تعني كلمة انبثاق, “أنها حالة من الآمال الجديدة, وظهور جَلي وانبلاج من الأصالة”, اما الانشقاق الفكري, فهو عبارة عن انفصال, واختلاف وتنصل من الأصل, بفكرٍ جديد لا يؤمن بأصل الفِكر.
بالنظر لتطور الأفكار السياسية, من أجل بناء دولة متكاملة, تتبنى الكفاءات من الشباب, الواعي الذي يحمل أفكاراً حديثة, تُلائم وضع التغيير, الذي تطالب به المرجعية, والقاعدة الجماهيرية, التي أصابها الإحباط, جراء نظريات المحاصصة الحزبية, التي لم تخدم إلا الطبقة السياسية المتنفذة.
رَغم المواقف الوطنية, لزعيم المجلس الأعلى سابقاً, السيد عمار الحكيم, وخطاباته غير طائفية, التي تدعو للوحدة الوطنية, وخدمة المواطن في كُلِّ المواطن, دون التفريق بين الطائفة والمكون, فقد أثارَ انبثاق تيار الحِكمة الوطني, زوبعة من التشكيك, في مصداقية ما تم رفعه من اهداف, وشعارات تصحيحية واعدة للمسيرة السياسية, كان أقلها وصفاً الانشقاق, وركن القيادات المجاهدةّ.
لم يفرق بعض الساسة, والمتطفلون على التحليل السياسي, بين الانشقاق والانبثاق, أو انهم كانوا ينتظرون الفرصة, للإيقاع بين القيادات العريقة بجهادها, والقيادات الشابة الواعدة, فأخذوا يُسْقِطونَ أفكارهم المريضة, متناسين أو لقلة وعيهم, وقد يكون ذلك حسداً, فتمازج الأفكار الشابة, بالأفكار العريقة ذات التجربة, سيكون رافداً حقيقياً, لعملية الإصلاح والانطلاق نحو الهدف الأسمى, وهو وحدة عراقية وطنية, لبناء دولة عراقية, تَجمعُ بين الأصالة والتحضر الفكري الوطني.
إنَّ مبدأ الانفتاح على كافة القوى السياسية, لم يكن من المطالبات الجديدة, بالنسبة لفكر التيار الحكيمي, كذلك الاهتمام بالشباب, من خلال الملتقيات الثقافية, والتجمعات الجماهيرية, في أغلب المناسبات الدينية والوطنية, وهذا ما لا يقبل الشك أو التزوير, إلا أن متطلبات المرحلة, تحتاج لسرعة التنفيذ, وتغيير آلية العمل بالتطوير, وترك الجمود الروتيني, في اتخاذ القرار.
الفاصل بين النجاح والفشل خطوة واحدة, فإما ان تكون جريئاً لتتقدم, أو متأرجحَ الفِكر فتتراجع, فاتخذ السيد عمار بيد القادة الشباب, لاتخاذ الخطوة الصعبة, لينبثق بتيار حديث الفِكر, مرتكز على التأريخ الجهادي للمجلس الأعلى, الذي قاده عمه شهيد المحراب, ووالده السيد المرحوم عبد العزيز الحكيم, مع اِعترافٍ بجهاد الثلةِ المجاهدة.
التطور الفكري الوطني, لم يأتي عن طريق الصدفة, فقد مَرَّ بمخاضٍ عسير, ولكن بصمت الرجولة الثائرة وصبر الحكماء المعروف, تمت ولادة تيار يَحمل الأمل, فالعراق لا يحتمل التأخر, والمواطن ينتظر من يحمل معاناة القطيعة, ليبدلها بتواصل القيادة بالقاعدة.
فِكر الحكيم عبر أجيال ثابت الخطى, حاملا لكثير من المشاريع الوطنية, الجامعة لكل المكونات, لم تجد الطائفية والتعصب, طريقاً للتغلغل إلى مكوناته, فهل سينجح في مشروعه الجديد؟.
الأمر متروك للمواطن, فإما أن يَتَّخِذَ الخطوة للأمام, أو يبقى متأرجحا, ليعيش قابعاً في المحاصصة والفشل السياسي.