الانفتاح العراقي على المحيط الإقليمي؛ باتت ضرورة ملحة، بعدما كان مقتصر على الفعاليات الرسمية مع بعض الدول، وانفتاحاً كبيراً مع دول أخرى، إلا إن المرحلة القادمة تحتم إعادة رسم تلك العلاقات من جديد، لاسيما العراقية- الإيرانية، مع الاحتفاظ بإيران كحليف إستراتيجي، هذا ما يتبناه تيار الحكمة الوطني، وفقاً لرؤيته الجديدة.
وبطبيعة الحال؛ فإن العلاقة التاريخية العميقة للعراق مع الجمهورية الإسلامية في إيران، إذ لا تقصر على مرحلة معينة أو جانب محدد، خاصة الدور الذي اضطلعت فيه إيران، بدعمها وإسنادها للشعب العراقي، في حربه ضد الجماعات الإرهابية، هذا يعني إن المصير المشترك بين البلدين، يمكن أن يكون منطلقاً في تحديد معالم مسار العلاقة بينهما، وفقاً لرؤية جديدة تتضمن حدود التعامل الثنائي.
النظرة المتبادلة بين الطرفين، لابد أن تكون متماثلة في الأسس والأصول، فمثلما تعتز جمهورية إيران بهويتها القومية الفارسية، وعنوانها الإسلامي الشيعي، وتنظر للعراق بمنظور الدولة الإسلامية الشيعية، فالعراق عليه النظر لها بمنظار العراق؛ البلد العربي، وليس وطن إسلامي فحسب، ما يعني أنها حليف استراتيجي بإبعاد متعددة، وليس ببُعد ديني أو مذهبي فقط، حيث يفقد العراق الكثير من أهميته الإقليمية والدولية.
وهذا لا يعني التفريط بالأواصر والروابط؛ العقائدية والفكرية والتاريخية، بقدر تحديد المسافات، وإبعاد التعامل ما بين الجارتين، رغم وجود بعض الإطراف السياسية العراقية، التي تنقسم في رؤيتها بالتعامل مع إيران؛ بين تخبط واضح، أو تبعية مفرطة على حساب الانتماء الوطني، ما ينعكس على نظرة الجانب الإيراني إلى القضية العراقية، هذا ما جعل الجميع ينظر باستغراب لرؤية تيار الحكمة الوطني الجديدة.
الأمر الذي يؤكد رغبة السيد الحكيم؛ ومن خلال بوابة تيار الحكمة أولاً، والتحالف الوطني ثانياً، على إعادة ترتيب أسس التعامل الثنائي بين البلدين، وفقاً إلى قاعدة “العراق أولاً”؛ التي تعطي أهمية لحجم العراق في تعامله مع إيران كحليف استراتيجي، والدور الأساس الذي لابد أن يلعبه العراق في التوازن الإقليمي، وانعكاسات ذلك على الأوضاع الداخلية في العراق، التي تتأثر بالمؤثرات الخارجية.
إن رؤية تيار الحكمة الوطني في رسم العلاقات الخارجية؛ تختلف عن الرؤى التي تتبناها الإطراف السياسية الأخرى، والاختلاف واضح؛ فهناك من أسند ظهره لدول الخليج، لاسيما السعودية والإمارات، واضعاً يده في صدر إيران، وآخرون تعاملوا بصورة معكوسة، حيث اسندوا ظهورهم إلى إيران، ووضعوا أيديهم بصدور العرب، وفي كلا الحالتين، يصبح العراق ساحة للصراعات، وهذه السياسة يرفضها تيار الحكمة جملة وتفصيلاً.
لذا نقول؛ إن علاقة السيد الحكيم بالجمهورية الإسلامية في إيران؛ تأتي وفقاً لرؤية إستراتيجية جديدة، لا تمحو الماضي، بقدر ما تُطرح بحلية تتوافق ومعطيات المرحلة القادمة، التي تحتم على الجميع؛ القبول بوضع مصلحة العراق فوق كل الاعتبارات، مع الاحتفاظ بالعلاقات الثنائية مع المحيطين الإقليمي والدولي، والانطلاق لتأسيس قاعدة “العراق أولاً”.