18 ديسمبر، 2024 10:07 م

كوميديا ممثلي أهل السنة على مسرح البرلمان والحكومة

كوميديا ممثلي أهل السنة على مسرح البرلمان والحكومة

قال تعالى في سورة الفرقان/ 44 ((إن هم إلا كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلا)) .
الأنطمة السياسية عموما بغض النظر عن كونها برلمانية أو رئاسية تتكون من السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكل سلطة مستقلة عن الأخرى رغم الترابط العضوي بينها لتشكيل الدولة، وقد حُددت وظائفها وفق نصوص الدستور. الأولى مهمتها محددة من عنوانها، فهي تشرع القوانين في البلد، وهي أعلى سلطة فيه، والسلطة التنفيذية، أيضا يمكن معرفة مهمامها من عنوانها فهي إداة لتنفيذ القوانين التي تشرعها السلطة التشريعية، والسلطة القضائية هي التي تفصل في الخلافات ما بين السلطتين السابقتين وتقوم بتطبيق القوانين النافذة. ولم يبتعد الدستور العراقي المفخخ عن هذه المهام التي تعمل بها معظم دول العالم، على الرغم من سلبياته التي أدت الى تمزق البلد وهيمنة المراجع الدينية على مقدراته كافة، وخلق الفتن الطائفية، وإنتشار الفساد الحكومي، وغيرها من الكوارث المعروفة للجميع.
نظام المحاصصة الطائفية الذي أصرت عليه القوى السياسية الشيعية والسنية الكردية، لم يكن بدعة من بريمر، بل هو قرار إتخذته الأحزاب المستوردة، ولم تتنازل عنه مطلقا، لذلك ليس من المنطق أن نحمل المندوب السامي هذه المسؤولية رغم قذارتة وقراراته الخائبة، وهذا ما يقال عن حلٌ الجيش العراقي، وسن الدستور المفخخ، وقانون إجتثاث البعث وبقية القرارات التي اتخذها بريمر وفق إرادة الأحزاب الحاكمة. وهذا بالتأكيد ليس دفاعا عن بريمر، فهو رغم صلافته وعنجهيته وإحتقارة وإذلاله لزعماء الأحزاب الحاكمة ـ وهو محق في ذلك ـ لكن جميع قراراته كانت مستوحاة من طرفين وهما المرجعية الدينية في النجف والأحزاب الحاكمة، وبصورة رئيسة الأحزاب الشيعية والكردية، ومن يعترض على كلامنا يكون الحكم مذكرات بريمر، فهي المرجع الرئيس لفك الألغاز والطلاسم في عراق اليوم.
نص الدستور وفق نظام المحاصصة على أن يكون رئيس البرلمان من السنة، ورئيس الحكومة من الشيعة، ورئيس الجمهورية من الأكراد، وطبق هذا النظام الطائفي والعنصري على الوزارات والسفارات وجميع المؤسسات في العراق، ولكن إختيار الوزراء والمدراء العاميين والسفراء من أهل السنة جرى بموافقة الزعماء الشيعة، وهذا ما يفسر خنوعهم وإذلالهم خلال الحكومات المتتالية ارئيس الحكومة. انظر مثلا الى وزير الدفاع العراقي خلال الدورات السابقة والحالية، ليست له أية شخصية، ولا علاقة له بأهل السنة، ولا يمكنه ان يحاسب جندي واحد من الشيعة، بل لا يمكنه ان يأمر برفع صور الخميني المقبور والخامنئي من المدرعات والدبابات والعجلات العائدة لوزارته.
