سمَّى الغدير نسبة إلى المكان الذي وقعت عنده الخطبة، وهو غدير خم القريب من الجحفة تحت شجرة هناك ,والغدير هو حسب معجم اللغة العربية المعاصر “مياه راكدة، قليلة العمق،يغادرها السَّيلُ” أخذ الرسول الأعظم (ص) بيد الإمام علي (ع) فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال: أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم ,قال: إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، يقولها ثلاث مرات ـ وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرّات ـ ثم قال: اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيث دار، ألا فليبلّغ الشاهد الغائب .
المغزى من الغدير هو السير على نهج علي والمضي على طريقه والعمل بخطه وسلوكه,التزاماتنا أن كنا ندعي نوالي ونعاهد علي أن نتعامل بصدق وإحسان مع الناس لا نغشهم ونتلاعب بمقدراتهم ,لا نسرق وونهب الأموال تحت عناوين وحجج وتبريرات شرعية لا تمت بصلة للشرع وللدين ,لا نتجاوز على حقوق الآخرين ,لا نكذب ونزيف الحقائق ونلوث التاريخ ,لا نأخذ الحياد ونحن نرى المظلوم وحده يجود بنفسه في الميدان ولا نحرك ساكن ,لا نبيع مبادئنا وثوابتنا وتنازل عما نؤمن به ,أن نقول الحقيقة ونرفع الحيف لمن يطلبه كواجب أخلاقي وإنساني يفرض علينا ,أن يكون خطابنا الذاتي متفق مع عملنا بعيداً عن النفاق والازدواجية والتلون ,أن نكون متواضعين بسطاء ,نتسارع لقضاء حوائج الناس لا نساوم عليها لقاء مالٍ أو مردود غير أخلاقي فعلي كان أب لجميع رعيته يتابع أمورهم ويسأل عن فقرائهم ويقضي حوائجهم ,لا يضيع حقاً عنده مهما كان مغتصبه وسطوته ونفوذه ,وهو القائل {الضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه} أن لا نأتي بالسفهاء وعديمي المروءة والحمية ونعطيهم المناصب ونسند لهم مقاليد الأمور ليذهبوا بها لملذاتهم الدنيئة ,أن لا تأتي بمن يخون الأمانة ليسرق ويعلل سرقاته ثم ينجوا من فعله الآثم ,كان علي روحاً للأخوة والتسامح والإيثار ولا زال عنواناً للتعايش السلمي بين كل مكونات المجتمع ليس للحقد والضغينة مكاناً بين نفسه الكبيرة العملاقة,وهو القائل {الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق} لم يقرب فاسداً منه بل حارب كل المفسدين لأنهم يعيثون فساداً بالأرض وينشروا ثقافة اللصوصية ,كانت الخلافة في نظره لا تساوي عفظة عنز إما أن يقيم الحق ويدفع الباطل ,مثالاً للتواضع ونكران الذات والعفو عند المقدرة متسامح مليء عطاء وجود وكرم حتى في موته شجاعة ,كان يسعى لبناء الإنسان ويعيد هويته ويحفظ كرامته من الانهدار,على القائمين على أمور المجتمع أن يجعلوا من علي عنواناً للحق ومثالاً ودرساً في مسيرة حياتهم بأن ينصفوا المظلومين ويعيدوا حقوقهم ويضمدوا جراحهم من الآلام ومحن السنين القاسية التي مرت عليهم وأشبعتهم أيذاءاً .