الشعب الكردي في العراق الذي قوامه ٦ ملايين كردياً لديه مساراً تاريخياً لا اود الخوض فيه فهو امتداد لأقوام سكنوا جغرافية جبال زاكروس ولكن ساتكلم بما رأيته وشهدته من خلال متابعتي لخطوات القادة الكرد من اجل التقرب من تحقيق حلمهم بانشاء وطنهم القومي ، لن اتكلم عن ما يخوض به البعض من التقسيم والتآمر على العراق وهو الوطن الذي ولد في العام ١٩١٩ فقبل ذلك لم يكن يوجد عراق ولا اقليم بل كانت ولايات تحت الحكم العثماني فالعراق كدولة عمرها ١٠٠ عام والكرد فيها في صراع مع السلطة رافعين شعاراً لنضالهم هو رفض تقسيم سايكس بيكو وعدم منحهم وطناً قومياً والصاقهم بدول العراق وسوريا وتركيا وايران مما يروه اجحافاً وانكاراً لوجودهم .
الكرد شعب حمل قضية وضحى من اجل قضيته بالالاف من الضحايا وشردوا وسكنوا الجبال لكنهم لم يستسلموا ولم يذوبوا في المجتمعات الحاضنه كما ذابت بعض الاقليات كالشركس مثلاً بل العكس أسسوا احزاباً سياسية بعد ان كانت ثورتهم قبليه وبدأوا العمل السياسي باختيار طليعة مثقفة وواعية تلقت علومها في الخارج لتكن العقل المفكر لتلك التنظيمات يوحدهم شعار الدولة القومية الحلم .
بعد العام ١٩٩١ حدث تطور كبير حيث اصبح للكرد شبه دولة او بالاحرى دولة تنقصها الشرعيه فشكلوا برلمان وحكومة وبدء العمل الفعلي والتخطيط للدولة كاملة الشرعية ارسلوا مئات المبتعثين الى الخارج والى ارقى الجامعات تصنيفاً ووضعوا شعاراً دولتنا يبنيها الاكاديميون ومن خلال هؤلاء وطدوا علاقات متينة مع دول الاتحاد الاوربي الاقرب ومع الولايات المتحده الامريكية وبريطانيا وكانت فرنسا والمانيا الدولتان الاكثر قرباً ومناصرةً لقضيتهم فلم يحاصر شعبهم خلال فترة الحصار بل العكس وكل ذلك تم بجهود سياسيهم ودبلوماسيتهم فكانت الفترة بين ١٩٩١ ولغاية ٢٠٠٣ هي فترة بناء الكوادر كما يسميها قادتهم وكانوا ايضاً ملاذاً آمنا للكفاءات العراقية المناهضة للنظام في حينه .
بعد العام ٢٠٠٣ بدأت القيادة الكردية بجني ثمار خططها واستثمار جميع المخرجات السياسية والاقتصادية في البناء والتدريب والتأهيل ، فاستقتطبوا كل الكفاءات العراقية الاكاديمية بعد ان تم ملاحقتهم من قبل السلطة او المليشيات ، استقبلوا القيادات العسكرية والطيارين ولم يسائلوهم عن حلبجة او الانفال بل العكس وفروا لهم ملاذاً امنا واستقبلوا حتى قيادات وكوادر بعثية دون اي مشاعر للعداء او رغبة في الانتقام ، باشروا ببناء دولة المؤسسات وارسلوا الاف البعثات من الكوادر في دورات للتطوير الاداري والادارة العلمية وذكر لي احد الاخوة الذين عملوا في مجال الترجمه في اسطنبول انه كلف بالعمل من قبل المعهد الذي يعمل به كمترجم في دورة تأهيل يقول ان جميع المشتركون بها من الشباب والشابات الكرد من الخريجين باختصاصات مختلفه وكانوا يتدربون كمجلس ادارة بلدي فكان احدهم يمثل مدير الكهرباء والاخر مدير المياه وهكذا ويعطون معاضل ضمن مجالاتهم ويحاكون حلولها باقصر الطرق واقل الكلف ضمن التفكير المنطقي وبحوث العمليات في المعالجات ، قال لي الاخ المترجم حينها انهم شباب في طور التأهيل لشغل مناصب ادارية في اقليم كردستان والمدربين هم جامعة امريكية ومعهد للتدريب الاداري وادارة الازمة والاغرب انهم مواطنون كرد شباب من حملة الشهادات ولم يكن بينهم ابناً لمسؤول او قريباً لقائد سياسي .
للاكراد ممثلاً في البرلمان الاوربي واتحاد البرلمانيين ولديهم لوبي قوي في الولايات المتحده الامريكية درسوا تجارب العديد من الدول وتعمقوا في التجربة الروسية واليوغسلافية بعد الانفصال وخطوات بناء الدولة بنوا جيشاً عقائدياً يموت تحت راية كردستان بنوا ٢٥ جامعة والاف المدارس مئات المستشفيات لديهم مراكز تطوير تماهي احدث المراكز في العالم بحوثهم في مجالات الري والمياه والسدود والطاقه تسير بخطى متسارعه الزراعه بالطرق الحديثة والري بالرش مشروع تتبناه الدولة بريادة والتبادل الثقافي على افضل مستوى جامعتين امريكيتين وجامعتين فرنسيتين وجامعة بريطانية في الاقليم جعلوا المرضى من العاصمة يشدوا الرحال الى كردستان للعلاج .
ختاماً بغض النظر عما ستؤله نتائج الاستفتاء وبحيادية بعيده عن نظرية المؤامرة انهم شعب انجب قيادة مستميته في الدفاع عنه وممثليهم في البرلمان العراقي اغلبهم خريجي كليات القانون بنسبة ٨٠٪ منهم بينما برلمانينا بين الچايچي والمليشياوي وخريج الابتدائية فضاع البلد .
الكرد ليسوا سذجاً وقد حسبوا كل الاحتمالات فانشاء دولة ليس كبناء مقهىٰ انهم خططوا لكل طارئ والشرعية لدولتهم الوليدة امراً مفروغاً منه وستبقى اللعنة تطارد من فكك ودمر بلداً متأخياً من اجل مذهب وسلطة .