22 نوفمبر، 2024 11:55 م
Search
Close this search box.

ألو… من أنت

:- من أنت… أنا لم أعد أتذكر شيئاً… يبدو أن الشظايا عبثت في الذاكرة..
قلت له:ـ أنا متأكد بأني ما زلت في الذاكرة، سأنثر أمامك بقاياي لتذكرني، أنا الذي كنت دائماً أحدثك عن المنفى، فتحدثني عن الوطن، البقعة التي نسميها الوطن تتسع أحياناً وتضيق أحياناً أخرى، كنت أشعر بقربك الأمان، فلذلك اتبعتك كظلك، ألجأ اليك حتى في وحدتي، أراك أترقبك، وأنت تستلقي فوق التراب تسكنك المرارة:ـ حين يستلقي الانسان على التراب تنهض روحه لتحميه، ولهذا كانت روحك دائماً يقظة..

تذكرتني؟

:ـ لا لا للأسف.. لا لم أعد أتذكر شيئاً بعد يبدو أن الشظايا عبثت في الذاكرة، من أنت؟

قلت له:ـ حين حملتنا السيارة في آخر الجولات جنوب مدينة تكريت، واستقرت مواقعنا في قرية العوينات، كان الطقس حاراً، والأرض عطشانة، ورحت تحدثني عن تاريخ العطش، يبدو أن كل شيء هنا معد لهجوم كبير، وكاد أن ينفد الماء، سرعان ما اكتشفت السر، فهذه المواضع المنتثرة هناك احتلت موقعاً مهماً في قلب المعركة، رغم انها على أطراف غير مسوبة، لكنها أغلقت على داعش المنفذ الاحتياطي، ويبدو أن منفذهم الرئيسي قد سقط، ولذلك صار لابد عليهم من فك الحصار، وفك الحصار يعني خلق حصار متين حولنا..

الله عليك يا عزيز، كانت تسكنك البطولة والشجاعة واليقظة دائماً ويسكنك الوجع، في وسط هذا القتال المرير، ونحن قاب قوسين عن الموت، كنت توصيني بالحياة، اقتصد في عتادك وهم ينتظرون نفاد الحياة في جعب الرصاص، نرمي ونحلم بالحياة، تحلم تسجل ابنك محمد هذا العام في الروضة، وتحلم أن تشتري لزوجتك الحلقة التي باعتها ساعة عوز، وتحلم متى ستتخلص من الايجارات، ويكون لك بيت، وتحلم متى يعود السلام لبلد السلام.

أحدث المقالات