يبدو ان الحديث اليوم عن العرب والعروبة وصلتها بالاسلام الحنيف ، الرسالي ، المحمدي ، باتت ضرب من اللغو والهذر في نظر البعض من الذين اصابهم الله بعمى الالوان ، وهو كلام لايساعد في انتشال امتنا من الشلل والعقم الذي اصابها من وجهة قصيري النظر، اما نحن فنرى غير ذلك والايام ستثبت مانحن ذاهبين اليه لذلك نلجأ اليوم الى الكلمة التي كان العرب شديدي التأئر بها لاسيما اذا كانت نابضة في الحياة ومعبرة عنها ،فالعرب وكما يقول البعض من اصحاب الاختصاص ، لا يسمعون في اذانهم بل في قلوبهم لذلك كانت معجزة رسولنا العربي القرشي ، الامي صلوات الله عليه ( الكلمة) التي نزلت عليه من السماء بقول الله عز وجل (اقرأ)، ومن نافلة القو ل ان نذكر بان الكلمة التي كانت عند العرب لها قيمة مادية واعتبارية اصبحت اليوم خاوية بسبب غرقها في بحر من الكلام الرنان ، الاجوف الذي ليس وراءه عمل يضنيه ، فلا نستغرب ان تفقد (الكلمة) معناها وبالتالي الثقة بها في حاضر يكثر فيه الغش والخداع والتلاعب بالالفاظ …الخ
انطلقت الكلمة العربية الثمينة مع بزوغ فجر الاسلام ناشرة خيرها في البلدان الممتدة بين المحيط الهادي شرقا الى المحيط الاطلسي غربا ، فالعرب الذين حملوا الاسلام لم يقيموا حضارتهم وامجادهم على معاركهم الحربية كمعركة ذي قار والقادسية وذات الصواري وحطين وجبل طارق …الخ والتي خاضوها باقتدار وانتصروا فيها كما فعل الفرس والرومان والاغريق ، بل قامت هذه الحضارة على القدرات الوافرة التي ميزت اللغة العربية ، لغة القران الكريم والتي كانت الباعث في بزوغ شمس الثقافات الى السطوع على بغداد زمن العباسيين وعلى القاهرة زمن الفاطميين وعلى قرطبة زمن الاندلسيين والتي شهدت حضاراتها عصور ذهبية ساهمت بدفع عجلة تطور ثقافة المعمورة الى امام ، فما نقله الغرب الاستعماري وغير الاستعماري من بغداد والاندلس والمحفوظ في متاحفهم دليل على مانقول فيكفي ان نزور متحف (اوبساله ) في السويد لنعرف من هم العرب.
اصبحت اللغة العربية ذات المضمون الحضاري الذي اخرج الثقافة العربية من الدائرتين: العرقية والجغرافية الى الأفق الحضاري الواسع الذي اشترك في صيانته ونشره مسيحييون عرب ومسلمون من غير العرب، وبالتالي خرجت الهوية الثقافية العربية من دائرة العنصر القبلي او الأثني، ومن محدودية البقعة الجغرافية (شبه الجزيرة العربية) الى دائرة تتسع في تعريفها للعربي لتشمل كل من يندمج في الثقافة العربية بغض النظر عن اصوله العرقية. ودخل في هذا التعريف معظم من هم عرب الأن ولم يأتوا من اصول عربية من حيث الدم او العرق ، اما عن اصل اللغة العربية ،فالثابت تاريخيا الى الان ان اللغة العربية مشتقة اصلا من اللغات السامية القديمة وخط هذه اللغة هو الخط المسماري المأخوذ من السومريين ))
ويمكن القول ان اللغة البابلية منحدرة من اللغة المسمارية وان بين لغة الأنباط والتدمريين والثموديين قرابة باللغة العربية وخواصها قريبة من لغة القرأن الكريم ))
فسكان شبه الجزيرة العربية يتكلمون قديما اللغات الأرامية والكنعانية والعبرية والحجازية والتدمرية لكن هذه اللغات اندثرت مع العرب البائدة واختفت في مجاهل التاريخ.
ففي معجم (مختار الصحاح) ، يعرف العرب ( ع ر ب : العَرَبُ جيل من الناس والنسبة إليهم عَرَبِيٌّ وهم أهل الأمصار و الأَعْرَابُ منهم سكان البادية خاصة والنسبة إليهم أعْرَابيُّ وليس الأَعْرَابُ جمعا لعرب بل هو اسم جنس و العَرَبُ العاربة الخُلَّص منهم أكد من لفظه كليل لائل وربما قالوا العَرَبُ العَرْباءُ و تَعَرَّبَ تشبه بالعرب و العَرَبُ المُسْتَعْرِبَةُ بكسر الراء الذين ليسوا بخلص وكذا المُتَعَرِّبَةُ بكسر الراء وتشديدها و العَرَبِيَّةُ هي هذه اللغة و العَرَبُ و العُرْبُ واحد كالعَجَم والعُجْمُ والإبل العِرابُ بالكسر خلاف البَخَاتِيُّ من البخت والخيل العِرَابُ خلاف البراذين و أَعْرَبَ بحجته أفصح بها ولم يتق أحدا وفي الحديث { الثيب تُعرِب عن نفسها } أي تفصح و عَرَّبَ عليه فعله تَعْريبا قَبَّح وفي الحديث { عَرِّبوا عليه } أي ردوا عليه بالإنكار و العَرُوبُ من النساء بوزن العروس المتحببة إلى زوجها والجمع عُرُبٌ بضمتين)
وفي معجم (معاني الاسماء) ، يعرف العرب بالاتي: (اسم علم مذكر عربي ، وهم جيل من الناس عاشوا في جزيرة العرب ، ثم توزعوا في الأمصار ، ولا واحد له إلا بالنسبة ، فيقال : عربيّ ، وهم خلاف العجمِ . والعَرَب من الماء : الكثير الصافي . ومع أن لفظ ” عرب ” مؤنث بسبب الجمع فإنهم سموا به المذكر . والعرب غير الأعراب وأعلى مرتبة اجتماعية).
