ليس من الصدف ان يقترن صدور الحكم باعدام طارق الهاشمي من قبل المحكمة الجنائية المركزية بحملة ارهابية طالت مدنا عراقية ومواطنين مدنيين ابرياء استخدمت فيها السيارات المفخخة والاحزمة والعبوات الناسفة وغيرها من ادوات القتل الجماعي العشوائي , ان الجرائم التي ارتكبت في الاحد الدامي التاسع من ايلول 2012 ربما يكون من المستغرب جدا ان لاترتكب في ذلك اليوم لأمر لايخفى على المتابع هو ان الهاشمي ومرتكبي جرائم الاحد الدامي جميعهم يستقون من منبع واحد ويستهدفون تحقيق هدف واحد , والفرق بين الجهتين هو ان الهاشمي كان ارهابيا اخفى شخصه الحقيقي وجرائمه التي خطط لها ومولها طوال سنين ما بعد التغيير بثوب المسؤولية الرسمية في الدولة العراقية .
ان وحدة الهدف بين كل المجموعات الارهابية ومموليها ومسانديها باي مستوى من المساندة يجعل من هذه المجموعات تثأر بعضها لبعض وتعمل بتنسيق ظاهر وخفي حتى على مستوى التصريحات الاعلامية التي تنطلق من مسؤولين في الدولة كتصريحات بعض اعضاء مجلس النواب المطالبة بوقف الاعدامات في العراق بما في ذلك التي تطال الارهابيين الذين اوغلوا في الجرائم والقتل الجماعي , او التصريحات المطالبة بالعفو الشامل العام عن الارهابيين دون النظر الى بشاعة جرائمهم التي ارتكبوها ودون اي حساب لحرمة الدم العراقي الذي سفكوه .
عندما يصدر حكم الاعدام بحق اخطر ارهابي في العراق له شبكة من المجرمين تعمل بتوجيهاته ويحظى بدعم اقليمي متعددة الاوجه , بل بدعم وتعاطف من مسؤولين كبار في الدولة العراقية ايضا على مستوى قادة كتل سياسية , نقول عندما يصدر حكم بحق ارهابي على هذا المستوى من الخطورة وهو مازال حرا طليقا كان ينبغي على من بيدهم الملف الامني ان يحتاطوا للامر ويتخذوا كل الوسائل الرادعة والفعالة لمنع وقوع جرائم الاحد الدامي 9 / ايلول / 2012 لكن وا اسفاه ان من بيده الملف الامني تخطيطا وتنفيذا يبدوا هو في واد وتفاعلات الساحة العراقية في واد اخر , فينطبق عليه المثل العراقي ( نايم ياشليف الصوف , نايم والحرامية تحوف ) .
لقد حسم القضاء بقرار المحكمة الجنائية المركزية اليوم ملف الارهابي طارق الهاشمي , فالحكم وان كان قد صدر في جزء بسيط من جرائم المتهم غير ان الملف خرج من المساومات السياسية على الرغم من الضغوطات المحلية والاقليمية والدولية التي حاولت التاثير على مجريات المحاكمة . ان الضغوط التي مورست والحرب النفسية والاعلامية التي شنت على القضاء العراقي ورجاله اظهرت ان طارق الهاشمي كان ذا وجه سعودي , ووجه قطري , ووجه تركي , ووجه يحمل قسمات وملامح تنظيم القاعدة الارهابي , فكل هذه الجهات بذلت ما بوسعها لدعمه وارجاعه ابيض الثوب نقيا الى مسؤولياته في الدولة العراقية , لكن القضاء ورجاله ثبتوا للارهاب والاستفزاز ومضوا في واجباتهم الشرعية والوطنية تساندهم قوى الشعب واسر الضحايا وعدد من المسؤولين الذين يعملون في موقع المسؤولية بشرف ومهنية .
ان الحكم على طارق الهاشمي غيابيا مثلما اخرج هذا الملف من المساومات والابتزاز , ومثلما اثبت للعالم عدالة القضاء العراقي وعدم تاثره بالضغوطات على حساب دماء الضحايا الابرياء مهما كان موقع المجرم ومسؤوليته في الدولة , فان الحكم يظل بعيدا عن القدرة على تنفيذه كون من صدر بحقه مقيما في دولة او يتنقل في دول هي في سياساتها ومواقفها تعمل على تخريب العراق وتخريب تجربته الديمقراطية الوليدة , وهو يعد الان اعدادا خاصا لمهمة كبيرة في العراق ربما تبدأ فصولها بعد سقوط نظام بشار الاسد في سوريا , فمع كون طارق الهاشمي حسم ملفه بصدور الحكم باعدامه ثلاث مرات فاننا سنراه في وقت ما قريبا في السعودية اوقطر او الاردن , وربما في اقليم كردستان ضيفا عزيزا على السيد مسعود بارزاني وسوف يعيد السيد مسعود تصريحه الشهير بان الاخلاق الكردية لا تسمح بتسليم المجرم طارق الهاشمي .
ان قرار اعدام الارهابي طارق الهاشمي اعاد الثقة بالقضاء العراقي وهو في فحواه رد على حملات التشكيك بحياده مع انه اصدر قرارات مهمة سابقة بحق مسؤولين كبار في الدولة العراقية خصوصا في ملفات الفساد من امثال وزير التجارة الاسبق , وايهم السامرائي وزير الكهرباء الاسبق وغيرهما , وهذا ما يدعونا الى مساندته في ان يواصل مسيرته بقوة في تحقيق العدالة للجميع لان العدل اساس الملك , وعدل ساعة خير من عبادة ستين سنة كما جاء في الحديث الشريف .