خذ وزير الدفاع الحالي وفكر مع نفسك: هل له أي دور في المعارك الدائرة ضد تنظيم داعش الإرهابي منذ ان بدأت الحرب عليهم؟ هل تواجد يوما في ساحة العمليات؟ هل أصدر بيانا حول سير العمليات؟ هل ردٌ يوما على الإهانات التي يصدرها هادي العامري وابو مهدي المدرس وزعماء الميليشيات ضد الجيش العراقي والتقليل من دوره في المعارك الدائرة؟ هل تمكن يوما ان يرد على الإهانات الإيرانية المتتالية التي تستأثر لنفسها تحقيق الإنتصارات على داعش وتمحي أي دور للجيش العراقي. وآخرها تصريح وكيل المرشد الأعلى الإيراني (ياسين الموسوي) في 4/9/2017 بأن” إيران وحزب الله هما من حررا مدن العراق من تنظيم داعش. إنه ليس سرا، أن من كان يجلس ليخطط لعمليات التحرير في الأنبار وديالى والموصل، هما الجنرال الإيراني والقائد العسكري لحزب الله”.
آخر ما سمعناه عن نشاطات وزير الدفاع العراقي أنه زار إيران وإلتقى بنظيره وأشاد بدور إيران التخريبي في العراق، ووقع إتفاقية أمنية دون الرجوع للبرلمان كما يفترض وينص الدسنور، بل دون أن يُكشف عن نصوص الإتفاقية للرأي العام العراقي النائم.
إذن ماذا كان يفعل الجيش العراقي والمئات من ضباط الأركان العراقيين؟ وبأي حق يستلمون المليارات من الدنانير وهم لا عمل لهم ولا شاغل في المعارك الجارية؟ ما الفائدة منهم طالما حزب الله والحرس الثوري هما من يخطط وينفذ؟ بل أين هو دور الحشد الطائفي من المسألة؟ هل تناساه الموسوي أم ماذا؟ وهو ـ أي الحشد الشعبي ـ مرتبط عضويا بولاية الفقيه وبأمرة الجنرال سليماني، على الرغم من أنه شُكل بفتوى المرجع الشيعي السيستاني لكنه أدار ظهره للمرجع، وجلس في حضن الولي الفقيه، وتصريحات زعماء الحشد حول ولائهم المطلق للخامنئي معروفة للجميع ويمكن الرجوع اليها.
الخوض في تهميش الزعماء من أهل السنة يحتاج الى مجلدات للحديث عنه، لكن لنـأخذ نموذجا يثير الحيرة والتساؤل معل، وهو موقف رئيس البرلمان مما يجري على الساحة العراقية.
سليم الجبوري رئيس البرلمان الحالي، يفترض أن يكون أقوى شخص في الدولة العراقية بحكم ترأسه البرلمان، على إعتبار أن منصب رئيس الجمهورية بروتوكولي (أي لا يحل ولا يربط)، ورئيس الحكومة جهة تنفيذية (كما يفترض) ينفذ ما يصدره البرلمان من تشريعات. لكن في إستضافة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في البرلمان، ترك الجبوري كرسيه ونزل مرحبا بضيفه الذي يفترض أن تُناقش معه مسألة الفساد في وزارة الخارجية، وإنتهى الإستجواب بإبتسامات وتوديع حافل للوزير أثار عجب الجميع، لو قارنته مثلا بإستجواب وزير الدفاع العراقي السابق في نفس البرلمان والذي أقيل بسببه، على الرغم من كونه مكبل بأوامر القيادات الشيعية، ولم يتمكن أن يحيد عنها قيد أنملة. ويبدو ان الجبوري غفل عن فرش السجادة الحمراء للجعفري إبتداءا من نزوله من عجلته المدرعة الى مكان إستضافته! لم يكن تصرف الجبوري غريبا، فقد سبق أن أعلن بأنه لا يجوز اإستضافة الجعفري لأنه من رموز العراق! أما كيف يكون رمزا وهو مهووس وممسوس؟ العلم عند الله!
