امتازت خطابات ساسة وقادة الشيعة بخطاب ذو نزعة مقاومة، بأسلوب المعارضة التي تنزع نحو الثورية حتى في غير وقتها، لانها قائمة على تحدي النظام البعثي، والتأكيد على الجانب الغامض في الخطابات كما هو حال المعارضة وسرية العمل المعارض، لتكون ثيمة ميزت الخطاب الشيعي والتصقت به رغم محاولات البعض للخروج عن هذا اللون من الخطاب، كونها كانت نقطة ضعف الخطاب الشيعي بعد ٢٠٠٣، فكان الخروج من هذه المتلازمة شكل تحدياً حقيقياً لم يكن التغلب عليه أمراً هيناً، أدى في بعض الفترات الى ضياع بوصلة القيادة، بسبب عدم قدرتها على التصرف كقائدة لا معارضة، مما أدى الى ضياع الكثير من الفرص الحقيقية التي كانت ستجعل من المعادلة مختلفة .
بعد سقوط الصنم وعودة المعارضين من الشيعة، ليدخلوا وطنهم دخول الفاتحين بعد عقود من المقاومة والتضحيات والشهداء، ليستمروا بنفس الخطاب الذي كان متناسبا مع طبيعة مرحلة ما بعد سقوط الصنم وتحدياتها الخارجية والداخلية، ليكون بمثابة رد على الخطابات الطائفية والتحريضية، التي لم تتقبل ان يكون شيعة العراق حاضرين وبقوة في رسم مصيرهم بعدما كانوا يوضعون على مقاصل الاعدامات لانهم شيعة لا لغير سبب، مما حجم واضعف الخطابات الشيعية ليختزلها في مساحة الرد على التحريض، لتبتعد عن المبادرة وتكون عبارة عن ردود تجاه الافعال الاقليمية والداخلية، مما ادى الى ضياعها وتشتتها وعدم تركيزها على بناء الدولة والمجتمع وبناء خطاب يمتد على حدود الوطن لا حدود الطائفة !.
كانت ولا تزال ازمة الخطاب الشيعي محيرة لاغلب مثقفي ومفكري وقيادات الشيعة في العراق، بينما كانت بوادر ظهور الخطاب الوطني خجولة ومترددة من جهة، ومرفوضة من الجماهير الشيعية من جهة اخرى، لانهم اعتادوا على خطاب المظلومية الذي وان كان معبرا عن مظلوميتهم، ولكنه لن يبني لهم دولة رغم محاكاته لمشاعرهم، الشيعة حاضرون وبقوة في منظومة الحكم العراقي، وهذا يعني ان خطابهم يجب ان يمتد ليحاكي جميع الطوائف والقوميات والمكونات العراقية، اذا ما ارادوا ان يكون رجال دولة لا رجال معارضة، خطاب الحكيم في الاول من شهر محرم الحرام في المهرجان الجماهيري الذي اقامه تيار الحكمة الوطني في اربعة عشر محافظة محتضناً جميع مكونات المجتمع العراقي من سنة وشيعة ومسيح وصابئة واقليات، كان خير معبر عن الخطاب الوطني، لنرى ان غيوم ازمة الخطاب انفرجت بوضوح الهوية وفهم الدور ومعرفة المطلوب، ليكون خطابا شيعية وطنيا لا شيعيا معارضا، فكان خطابا بعمق الوطن، حيث عبر عن جميع مكوناته بصبغة حسينية، ليجعلوا من ثورة الامام الحسين خطابا لاحتواء جميع ابناء العراق، وليعلنوا اسلاميتهم ووطنيتهم في آن واحد، كون الاخيرين متكاملين لا متناقضين كما يريد إظهاره البعض .