الاستقرار في الشرق الأوسط أصبح حلم، وشبه مستحيل؛ ان تمر سنة واحدة دون مشاكل وحروب، منذ قرن من الزمن، والمنطقة تعيش على صفيح ساخن، أشعل فتيله “وعد بلفور” المشؤوم، ثم توالت معاهدات الخيانة واتفاقيات التقسيم؛ لتنتهي باتفاقية سايكس-بيكو، لتقسيم الدول العربية، من أجل حماية تلك الدولة الناشئة؛ على جثث ودماء وتبديد ثروات المنطقة برمتها.
إسرائيل وما تملكه من قوات عسكرية وأسلحة متطورة، وأنظمة جوية و قبة حديدية، وموارد مالية ضخمة، لكنها تبقى ضعيفة أمام حزب الله اللبناني، الذي أذاقها شر الهزيمة، عام 2006، رغم امكانياته البسيطة نسبيا؛ مع ما يملكه الكيان الصهيوني.
تمدد دولة بني صهيون، ليس فكرة عابرة أو تحليل، إنما هو معتقد يؤسس لنظرية تحت التطبيق، وتنفيذها على أرض الواقع، حلم اسرائيل من النيل الى الفرات.
مافائدة قيام دولة كردية في شمال العراق مدعومة من اسرائيل؟
يعكس هذا التوجه الإسرائيلي، بوجود حزب الله جالسا على كتف اسرائيل، واصبح القوة الكبرى التي تخشاها، فخطط لقطع طرق الإمداد وتجفيف منابع الدعم لحزب الله، من خلال إدراج الحزب، على لائحة الإرهاب، وشن هجوم اقتصادي؛ بفرض عقوبات كبيرة عليه، لكنها لم تؤثر كثيرا على قوة الحزب، و قدراته الصاروخية والعسكرية، لذا صار لزاما أن تقطع جميع الطرق الجوية والبحرية والبرية، التي تغذي هذه القوة، المهددة الكيان الصهيوني.
لا يخفى على المتتبع لشؤون المنطقة، ان الداعم الرئيسي لحزب الله هي ايران، وبعد إغلاق الجو والبحر بين إيران وحزب الله، من خلال مراقبة الملاحة الجوية والبحرية، بإشراف إسرائيلي، فلم يتبقى الا طريق البر؛ الذي يمتد عبر الأراضي العراقية، ثم سوريا لينتهي عند حزب الله، فجاء دور إغلاق الطريق البري على حزب الله، وتجفيف البركة الداعمة له لوجستيا، الذي يوفر قوة حقيقية، تهز أركان الكيان الصهيوني.
خطة التقسيم هي الطريق الاقرب والاسهل، لضمان غلق الطريق البري، لنبدأ من كردستان” إسرائيل المصغرة” وجود حدود إسرائيل مع إيران من خلال دولة كردستان، كما هي الحدود الإيرانية مع إسرائيل بوجود حزب الله، فجاء الاستفتاء مكملا لتلك الخطة، التي جعلت إسرائيل تدعم بكل قوتها، إنشاء دولة كردية على الحدود الايرانية، لتصبح معسكر للموساد الاسرائيلي، والجلوس على كتف إيران؛ كما يفعل حزب الله وجلوسه على كتف إسرائيل.
تمهد عملية الاستفتاء لمرحلة تقسيم العراق لثلاث دويلات، والتي تحقق الغرض الأساسي، وهو قطع طرق الإمداد على حزب الله واضعافه، ودفع هذا التهديد عن تل أبيب، ستبقى هذه المنطقة تعاني من عدم استقرار، وقد تنشأ حروب قومية أو مناطقية تكون للكيان الصهيوني اليد الأطول في إشعالها، لإضعاف هذه الدول وجعل المنطقة، خاوية مهدمة ينخرها الفقر والجهل والحرمان، ويحكمها الفاسدين والعملاء والسراق، حفاظا على امن اسرائيل.
القراءة الواقعية، بعيدا عن لغة المؤامرات والتحليل، هناك وقائع تثبت أن ما يجري في المنطقة ليس صدفة أو ما أطلقوا عليه الربيع العربي، إنما هناك خطط ومراكز قوى تدير هذه الحروب، وتستطيع ان تنهيها بكبسة زر لكنها تعمد على تمديدها وتغذيتها وإشعال المنطقة كي تنعم الدول المستهلكة للنفط بأسعار رخيصة، وحقول تجارب لأسلحة جديدة فضلا عن فتح سوق مستهلك السلاح الامريكي والروسي، الشركات تغلق وقد تتعرض إلى خسائر فادحة، إذا لم تكن هناك حروب، ومنطقة الشرق الاوسط ارض خصبة، لمزيد من الحروب، خصوصا بعد تلاشي داعش في العراق والشام، سيخرج علينا شكل جديد جاري البحث عن اسم له، لكن هذه المرة سيشمل دول خليجية كانت الداعمة الأولى لداعش، وأولها السعودية والإمارات.
املنا بالعقلاء والحكماء من المتصدين للشأن السياسي، والقادة الوطنيين والمرجعيات الدينية التي تصدت للمخططات الإرهابية بكل قوة وحزم، واليوم تتصدى لمخطط التقسيم بكل جراءة ووطنية، عرفت بها على مر العصور، نحمد الباري على وجود المرجعية العليا، في هذا الوقت العصيب الذي يمر على العراق والمنطقة، وأسأل العزيز القدير ان تنتهي الأزمات وننعم بالأمن والاستقرار، في ظل حكومة وطنية ترعى حقوق الرعية وتوفر لهم العيش الكريم، سلام على أرض تفيض عطاء وطيب ثراها دم الشهداء فهذا حسين وذي كربلاء ، أصبح للعالم لسان وفم.