صرح سليم الجبوري في 28/8/2017 ” ان الاجهزة الامنية والادارة المحلية تتحمل مسؤولية الامن واستتابه وخاصة العمليات الاجرامية من خطف نساء او اعادة تهجير والمسؤولية تقع على الجميع والقضية ليست لي اذرع او فرض وجود وانما احترام للجميع وعلينا عدم التفريق بين العراقيين اطلاقا لانهم ابناء الوطن ومن حقهم وواجبنا توفير الامن والاستقرار”. ما المقصود بمسؤلية الجميع؟ هل من يتعرض للخطف والقتل والتهجير وعوائلهم أيضا يتحملون المسؤولية مثلا؟ ما هي مسؤولية البرلمان إذن؟ ولما لا يناقش البرلمان المسألة؟ لماذا لا يستضيف البرلمان محافظ كركوك الصلف ورؤساء الأجهزة الأمنية المتراخين. لما تُرمى المرة في مرمة الجميع وليس في مرمى البرلمان والحكومة؟
والطامة الكبرى في تصريحه ” ان مسؤولية الدولة اعادة جميع النازحين وندعو الى توفير الاجواء الامنية والى متى يبقى من نزح بدون عودة واي قرار من البرلمان او من اية محافظة بعدم السماح لاعادة النازحين منافي للاخلاق والنبل ومسؤولية الدولة بعد توفير الامن اعادة النازحين كجزء من الاستقرار” ودعا الجبوري العقلاء” الى يلوذوا بحالة الحوار لاستقرار المحافظة وامنها وهو واجب الاجهزة الامنية وان التنازع السياسي باي مكان يمكن ان يكون منفذا للاضطراب الامني ويجب ان لانسمح بعودته بخلافات سياسية والاستقواء بالاخر”.
بربكم هل هذا كلام يليق برئيس أعلى سلطة في البلد؟ انه بكل ذل وضعف يناشد العقلاء، ولا يعتبر عدم السماح بعودة اللاجئين الى ديارهم خرقا للدستور العراقي والمواثيق الدولية التي العراق طرفا فيه مثل مثياق حقوق الإنسان والعهود الدولية والأنكى منه تساؤله: هل جميع المهجرين متورطين في الإرهاب؟ هل نسى مكانته كرئيس للبرلمان، ام اعترف بحقيقة ضعفه وتبعيته للأحزاب الشيعية؟
والمصيبة الأخرى انه طالب” بمحاسبة كل من يحمل السلاح خارج الدولة وايا كانت الاذرع المسلحة فانها تشكل خطرا على الامن والاستقرار ومايشاع من حوادث يجب ان يتم كشف الجهات وضرورة محاسبتها وتحملها كامل المسؤولية”. لاحظ! كأنك تستمع الى الىممثل الأمم المتحدة في العراق وليس الى رئيس برلمان يطالب ويناشد (لا نعرف يناشد من): بأن المواطن لم يعد يحتمل اي تهاون بالخدمات والذي سيولد مانخشاه بعدم الايمان بالعملية الديمقراطية”. طبعا دون الإشارة او التلميح بالفساد، لأنه واحدا من أبطاله. اما الإيمان بالعملية الديمقراطية! فإننا نطمأن الجبوري بأنه لا يوجد مواطن عراقي شريف لم يكفر بهذه العملية الديمقراطية التي غطاها فسادكم.
الأطرف من هذا كله هو قرار مجلس محافظة بابل حيث قرر بالأغلبية الادعاء على أي جهة حزبية أو سياسية تطالب بعودة نازحي ناحية جرف النصر. هكذا كان الرد على رئيس البرلمان!
أما رئيس ما يسمى بالحكومة حيدر العبادي، فالحمد لله لم يكون ساكتا عما حصل، بل قويا وخارقا وسوبرمان كما عودنا! فقد اعلن” استغرابه من هذا القرار الجائر المخالف للدستور والقانون بحسب تصريحه يوم 23/8/2017. هكذا دون إتخاذ أي اجراء كأنه نسى منصبه ومهمامه.
إذن من يحكم العراق اليوم؟ إذا كان مجلس محافظة بابل يتحدى البرلمان والحكومة؟ على من إذن يعول المهجرون في العودة الى ديارهم؟
رحم الله عبد الرحيم بن محمد ابن الإخوة عندما قال:
ولا يغرنك أثواب لهم حسنت فليس حاملها من تحتها أحدا
القرد قرد وإن حليته ذهبــــاً والكلب كلب وإن سميته أسدا
( فوات الوفيات).