تحررت تلعفر بسبعة أيام، رغم المراهنات والضغط الدولي، والتشويه الذي سبق المعركة، وأفشل كل التصورات والصور التي رسمت لمآل المدينة العراقية، تحقق النصر بجيش وشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب وحشد شعبي، تحقق بمقدمات مليئة بالتضحيات، ونتائج تحتاج الى ديمومة.
الإنتصار سريع فاق كل التصورات، وتهاوت حصون الخرافة التي حكمت، وغيرت ديموغرافية مدينة التعايش قبل دخول الإرهاب.
تُشكل تلعفر أهمية إستراتيجية وسياسية وإجتماعية، ويُعد القضاء الأكبر في العراق بمساحة 655 كم مربع، ويبعد عن سوريا 60 كم وعن تركيا 38 كم، وبنفس المسافة عن مركز محافظة نينوى، ويقطنه الشيعة والسنة والتركمان والمسيحين، بمدينة قدمت آلاف الشهداء وعشرات المئات من العمليات الإرهابية قبل دخول داعش وبعدها.
هَجر المدينة معظم سكانها، وتَقصد داعش تغيير ديموغرافيتها، وحان وقت تحريريها بقوات قوامها 38 ألف مقاتل و20 ألف من الحشد الشعبي وكثير منهم من أبنائها، بمعارك شرسة وخاطفة، سبقها مخاوف دولية من تصفيات عرقية، وتذرعت تركيا مرة بالسنة وآخرى بالتركمان، ومع ذلك أثبت العراقيون قدرتهم على منع تعرض المدنيين للإبادة، وكبقية المعارك يقدمون الإنسان على تحرير الأرض.
إن المعركة مثلت أجمل صور التلاحم، وشكلت قفزة نوعية في قدرة القوات العراقية على النصر العسكري، وأسكتت كثير من الأصوات النشاز، والإرادات الخارجية والمراهنات، وفي زمن قياسي تم تحرير ناحية المحلبية بأربعة ساعات ومن هذه المعركة عِبرة ودروس كبيرة، بقدرة العراقيين على النصر والوحدة، وإن كل من كان يدعي تأثير الضغط الدولي على تأخير المعركة، فأنه يشك او يتمنى إنهيار القوات العراقية، أويتوقع إرتكابها مخالفات ليتخذ منها ورقة لتشويه سمعة العراق وشعبه.
مقدمات الإنتصار كانت منذ تلبية النداء الوطني، وإنطلاق العمليات في جرف النصر، وتوحيد الرأي العام والسياسي، لمجابهة القوة الظلامية.
حصد العراقيون نتائج وحدهم وصبرهم وقدرتهم للمحافظة على سيادة بلدهم، وسبعة أيام تظهر قدرة فائقة للقوات العراقية على النصر، الذي تحقق بإسكات الأصوات النكرة والمنكرة للعمل السياسي العراقي، وهذه النتائج تحتاج لديمومتها وإستثمارها وتغذيتها وطنياً، وسبعة أيام في تلعفر تروي لنا قصص البطولة والتلاحم والوطنية، وتحكي لنا حب العراقيين لبلدهم وتآخيهم، بمواقف تحتاج الى وقفة سياسية موازية لحجم الإنتصارات ووفاء لدماء الشهداء، وقد قالوا الأبطال في سبعة أيام ما يساوي سبعة قرون، وعلى الطبقة السياسية أن تفكر بنتائج التلاحم القتالي، ونتائج الفرقة والخلاف السياسي الذي خلف آلاف الضحايا، وأنه لدرس كبير وإستثمار من زخم المعركة، الى وحدة عراقية وعمل سياسي لتسوية كل الخلافات السياسية والإجتماعية، والبحث عن حلول إيجابية لبيئة آمنة وعراق موحد، تمثل في سبعة أيام من تلعفر.