جرى العرف على ان الحديث في الاديان و الكتب السماوية و التحليل و التفسير محصور بعلماء الدين او عند القائمين على الدين في بيوت الله .
و قد يتردد اي مسلم الف مرة قبل ان يُبدي استفسارا او تساؤلا فلسفيا او يخوض في قضية حتى لو كان هدفه اثبات اليقين و ليس زعزعته … غير ان الفيلم و العدوان الموجه على الاسلام من خلال هذا الفيلم جعلنا كلنا ( ككتاب مسلمين ) نشهر اقلامنا بوجه العدوان نكتب و نحلل …. نلوم الفعل تارة و نلوم ردة الفعل تارة اخرى .
يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز ( وما ابرئ نفسي ان النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربي ان ربي غفور رحيم ) فتشخص هذه الاية التكوين الكينوني للنفس البشرية عموما .. مهما كان دين هذا الانسان او معتقده …
يخطيء الانسان و يقترف الذنوب في كل زمان و مكان ، في كل الامم ، و تحت لواء أي دين او معتقد ..
و لكن البعض و في خضم استيائهم عما حدث وجدوا أن لبنة هذا العدوان هو أخطاء و ذنوب المسلمين أنفسهم ، ذنوبنا أباحت لاعدائنا هجومهم و منحت الشرعية لهذا الهجوم ، ذنوبنا هي السبب في هواننا على الناس .. و أن انحراف الامة الاسلامية عن تعاليم الدين الاسلامي يسلبها الحق في الثورة على من أساء لها و أهدر كرامتها ، حتى اني قرات بعض الاراء التي اعتبرت ردود الفعل على الاساءة بمثابة الدعاية للفيلم … و إذا أتـبعنا هذه السياسة فيتحتم علينا اذن التوقف حتى عن اضعف الايمان الذي تمارسه بعض الحكومات في الاستنكار و الاستهجان و الشجب لاي فعل عدائي موجه ضد الشعوب حيث ان الاستهجان سيمنح الاهمية و الدعاية الاعلامية للعدوان الموجه .
المجرم غير المسلم يعتبر بموجب القوانين مجرما اما المجرم المسلم فهو بموجب القوانين مجرم و بموجب الاعلام الغربي ( إرهابي ) ………. تقييم الاشخاص المسيئين في المجتمعات الغربية لا يبتعد عن اطـــار ما سببوه من اضرار ، أما المسيئون من المسلمين فهم همج و عدوانيون و مصابون بالامراض النفسية و جهلة و متخلفون … الخ .
هكذا يفعل بنا الاعلام الغربي ليهز ثقتنا بنا ، و يبني شخصياتنا على اساس بث اليأس في نفوسنا .. بأن الاصلاح لا أمل فيه ..
**************
لقد وهب الله المسلمين نعمة غالية من شدة تغلغلها في مشاعر المسلمين قل الشعور بها و هي نعمة الايمان .
نحن نذكرلفظ الجلالة ( الله ) في اليوم الف مرة دون ان نخطط لذلك ، مع اي طاريء يحدث صاح المحيطون ( ألله ) مع ( بريـــك ) السيارة المفاجيء نادى الركاب ( الله ) و مع أي فرح حتى لو كان عودة التيار الكهربائي ( في بلدان قطع التيار الكهربائي ) صلى المسلمين على الحبيب ..
نوحد الواحد الصمد حين نفرح و حين نحزن على حد سواء تبدأ اهازيج الاعراس بالتوحيد و ( الصلاة على محمد ) و يبقى المشيعون يرددون عبارات التوحيد حتى ينتهون من مراسيم الوداع .
إيماننا و حبنا لمحمد في جيناتنا الوراثية …
حين تعلو الاصوات مثلا في مشادة كلامية فما للساعي الى الصلح الا قوله ( يا جماعة صلوا على النبي ) فيسكت الجميع و تبرد القلوب و يستحي من يعلو صوته من سيرة محمد ( ص ) فيخفض من نبرته و كأن سيرة محمد دواء مهدئا للنفوس و القلوب …
ان محمــــدا خط احمر و لن يسكت المسلمون عن الاساءة له بمذنبهم و تائبهم.
النقد من حقنا جميعا ( و من رأى منكم منكرا فليغيره ) لا خلاف على ذلك و التوجيه نحو الصلاح و خير العمل من اعظم الاعمال .. و لكن لا مكان اليوم للدمج بين هذا الحس العالي و الحرص الشديد على صلاح الامة و بين الرد على إساءة الفيلم المسيء لمــحمد ( ص ) .