ثمة إتفاق عالمي لرفض إستفتاء كوردستان، ناجم من الرفض الإقليمي والمحلي، ووقف الإجراءات التي من شأنها تقسيم العراق، وقد يكون أهمها من السعودية وأيران وتركيا، وبمعنى آخر أن هذه الدول إتفقت على مشترك دون طاولة حوار، وإيضاح لمشتركات أكبر وأكثر من نقاط الخلاف، وشعور بأن الخطر على العراق تهديد لأمنهم في الوقت الحاضر.
استطاعت أيران إقناع تركيا بخطر الإستفتاء، والأخيرة رفضت بشدة وهددت بشتى الوسائل ومنها العسكرية، فيما أرسلت السعودية وفد رفيع المستوى لإقناع الكورد بالعدول.
إجتمعت هذه المواقف بعد عقود من القطيعة وإختلاف وجهات النظر في أغلب الملفات، وتكاد الأعوام بعد 2003م الأكثر حدة، سيما ما يتعلق بالعراق، وتبعثرت القوى الى أطراف متصارعة، ويبحث أحدهما للإطاحة بالآخر، وأن إلتقت بنقطة أختلف بألف عنها، من المتبنيات والشكوك وتجوس وصل ذروته الى تهديد الأطراف لبعضها بالحرب، بالإعتماد على مصادر ناقلة وماكنات إعلامية.
ربما بعضها لا يرضيه النظام السياسي العراقي، وأن أقتربت تركيا الى السعودية أكثر من أيران، بينما تقاطع في معظم الملفات بين أيران والسعودية، ومجمل هذه الدول دعمت مجاميع عراقية سياسية، والنتيجة تحول العراق الى ساحة صراع، ونقطة إنطلاق الإرهاب العالمي الى بقية بلدان العالم وهذه الدول.
بعد ثلاثة سنوات من إجتياح داعش لأراضٍ واسعة من العراق وسوريا، وما نتج من إرهاب في عدة مدن عالمية، وبعد النصر العراقي وعودته الى المنظومة الدولية، أصبح يقيناً لدى هذه الدول أن الإرهاب لا يستثني أحد، ومن حسناته أنه جمع كل المنظومة الدولية في خانة العداء والإستهداف، وبدأت هذه الدول تدرك أنها أول المستهدفين حال خروج الإرهاب من العراق، وبقاء الخلافات سيولد أجيال أشد عنفاً وأكثر أنتشار، لكنه بجغرافية مختلفة والأقرب ما يجاور العراق.
إن إتفاق هذه الدول الثلاثة، يعني تراجع بعضها عن مشاريع التقسيم، وشعور منها بأنه أن حدث؛ سيضرب بقية المنطقة كالاعصار يبدأ بقيل ثم يشتد ليعود للهدوء عند البعيد، وهذه الدول في المناطق الأكثر عصفاً، وتجربة العراق في مواجهة تحديات التقسيم والحرب الأهلية ومحاربة الإرهاب، أفضل قاعدة لهذه الدول لتدرك رشدها، وتجتمع لترى العراق وتعامله بحزم ضد الإرهاب شعباً وقوات أمنية، وموقفه المحايد من كل الأطراف الأقليمية.
لم تتوقف قناعة الدول الثلاثة على خطر الإستفتاء وتقسيم العراق عليها، بل ذهب بعضها الى توقع نشوب حرب عالمية، ومحور رحاها يسحق المنطقة.
أثبت التجارب بأن ضعف العراق يعني زعزعة المنطقة، والقناعة رسخت عند مجاوريه بأن الصراع إذا حدث مجداً، فلا يمكن حسمه او توقع نهايته، ومصلحة المنطقة بعراق قوي متصالح، مع رفض العراقيون أن يكون بلدهم ساحة صراع، ومن مصلحة المنطقة تقريب وجهات النظر بين دولها، ويكون ساحة العراق تحاور، في منطقة استنزفتها الصراعات دون مبرر، وشعوبها تتطلع للسلام والرفاهية والتعاون المشترك، والعراق الجسر الأقرب لتركيا ومن خلفها اوربا للخليج وبحر العرب وآسيا، وطريق بري يربط ايران بالسعودية وتركيا، ويمثل قلب مثلث إقتصادي يحتاج الحكمة والقرار الشجاع، والعراق قادر على مسك زمام المبادرة لخلق علاقة تكاملية بين دول المنطقة.