تقضي النصوص التاريخية الموثقة، بوجود إتفافات على قناعات العامة من الناس؛ تسوقهم لارادة السلطة.. تمارس عليهم نوعا من إستلاب الوعي، الذي يؤدي الى استلاب القدرات؛ فيتهافت الشعب تسحقه اعباء العيش المرير، وتعشعش في عقله خرافات تحيل النص المقدس الى شعوذة، يتبعها مغادرا قدسية الطرح الالهي المبين.
و… بالنتيجة يستقوي الحاكم على الدولة التي وهن شعبها، مستلباً، وتلك هي الحال التي ما زالت تتكرر منذ ظن اهل الكوفة بالحسين خارجيا، فنصروا يزيد على ثورة الحسين.. احبطوها مسلسين قيادهم للطاغية ابن معاوية، يسومهم خسرانا، فيلطعون جروحهم استخذاءً! متذللين كي يرضى تقبل طاعاتهم؛ كأن خفقة من جناح الوثنية حل في بشر!!!
إنها حقيقة تعيد نفسها.. عشناها مع الطغاة ، وقبلنا عاشها اهلنا مع الاقطاع واليوم مع الفساد و القتل؛ وإذا لم نعِ حكمة التاريخ وموعظته الكبرى، سيق أبناؤنا في الشرك ذاته.
الآن الاجيال مشغولة بالبكاء على الحسين، من دون التأمل بالملابسات التي ادت الى استشهاد الحسين ومن قبله ابيه.. علي.. عليهما السلام، وما بعدهما من ثورات لا تقل عن الطف أسى، احبطت قبل ان يصل شواظ شررها الى عرش سلطة الطاغية وسطوة هيلمانه.
ولهذا.. كي نلم بأبعاد ثورة الطف علينا ان نمد بصرنا تبع الارتهانات الواصلة بيننا ومظاهر الظلم التي تومض منذ 61 هـ الى هذا العام 1439 هـ.
في حاضرنا لو جاء الحسين عليه السلام تسبقه هالة القيم والمبادئ الحسينية، لتصدى له الارهاب والمفسدون وحماة الباطل المعاصر، باشكاله التي تستقوي بنسغ 1378 عاما من التجهيل المتعمد واقصاء الحق وترصين الشر.
لذا.. لنمزج تبادل التعازي، بمناسبة ذكرى عاشوراء الاليمة.. سنويا، بروح الحسين الثائرة على الظلم والفساد ومعاني ثورته، واضعين المبادئ الحسينية الراهنة، بمواجهة “داعش” و”الفساد” و… أعباء المرحلة التي ننؤ تحت ثقلها الموار والعمل على حُسنِ تأسيس بناء المستقبل بمنشآته وبشره؛ كي لا يتفتت البنيان ولا تضيق علينا الفضاءات بما رحبت، يوم لا نجد أثيرا نحلق فيه نحو المستقبل! و الجروح لا تعالج بالبكاء والروزخزنيات الوعظية الفارغة، بل بالمدارات العلمية والعملية ومنع تمزقها لاحقا.