ( ص ) ورضع من جدّهِ مبادئ الفضيلة والحق . وقال كلمة الحق بوجه أعتى الطغاة ودهاقنة التسلّط والأنحراف من الذين لاتعرف قلوبهم طعم الرحمة والأيمان .. ان ثورة الحسين حملت لنا رسالة الحياة وليست رسالة الموت ، وعلّمتنا الثبات على المبادئ ، وعلمتنا الأستقامة والأصرار على الحق …… لقد عاش الحسين وأنطلق وأستشهد وهو مضرّج بدمائه لكنه هو المنتصر في كل زمان ومكان .
ان ثورة الأمام الحسين ثورة تتجدد في كل عام ، وسرّ هذا التجدد أصالتها ومبدئيتها وهنا تكمن عظمتها وعنفوانها وصوتها المجلجل ضد القابعين في دهاليز الظلم والظلمات على جماجم المستضعفين ويسحقون كرامة الأنسان وينهشون لحمه بمخالب لذّاتهم وشهواتهم ……… فها هو التأريخ يتجدد والزمن يدور والطغاة يذهبون الى مزابل التأريخ ، وثورة الحسين تشمخ وتُكتب بحروف من نور الأيمان والعقيدة وتُحفَرُ في عقول وقلوب وضمائر دعاة الحق والفضيلة وتحرير الأنسان .
والآن ونحن في هذه الظروف ماأحوجنا أن نستلهم من ثورة الحسين الدروس والعبر من أجل الحق والعدل والفضيلة وأن ننهج نهج الحسين … نهج الحياة ، نهج الحب والتسامح ونغسل قلوبنا وعقولنا من أدران الشياطين لكي نهزم جحافل البغضاء والكراهية .. من أجل الحق والعدل ونصرة المظلومين وتعرية الفاسدين والمفسدين من الذين يلبسون ( لباس ) الدين ..