تعتبر مسألة الخلافة والخليفة من المسائل المهمة في الفكر الإسلامي حتى عدَّت عند بعض المسلمين من أصول الدين وعند البعض الآخر من الفروع، وقد ذكرت شرائط ومواصفات ينبغي ان تتوفر في من يتصدى لهذا الموقع الخطير، ولعل من أهم تلك الشروط هي العدالة والمراد بها أن يكون صاحب استقامة في السيرة، وأن يكون متجنبًا الأفعال والأحوال الموجبة للفسق والفجور.
هذا المنصب الحساس لم يكن بمنأى عن مخالب لصوص الدين ووعاظهم، فالتاريخ ينقل لنا اكبر عمليات السرقة والتقمص التي حدث في تاريخ المسلمين، حيث تربع على عرش الخلافة من ليس بأهل لها، ممن يفتقد ابسط مواصفات المسلم، فضلا عن الخليفة، بل انه تجاهر بالفجور والمجون والانحراف والظلم كيزيد بن معاوية والوليد وغيرهم، وبالرغم من اقرار جميع المسلمين بفجورهم الا أن ائمة المارقة الدواعش يعتبرونهم خلفاء شرعيين، فيزيد يمثل عندهم الخليفة الشرعي السادس والوليد الخليفة الشرعي الثاني عشر،
ويستمر الخوارج بمنح منصب الخلافة الى اصحاب الانحراف والشذوذ الأخلاقي ويعدّونهم مثالًا وقدوة ورمزًا وعزًا للإسلام والمسلمين وحملة لواء ( التوحيد والجهاد ) بالرغم من كل ما يتصفون به من انحراف وقبح وعلاقات شاذة مع الخدم الخصي والغلمان وشرب الخمور واللهو والزنا بالمحارم والتسلية بالراقصات سواء في البلاط الأموي أو العباسي أو في دولة الأيوبيين والزنكيين…،
ومن الشواهد على ذلك ما ذكره المحقق الأستاذ نقلا عن ابن الأثير في الكامل:
((وَذَلِكَ أَنَّهُ (أنّ جلال الدين) كَانَ لَهُ خَادِمٌ خَصِيٌّ، وَكَانَ جَلَالُ الدِّينِ يَهْوَاهُ، وَاسْمُهُ قَلِجُ، و ـ فَاتَّفَقَ أَنَّ الْخَادِمَ مَاتَ، فَأَظْهَرَ (جلال الدين) مِنَ الْهَلَعِ وَالْجَزَعِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، وَلَا لِمَجْنُونِ لَيْلَى، وَأَمَرَ الْجُنْدَ وَالْأُمَرَاءَ أَنْ يَمْشُوا فِي جِنَازَتِهِ رَجَّالَةً…))،
وقد على المحقق المهندس:
[تنبيه: عاشق، فاسق، وغادر، ومع ذلك فهو خليفة وإمام المسلمين وأمير المؤمنين وولي أمرهم ويجب طاعته!!! وخذ العجب العجاب مِن فتاوى ابن تيمية الخرافيّة الأسطوريّة!!!].
المنهج الداعشي في اختيار الفاسد والغادر والسارق والفاجر وتسميته خليفة او اميرا او حاكما او رئيسا او وزيرا او غيره لازال معمولا به حتى يومنا هذا، والتستر عليه والدفاع عنه وعدم المساس به وحرمة الخروج عليه او التظاهر ضده او المطالبة بالحقوق التي سحقها، يعد ضرورة من ضروريات الدين والمذهب، ومن يخالف ذلك يتعرض الى التكفير والتفسيق والتخوين وغيرها من التهم الحاضرة والجاهزة، فكانت النتيجة أن تسلَّط الفُسّاد والسُرّاق والظلمة على الوطن والمواطن، وكل هذا جرى ويجري باسم الدين!!!، فآلت الأمور من سيء الى اسوأ، والواقع والتجربة خير شاهد ودليل، وهذه نتيجة طبيعية حينما يتصدى للمسؤولية من ليس أهل لها….