لقي موضوع الإستفتاء الكردي، إهتماما واسعا على المستوى السياسي، والإعلامي، وعلى المستوى المحلي، والإقليمي والدولي،وأصبح مادة دسمة للإعلام المحلي.
نعم هكذا حدث يستحق ذلك الإهتمام، لما له من تأثير على الوحدة الوطنية العراقية، وتهديد السلم المجتمعي، بحرب قومية بين العرب والكرد، بعد ما عانينا من الحرب الطائفية، التي ولت دون رجعة، وتداعيات على المستوى الإقليمي ودول الجوار.
يبدوا أن موضوع الإستفتاء، له مكاسب سياسية للكرد، في رفع هكذا مطلب عالي، والتهديد بالإنفصال، مع علمهم بالثمن الباهض الذي سيدفعوه، في الإصرار على تلك الخطوة، وهم يعلمون المعارضة الشديدة، من قبل الحكومة العراقية، وجميع المكونات السياسية العربية، وأغلبية الشعب، ومعارضة الدول المجاورة، كتركيا الي هددت بإستخدام القوة، والمعارضة الشديدة من قبل الجمهورية الإسلامية، أما الرفض الدولي، فيبدوا أقل حدة فالولايات المتحدة، تطالب بتأجيل الإستفتاء لا إلغاءه، والتأييد الإسرائيلي الوحيد الصريح.
الكرد من تلك الخطوة، سيجنوا بعض المكاسب من الحكومة، في التراجع عن القيام بالإستفتاء، وهم سموها “ببدائل الإستفتاء” وهي تتمثل بالأمور المالية، وقضايا النفط، فضلا عن صرف النظر عن المشاكل الداخلية، التي يعاني منها الإقليم، فالمساعي القومية نحو الإستقلال، حتى وإن كانت رمزية في الوقت الراهن، ستحث الكرد على تجاوز إنحيازهم الحزبي، وخلافاتهم الداخلية من أجل القضية القومية، وبإمكان بارزاني تعزيز موقعه، من خلال عدم إستخدام الإستفتاء، كبديل للإنتخابات المزمعة في تشرين الثاني، بل فرصة لتفعيل البرلمان، والإلتزام بحكومة جيدة، ومن شأن هذه العملية أن تحث الأحزاب الكردية، إلى التوصل إلى تسوية بينها، بينما تتيح لبغداد وأربيل، كسب مزيدا من الوقت، للتفاوض بشأن علاقاتهما بعد دحر داعش، وحول مصير المناطق المتنازع عليها.
لا يمكن لأي حزب كردي، أن يقف ضد الإستفتاء، ويعتقد البعض أنها الطريق الوحيد، الذي يتيح لحكومة الإقليم، الإستعداد للتغييرات البنيوية، التي يبدوا أنها ستهز المنطقة، أما البعض فيعتقد أنها مجرد ستار، لنزع الشرعية عن المؤوسسات الديمقراطية، وإقامة إرث شخصي لمسعود بارزاني، فهو وحزبه من أقوى المؤيدين للإستفتاء، ويصران على إجرائه، حتى دون موافقة البرلمان الخامل.
القيام بالإستفتاء لا يعني الإنفصال، كما صرح المسؤولون الكرد بذلك، إلا أنه سيمثل ورقة ضغط، وتهديد، وإبتزاز للحكومة المركزية، ومن هنا على الحكومة، التعامل بحذر، وحزم مع المواقف الكردية، وتوحيد الجبهة الداخلية العراقية، والتنسيق مع الدول الإقليمية، والدولية لكبح جماح الكرد، أما إستخدام القوة، والحرب فيجب أن تكون آخر الخيارات، بعد إستنفاذ كل الطرق السلمية.