بالتأكيد أدين فلم (براءة المسلمين)، وبالتأكيد أيضاً أدين كل الإساءات بحق رسول الإسلام العظيم، بل الأكثر من ذلك أدين كل الإساءات بحق جميع الأديان، ولكني اسأل هل المسلمين بعيدين عن الإدانة؟
من المعروف إن كرتنا الأرضية تتوافر على الكثير من الأديان والمذاهب، بعضها سماوي له علاقة بشكل أو بآخر بالسماء وبعضها دنيوي ارضي اخترعه الإنسان، وبما إن الأديان والمذاهب لا تقبل بالحلول الوسط، إذ لا نجد دين يعتقد إن نسبة الصحة فيه 99% مثلاً والدين الآخر فيه نسبة 1% من الصحة، لذا لم تجد تلك الأديان بعد تأريخ طويل ودامي من الحروب تحت راية الإله، لم تجد إلا التعايش فيما بينها حلاً عملياً وواقعياً، نعم واقعياً لان تلك الأديان لم تستطع بأي حال من الأحوال وبأي طريقة كانت من التخلص من منافسيها الآخرين، إذن التعايش هو الحل السحري والممكن الوحيد، ضمن هذا الإطار جاء التجاوز على نبي الإسلام خروجاً عن الاتفاق غير المعلن ينبغي التصدي له من قبل باقي الأديان وهذا ما حصل من اغلبها، لكن الغريب بالموضوع، وهذه حقيقة مؤلمة، إن اغلب من يسيء إلى النبي هم المسلمون أنفسهم!
فهل تعرفون سادتي إن كاتب قصة الفيلم مسلم؟ إن القصة تستند على المرويات الحديثية والتأريخية للمسلمين والمدونة بكثرة في كتبهم التراثية، لا يستغربن احد فقصص الحمار يعفور وحكاياته مثلاً تملئ كتب المسلمين بمذاهبهم المختلفة وقد احتاروا فترة طويلة في معرفة أصله وفصله ومكان ولادته واسمه الحقيقي هل هو يعفور أم عفير أم يزيد بن شهاب !!! بل انه كان عند بعضهم من أقوى الأدلة واصدق الشاهدين على نبوة النبي نفسه.
وغير يعفور هناك الكثير من الحيوانات التي نطقت بكلام فلسفي عميق إلى درجة يتخيل البعض وكأنه يقرأ في كتاب كليلة ودمنه !!! بل توجد بعض الحيوانات التي أخبرت بالمغيبات وحوادث المستقبل، ومن العجائب انه لا وجود لحيوانات تتكلم بعد وفاة رسول الإسلام !!!
هل تعلمون إن احدهم قد شغل نفسه سنين طويلة في البحث عن اسم الذئب الذي أكل يوسف وماذا كان يفعل في سيناء وعن رحلته للبحث عن “زوجة” في منطقة الجوزجان !!! المسكين لم يخبره احد إن يوسف لم يأكله الذئب أصلاً، وإلا لما وصلتنا تفاهاته.
أما في عصرنا الحاضر فقد استخدم بعض مدعي الإسلام اسم رسول الإنسانية لقتل الإنسان !!! إلى درجة إنهم صبغوا الإسلام بصبغة إرهابية تحت يافطة نشر الإسلام ومحاربة الغرب الكافر ولكنهم يقتلون الشرقي المسلم وهذا ما نشاهده في العراق كما في أفغانستان، باكستان، لبنان، جمهورية مالي …. الخ.
حتى الفلم نفسه، فمع إن إنتاجه تم قبل سنوات إلا انه فشل عند عرضه حينها وتم تجاهله من قبل الكثيرين، ولكن المسلمين قدموا لمنتجيه دعاية مجانية لو صرفوا مليارات الدولارات لما حصلوا على نصفها بل حتى ربعها، تأكدوا سادتي إنهم يشكرونكم كثيراً.
الم يكن من المناسب لإتباع نبي التسامح والإنسانية أن يتغاضوا عن تلك الإساءة ويقولوا (سلاماً)، آلا تعتقدون إن هكذا رد سيترك أثراً بليغاً عند الآخر وسيكون له تأثير هائل في كل أنحاء العالم؟ اعتقد عندها ستخرج مظاهرات في أوربا وأميركا تندد بالفلم بدلاً عنّا.
في الختام دعوني انقل لكم مثال آخر ذكره ابن الأثير في كتابه (البداية والنهاية) وهو يصف حصار التتار لقصر الخليفة: “وأحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب حتى أصيبت جارية … جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة، فانزعج الخليفة فأمر بزيادة الإحتراز وكثرة الستائر على دار الخلافة”
أقول: عاش خليفة المسلمين أمير المؤمنين وكلنا فداء جاريته الأثيرة !!!