ان الحديث عن شهيدنا الحبيب الولي الطاهر السيد محمد محمد صادق الصدر لا يمكن ان ينجز بهذه الاسطر القليلة او حتى الصفحات او المجلدات ولكننا سنحاول التطرق الى بعض ما قام به (قدس سره) من ثورة اصلاحية في المجتمع العراقي حتى قال بعضهم ان النساء بعد الائمة الاطهار عجزن ان يلدن مثله لانه كان نموذجا متجددا في الفكر والشجاعة والحكمة والعلم الغزير وكلنا يتذكر كيف ان الحوزة كانت انذاك غائبة عن الجماهير الى ان جاء ولينا الطاهر ليكون بين ابناء المجتمع بروحه وانفاسه وفكره وشجاعته ، ولم يقتصر اتصاله مع الجماهير على طبقة معينة من المجتمع وانما كانت جميع شرائحه واطيافه هي المحور الاساسي لبناء السيد محمد الصدر .
لقد تصدى (قدس سره) لما كان يكتنف الشارع العراقي في ذلك الحين من فساد وانحراف نتج عن السياسات والمخططات الامبيريالية والتي نفذت بايدي البعث وازلامه كما ان تقاعس الحوزة في ذلك الحين وبعدها عن المجتمع وشجونه كان سبب اخر لذلك الفساد كما ان المساجد كانت مهجورة الا من بعض كبار السن الذين لا يتصور اغلبهم العبادة سوى عبارة عن صوم وصلاة والا فان النسبة العالية من الشباب كانت تعيش حياةعبثية صاخبة لا تخرج عن محوري الطربي وكرة القدم وكان هذان الوبائين متفشيان في المجتمع العراقي بحيث يستحيل استئصالهما وفي ظل ذلك الجو من الفرق في المعصية والانحراف تصدى سماحة السيد الشهيد الصدر وبعد ان وجد الوقت مناسبا من ناحية الفراغ المرجعي تصدى (قدس) لشؤون المرجعية بعد التوكل على الله على الرغم من قلة الناصر والاتباع حيث كان سماحته (قدس) يعيش في انعزال كامل عن الحوزة والتي كان الاعلام فيها يتحاشى ذكرى اسمه ما يحمله هذا الاسم من مفاخر حين بدأ (قدس) نهضته بتوفيق الهي مخترق المنهج التقليدي الحوزوي ضارب به عرض الحائط موسعا لصرح حوزوي كبير (الحوزة الناطقة) وكان ان بدا سبل الحملات المسعورة ضد السيد الشهيد (قدس) قاصدة تشويه السمعة وتسقيط الشخصية لكن سماحته لم يبال بذلك وكان (قدس) يقول عن ذلك في احدى خطبه (ان الذين يتكلمون عني بسوء ظنا منهم هم انني ضد الدين ولو كانوا يعلمون العكس لما نالو مني فأنما هم يضنون بوقوفهم ضدي انما يدافعون عن الدين جزاهم الله خيرا فما دامت هذه الحياة موجودة عندي والنفس يصعد وينزل فاني ارحب بكم بكل قلبي واعذركم عن كل ما حصل منكم وتعذروني ان كان حصل بعض الشيء مني او ممن يرتبط بي او ينتسب الي ونفتح تاريخا جديدا ونلاحظ الخلق العالي الذي يتمتع به شهدنا الحبيب حتى مع من اساء اليه واتهمه بالباطل فانه يمد له يد المودة والمحبة .
اما اذا اردنا الحديث عن اهم مشروع قام به السيد الشهيد الصدر (قدس) فاننا سوف نتحدث عن صلاة الجمعة المباركة والذي كان (قدس) يقول عنها انها فتح عظيم وهي كذلك بالفعل حيث اولاها كل الاهتمام وجعلها مكانا في غاية الاهمية باعتبارها الالية الاساسية التي مارس من خلالها مشروعه التغييري المبني بشكل متماسك وفق التخطيط الالهي العام والذي يمثل لديه الارضية التي تبنى عليها جميع افكاره ورؤاه الاصلاحية ، ومن ثم فان الجمعة هي القناة الاساس الذي كان الولي الطاهر قد بدأ اولا بالدعوة لاقامتها والاستدلال على وجوبها ان اجتمع العدد المطلوب فقهيا ومن الواضح ان في نفس هذا الفعل نهوضا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو اقامة صلاة الجمعة .
لقد حمل شهدنا الحبيب بين عباءته وكفنه كل معاني التضحية والقيم و الاخلاق والشجاعة القلبية وان كان مستضعفا خالي اليدين مفتوح الصدر ولا يملك المال والسلاح ما عدا سلاح الايمان طبعا الذي تميز به دون غيره في وجه اقوى طاغوت في العصر المنصرم وكما قال (قدس سره) ( انهم يمتلكون المال والسلاح ونحن نمتلك الله ) ويقف ويصمد ولا يبخل لا بالروح ولا بالدم ولا بالولد فقط كان بخيلا اشد البخل ان يساوم بالدين فكان خير مصداق لكلمة الحق بوجه سلطان جائر فكان ولا يزال وسيبقى بعونه تعالى منبره يهتف بكلا كلا امريكا ، كلا كلا اسرائيل ، كلا كلا استعمار ، كلا كلا يا شيطان .
وهنا قد اثبت (قدس) ان سلاح الايمان غير قادر للهزيمة ويبرهن الى اي حد يتناسق الاسلام مع المبادئ الثورية والمغيرة لمصائر الامم والى اي حد تستطيع البلاد الاسلامية ان تستفيد من هذا السلاح الفعال القديم جدا المتجدد يوميا … السيد الشهيد الصدر كان ولا زال وسيبقى الحاضر الغائب في ساحة الصدام سواء مع الشيطان او مع جنوده كالاستعمار على سبيل المثال لا الحصر اما اذا اردنا الحديث عن مؤلفاته فانها كانت قلما نجد لها نظيرا في مكتبة التصنيف الشيعي كموسوعة الامام المهدي (عج) او فقه الاخلاق او ما وراء الفقه او فقه الفضاء …. لقد نذر الشهيد الصدر نفسه وافنى حياته الشريفة لرفعة الاسلام الحنيف واعلاء بيضة المذهب الجعفري الشريف بالعلم والعمل حتى رزقه الله الشهادة بعد ان قاد الصحوة الاسلامية العارمة في العراق لترحل نفسه المطمئنة الى بارئها راضية مرضية بعد ان نال جميع المراتب الدنيوية فضلا عن الاخروية وبقيت المرتبة التي لم ينلها في حياته فنالها بشهادته لقد ارسله الله لنا للانذار والتنبيه من الغفلة التي كنا ولا زلنا نعيشها وكما قال في اكثر من مورد كخطبة او لقاء (سوف تسألون يوم القيامة ويقال لكم الم ارسل لكم سيد محمد الصدر اللهم اني قد بلغت) فابرء ذمته امام الباري عز وجل ونفسه ومقلديه …. فسلام عليك يا سيدي يا ابا مصطفى يا من عطرت التأريخ بعبق الشهامة والايثار والتضحية من اجل الدين .
سلام عليك وانت مرمل بدمائك الطاهرة مع ولديك الشهيدين اللذان لم يكونا اهون على الله من فصيل ناقة صالح .
سلام عليك ايها العبد الصالح المجاهد الناطق بالحق
سلام عليك يوم نطقت وسكت الجميع
وختاما لا نقول الا كما قال السيد مقتدى الصدر (اعزه الله) قتلوك يا والدي فكنت عنوان الشهادة ، رفعت وصاروا عنوان ذل ومهانة .