23 ديسمبر، 2024 9:54 م

بعد عشرة أيام من مقتل السفير الأمريكي في ليبيا وثلاثة موظفين آخرين على أثر إندلاع مواجهات دامية أمام القنصلية الأمريكية في بنغازي بسبب الفلم المثير للجدل (براءة المسلمين) والرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد ، تظاهر آلاف الليبيين في المدينة (ثاني أكبر المدن الليبية) مهاجمين مقار وثكنات تواجد ميلشيات إسلامية سلفية (أنصار الشريعة) متهمة بالحادث ، ليطردوا المئات منهم ويجبروهم على الفرار ومغادرتها ، شاركتهم العمل قوى أمنية ذات شرعية ، مطالبين بالقصاص والعدل من قتلة السفير جون ستيفنز وطاقم سفارته المغدورين ، لتعلن ليبيا قرارها حل جميع الميليشيات والمعسكرات غير المنضوية تحت سلطة الدولة وشرعيتها .
الشعب الليبي على مايبدو بعد سنوات عجاف قضاها تحت حكم أسرة القذافي وكتابه الأخضر ، بات يتلمس طريقا” سليما” لبناء الدولة المدنية وإن كانت مرحلة مابعد الديكتاتورية شاقة وصعبة تحتم عليه بذل المزيد وصولا” إليها ، بعد أن أختار وخلافا” للتوقعات وما أفرزته إنتخابات مماثلة في دول مجاورة شهدت هي الأخرى ذات (الربيع) قوىً ليبرلية مستبعدا” الإسلاميين من خياراته الأولى ، وهذا ما أدهش الجميع وأفرحهم وخيب آمال آخرين .
الحادثة هذه والفعل الكبير لشعب خرج للتو من نير الظلم ، يجعل منا كعراقيين وبعد عقد من زمن التغيير الكبير نيسان 2003 تتحكم فينا وبممارساتنا اليومية عناوين قداسة لمليشيا قتل يحذر المس برموزها ، أُشركت هي او مناصروها رغبة منا او عنوة في عمل سياسي لم ينضج بعد ، تلهب شارعها ولاتطفئه إذا ما أرادت الدولة فرض شرعيتها المنتهكة وسطوتها عبر قوانيها لا (شرع) من كان لبوس الدين عنوانه مقاوما” (شريفا”) او (داعر) وإن كانت الحكومة متهمة هي الأخرى بمهادنة هذه القوى وكسب ودها ومنحها من المكاسب مالا تستحق والتغاضي عن فعلها او حتى الإستقواء بها على خصومها ، كلما لاح في الأفق سحب ثقة او أزمة سياسية بين فرقاء العمل السياسي في العراق .
(القصاص والعدل من قتلة السفير جون ستيفنز) شعب (خائن) لم ينكر (جميل) قوى كفر وظلال منحته مالم يكن يحلم به لحظة ، كما نحن العراقيين وليأتي أحدهم بعدها لينظر لنا عن نظام آيل للسقوط ، ماكان دور الولايات المتحدة إلا قشة قصمت ظهره بعد ضربات لنا هنا وأخرى هناك أنهكته وعجلت بإندحاره ، ولتبدأ سلسلة العناوين (المقاومة) بالظهور لتحصد أرواح (محتلين) وتبشرنا نحن كل يوم بعشرات الضحايا ، وليحتمي في عبائتها من يحتمي من من كتبة التقارير الحزبية وحراس مقار الفرق وفروع الحزب الواحد ، وكثيرين بسطاء مخدوعين بإسم الله وأسماء رموزهم الدالة على ما مضى من رجالات أسرهم وبيوتاتهم .
لايهمني إقرار بوش الأبن بحق عراقي في مقاومة (محتل) ، بقدر مايعنيني خلاصا” استخلص منه الفائدة من قوة عظمى تمكن شعبي من حياة كريمة بعد أن أتفهم مصالحها في المنطقة لأجني عبرها منافع جمة عبر حلف إستراتيجي وثيق ، تجعل منا لاعب رئيسي في الإقليم ، بعد أن أستكمل بمعونة منها بناء مؤسسات دولة خربة وبنى تحتية منهارة ، لا أن تترك بحجج (وطنية) زائفة وسيادة متهرئة منتهكة من جوار سوء ، (سبيلا”) لأستغناء لصوص ومذبحا” لقتلة .
كيف لي أن أتفهم قيام دولة مدنية ومكاتب تفتح في مدن العراق وضواحيها لميليشيا تبتز الناس وترهبهم ، او من يجوب الأسواق لتدفع له ضرائب بدل دوائر تختص بجبايتها ليمول حربه المعلنة ضدي ، من هي القاعدة ، الجيش الإسلامي ، جيش المهدي ، عصائب أهل الحق ، ومن كان عنوانه سماويا” لتتملقه الدولة ويتحاشى الناس النظر إليه خشية القتل .
شعب العراق أما آن لك أن تنتفض ؟ تغار من ليبي كانت له (صولة) ؟ لننتظر .