المسؤولية هي تكليف الفرد بمهام يقتضي أكمالها بمهنية عالية وامانة، رائدها في ذلك الضمير والعقل وشرف المهنة، وماجاءت به الأديان السماوية والقوانين الوضعية، فضلاً عن الجزاء الدنيوي، ومن مميزات المسؤول الناجح، الصبر والمرونة والمثابرة بالعمل والتعاون، وحل المشكلات، والمسؤول بأمكانه كسب ثقة الناس من خلال أبداعه وتواضعه في عمله، حتى تكون له قيمة في المجتمع، والمسؤولية ربما هي وسيلة لعمل الخير وخدمة الناس، واذا أردت التقرب من الله تعالى عليك ان تعمل بجد وأخلاص حتى تحصل على مرضاة الله سبحانه وتعالى .
وفي هذا الوقت لاحظنا وجود هكذا أشخاص مميزين ومخلصين، أعطوا للمسؤولية حقها ، فقصة محافظ واسط مالك خلف الذي سلم منصبه الى محافظها السابق محمود ملا طلال والذي عاد الى منصبة بقرار قضائي، لهو أبسط مثال على ذلك، فقد زهد مالك بكل شيء كان مالكًا له عندما كان محافظًا، بيته وسيارته الشخصية، والذي كان له الحق بإبقائها لمدة سنة واحدة بعد تركه المنصب حسب القانون، فعاد الى مزاولة عمله كموظف في وزارة التجارة في سبيل إكمال مسيرته الوطنية الخالصة، ألا وهي خدمة الوطن، ولم يفعلها قبله وزير ولا محافظ مثله، ووطننا اليوم بأمس الحاجة الى هكذا شخصيات نوعّية وأمينة بعملها ومتواضعة مهما كان حجم منصبها، تعمل وتخدم وطنها بكل تفان وأخلاص، وتخرج من منصبها بكل صمت واحترام.
واذا أردنا ان نأخذ مثالاً آخرَ عن التداول السلمي للسلطة، فالسيد عمار الحكيم خير مثال نطرحه لكم عندما تسنم رئاسة التحالف الوطني بعد ما أتفقت قياداته على ان تكون الرئاسة دورية تتم كل سنة، عندها أختير رئيساً له، فعمل على قدم وساق مع اخوته في التحالف لجمع الفرقاء وترميم البيت الشيعي ومن ثم أنطلق الى ترميم البيت الوطني، فشكل ورش عمل ولجان تعمل على تقريب وجهات النظر حتى جعل من التحالف مؤسسة فاعلة ومؤثرة، على الرغم من الكثير من المنغصات والتشويهات التي طالت سماحته طيلة هذه الفترة وحاولت النيل من شخصه وإدارته، وبذل جهودًا كبيرة من اجل إخراج سفينة التحالف من حالة الركود، وتوجيهها على المسار الصحيح، وأستطاع أيضا تهدئة الأوضاع، وعواصف العملية السياسية وحل الكثير من المشاكل، وتقليل التدافع بين مكوناته وبين القوى الوطنية، وقبل نهاية رئاسته الدورية بأربعة أشهر طالب قادةَ التحالف الوطني، بأن يباشروا بإجراءات الرئاسة القادمة من الان، وصرح أيضا بإننا نقترب من نهاية الرئاسة الدورية، فليكن التحالف الوطني هو القدوة في عملية تبادل المواقع وتناوب الرئاسة.
وبعد مضي أربعة أشهر على تقديم طلبه الى الهيئة القيادية للتحالف الوطني، فقد كرّر أيضا نداءه لأخوته في خطبة صلاة عيد الأضحى المبارك، فقال أؤكد لأخوتي المحترمين في الهيئة القيادية للتحالف الوطني على أن مدة رئاستنا الدورية، قد اوشكت على الانتهاء وأرجوا منكم الإسراع في اختيار رئيس للدورة القادمة، وسبق و أعلنّا عن هذا الطلب، كي يكون للأخوة في الهيئة القيادية الوقت الكافي لإختيار البديل، وأتمنى أن يحسموا أمر اختيارهم للبديل بالسرعة الممكنة، فقد حسمنا أمرنا بتسليم الأمانة في موعدها المحدد.
فمن هذا الحس الوطني والحضاري نقدم دعوتنا الى المسؤولين والسياسيين، بعدم التشبث بالمناصب والكراسي، لان المناصب لها وقت، تزول وينتهي كل شيء، فكان بإمكانك أستثمار زمن المسؤولية لخدمة الوطن وأبناءه.