22 ديسمبر، 2024 8:44 ص

أنا وأل سعود قبل أربعين سنة ” حتى لاتختلط ألآوراق ” ” درس في الوطنية “

أنا وأل سعود قبل أربعين سنة ” حتى لاتختلط ألآوراق ” ” درس في الوطنية “

قبل أربعين سنة كنت طبيبا للبادية العراقية ” أزور مخافر الشرطة العراقية على حدود السعودية من عرعر الى الرقعي وهو ملتقى الحدود العراقية السعودية الكويتية ” كانت جولتي تستمر على الحدود خمسة عشر يوما كل شهر , يصحبني شرطي سائق وشرطي دليل وشرطي يحمل سلاحا , أرتبطت بصداقات جميلة مع عشائر البدو في البادية عندما أمر على تجمعاتهم أفحص مرضاهم وأقدم لهم النصائح الطبية , أمراء السعودية في المناطق المحاذية للحدود العراقية كانوا يجلبون عوائلهم لكي أعاينهم طبيا , كان أمير رفحاء في ذلك الوقت يستضيفني ويبالغ في أحترامي وعندما يحين وكان يجلب منتسبيهم ويطلب مني كلمة فأتحدث لهم عن علوم الطب وثقافة الفضاء فكانوا ينشدون لي بأعجاب لذلك حين يحل وقت الصلاة كانوا يقدموني لآمامتهم في الصلاة فكنت أحتفظ بقطعة صغيرة من سعف النخيل فأسجد عليها كما كان رسول الله “ص” يصلي على خميرة السعف ” وبالمناسبة أنا الى ألآن أسجد في صلاتي على ” المهفة العراقية المصنوعة من خوص النخيل ” وكان أصحاب المحلات السعوديون الذين يشكون لي مشاكلهم الصحية وأعالجهم يقدمون لي هدايا عبارة عن مسجلات وراديوات وهي المتوفرة في ذلك الوقت فكنت أرفض أستلام تلك الهدايا وأقول لهم أنتم أخواني وأنا علجتكم طلبا للثواب من الله أما الهدايا التي كانت تقدم لي من البدو ويرمونها بالسيارة دون علمي فكنت أعطيها الى الشرطة الذين هم معي وهي عبارة عن قطع من أطوال ” التترون ” والعبي النسائية ” وكنت أعطيها كلها لآخواني الشرطة معي حتى عندما أنتهت خدمتي قال لي رئيس عرفاء من أهل السماوة : يادكتور أتمنى عليك تمديد خدمتك سنة ثانية ؟ قلت له لماذا ؟ قال لي شيدت دارين وأريد أن أشيد دارا ثالثة من الهدايا التي تأتيك وتعطينها ؟ أما ألآمراء السعوديون فعرفت أنهم يقدرون أبن القبيلة ولذلك عندما يتعرفون على بعض زوارهم يسألون عنهم : هل هم حضر أم عرب ؟ ويقصدون بالحضر أي ليسوا من أبناء القبائل ويقصدون بالعرب أي من أبناء القبائل , لذلك عندما عرفوا أني ” تميمي ” قالوا لي يادكتور هذه نجد من يضيع فيها يقول أني تميمي ؟ ثم قالوا على مستوى الترغيب ؟ يادكتور أترك العراق وتعال الى السعودية نعطيك شركة أرامكو تكون طبيبا لها مع سيارة وقصر ؟ فقلت لهم على سبيل ألآختبار لنواياهم : نفذوا ما تقولون ؟ وفي أحدى ألآيام كنت ذاهبا لزيارة مخفر ” أنصاب ” وهو مخفر شرطة عراقي على الحدود من جهة رفحاء ولما رأوا سيارتي جاءوا الى ضابط المخفر وقالوا له شاهدنا سيارة أسعاف فيها طبيب وعندما أمرأة مريضة نريد أن يعاينها ؟ ففرح الضابط العراقي وجائني مسرورا طالبا مني أن أفحص المرأة السعودية , فرفضت , وقلت له أنا طبيب عراقي للمخافر العراقية ؟ فتوسل لي الضابط العراقي وقال يادكتور : هؤلاء جيراننا ويزودوننا أحيانا بالبنزين والماء عندما نحتاج الى ذلك , فقلت للضابط العراقي : هل تذهب أنت معي ؟ فقال فرحا : نعم وأنا أحمل لك حقيبتك الطبية ؟ وعندما ذهبنا وأستقبلونا وقدموا لنا القهوة , قالوا لي : يادكتور تفضل معنا الى داخل المنزل لتفحص المرأة المريضة ؟ وكان ذلك تصرفا مخابراتيا منهم , وكان تصرفا دبلوماسيا سياسيا أمنيا من قبلي , ولما دخلنا المنزل قالوا يادكتور لاتوجد لدينا أمرأة مريضة وأنما أحببنا أن نخبرك بأن ألآمراء جهزوا لك سيارة مع لاسلكي يقودها الملازم فلان .. وعندما تريد أن تتوضأ لصلاة الفجر بأمكانك أن تتمشى صوب السيارة لتقلك الى الرياض ؟ فعلمت أن السعوديين ألآمراء جادين في طلبهم ؟ وأنا كسياسي أنتمي لمذهب أهل البيت “ع” لن أسمح لنفسي أن أكون تابعا لآل سعود ؟ فقلت لهم بلغة دبلوماسية : قولوا للآمراء بأني لم أرتب وضعي بعد وعندما أكون جاهزا سأخبرهم بذلك ؟ وهكذا كشفت نواياهم وتجنبت أن أكون محسوبا عليهم فتلك خيانة للوطن ومخالفة لما أؤمن به ؟ ثم أني طيلة خدمتي في البادية العراقية كنت حريصا على أظهار الكرامة الوطنية والعزة وألآباء العراقي فلم أقبل أي هدية من أميرأو أي سعودي صاحب سوبر ماركت ؟ رغم أنني كنت أقوم بعلاج مرضاهم حرصا مني على أظهار عزة وأباء الموظف العراقي أمام العراقيين البدو وأمام السعوديين ليزداد أحترامهم للعراقي ؟ وحتى عندما سمعت كلمة قالها مدير الحدود خلفي حسدا حيث قال : ليضرب بها الدكتور علي التميمي , الله يعلم كم جلب لبيته من ألآجهزة وألآثاث من السعودية والكويت ؟ وعندما وصلتني كلمة مدير الحدود قررت بهدوء أن أعطيه درسا في الوطنية , وفي ذات يوم نزلنا أنا وقمائم مقام نقرة السلمان ومدير الحدود في أجازة وأخبرت القائم مقام بما قاله مدير الحدود عني لذلك قلت للقائم مقام وكان صديقي ويحبني كثيرا وهو من أهالي ألآعظمية وعندما وصلنا منزلي بدون موعد مسبق قلت لمدير الحدود لقد جئنا لمنزلي بدون موعد وسأطلعكم على كل غرف المنزل وحتى المطبخ والمخزن وأذا وجدتم في منزلي قطعة أو جهاز من السعودية أو الكويت قولوا الدكتور علي التميمي لا مصداقية له ؟ فخجل مدير الحدود وقال لا دكتور أنت معروف وحاشاك ؟ فقال له القائم مقام بلغة ذكية : ياحضرة مدير الحدود نحن نريد التعرف على مافي منزل الدكتور لآن الدكتور يملك ذوقا فنيا في التأثيث والتجهيز ؟ وفعلا أخذتهم في جولة على غرف المنزل ؟ وعندما لم يجدوا شيئا من الحاجيات التي تجلب من الكويت والسعودية في ذلك الوقت قلت لهم مخاطبا مدير الحدود : ياحضرة العقيد : أنا طبيب البادية العراقية وفي جولاتي على البدو وعلى بعض ألآمراء السعوديين وبعض أصحاب المحلات السعودية كنت أحرص على رسم هوية الشخصية للمسئول العراقي الملتزم والنزيه والمتعالي على أغراءات المادة حتى يكبر العراقي ويكبر الوطن في عيون الناس والجيران ؟ وهذا ما يفتقده المسئولون العراقيون اليوم من أصغر موظف الى أكبر موظف في الدولة مع وجود ألآستثناء ولكنه قليل ونادر ؟ لهذا أحببت أن أذكر قصتي مع أل سعود ليس تبجحا كما قد يظن بعض أصحاب النفوس المريضة ولكن لتأكيد حاجتنا الى الصورة العراقية الخالية من الشوائب ؟ وهي بالتالي هذه القصة حجة على كل من زار السعودية والكويت وألآمارات وقطر ومن سولت له نفسه أستلام المبالغ المالية التي يراد من خلالها أذلال العراق والعراقيين ؟