فالعرب متجذرين في الاض العربية ولغتهم العربية هي لغة من أصل ثمانين لغة ظهرت بعد طوفان نوح عليه السلام وانحسار الماء عن الأرض واللغات كانت بعدد الرجال الذين كانوا على ظهر السفينة مع نوح ، وكان منهم ذرية أبناء نوح وهم سام أصل الأقوام السامية كالعرب و الأراميون ، هذا وكانوا لا يفهمون لغة بعضهم وكان نوح يعبر عنهم اي يترجم لهم” ومنهم قحطان ولقد انتشر العرب بهجرتهم إلى اسيا وافريقيا وأوروبا وكثير منهم قد اندمجوا في الأقوام الأخرى من الأوروبيين والأفارقة كما هو شأن سلسلة حضارات الشعوب المتحضرة بعضها من بعض قبل اسماعيل وإبراهيم ولوط وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام جميعا (كما يفهم من السيرة النبوية لإبن هشام والعرب العاربة والمستعربة كتاب المؤرخ أحمد زكي سوسة وتاريخ مكة لأبي الوليد الأزرق وغيرها من الإسرائيليات المروية في كتب التاريخ والمراجع الأخرى، هذا علما بأن العرب لم يصبح لهم ولغتهم شأن إلا بعد ظهور النبي محمد عليه السلام منهم حيث أن اللغة العربية أصبحت لغة إعجاز وبيان وبلاغة ولم يتمكن أحد من تغييرها رغم المحاولات الكثيرة مع أن لغة الأقوام الأخرى تتغير بتغيُر الزمان).
ان من المفيد ان نذكر هنا بأن الدكتور (احمد سوسة) قد كتب ايضا عن تاريخ العرب وهجرتهم بعد الانحسار الجليدي الاول من الجزيرة العربية الى سوريا ومن ثم الى جنوب العراق وقد وثق ذلك بخرائط ومستندات تدعم رايه وكذلك علينا العود الى موضوع مهم كتبه الدكتور (رضا العطار) عن تاريخ العرب قبل الاسلام والذي ننقل عنه المقدمة :
(سوف نتحدث اليوم عن تاريخ العرب قبل الأسلام وهو جملة مواضيع طويلة ومتشعبة لا يسمح الوقت للتطرق اليها بشكل موسع، ومن يرغب بالأطلاع على التفاصيل يستطيع ان يستعين بالمراجع الأصلية في دائرة المعارف الأسلامية وكتب الرحلات ليجد ما يريد، وسأحاول ان اقسم الموضوع الى ثلاثة اقسام:
.1ـ القسم الأول عن موطن العرب والهجرات التي حدثت على امتداد التاريخ.
2 ـ القسم الثاني المناطق التي استقر فيها العرب بعد الهجرات.
.(3 ـ القسم الثالث العرب واصل التسمية ودورها في توحيد الأمة العربية وابراز الجانب القومي فيها.
علينا ان نعود الى تأريخنا المجيد وان نعرف ان الانتساب اليه لاعيب فيه وان يكون هذا الاتصال اتصالا عضويا لاطفيليا ورسميا على الورق ، علينا ان نزيل الحواجز التي وضعها البعض من المستشرقين والشعوبيين ايام الانحطاط والسبات الذي عاشته الامة وفي العودة الى جذورنا سنجد ان هناك الكثير ممايتوجب علينا ان نفخر به وان نعيد هويتنا الثقافية والنفسية التي عانت من التذبب طوال الفترة المظلمة من سقوط بغداد على يد المغول الى يومنا هذا علينا ان نعيد ماهو اصيل ، مجيد ، علينا الاتصال بارواح الاجداد على طريقة اتصال الصوفي بخالقه .
ان نزول الوحي على حبيبنا محمد صلوات الله عليه ليس اعتباطا ونزول القر أن الكريم باللغة العربية ومعالجتة المشكلات التي كانت قائمة في المجتمع العربي واجاباته عن التساؤلات التي كان يحملها رسولنا الكريم وهو يتفكر في خلق السموات والارض في غار (حراء ) ليس اعتباطا( حاشى لله) ،وان يكون رسولنا هاديا للعالمين ولم تقتصر دعوته على قريش فقط ليس اختيار عشوائيا أو محض صدفة..
لقد اختار الله عزّ و جلّ أن يكون القرآن عربيا لأنّه نزل في ارض العرب وحتى يفهمهوه ومن ثم يبلغوه للعالم أجمع، و لأنه لا يعقل أن ينزل عليهم بغير لغتهم، قال تعالى في سورة ـ فُصلّت ـ (و لو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلّت آياته أأعجمي و عربي) . ، فليس من المنطق ان يبعث الرسول (ص) وان ينزل الوحي في هذه الارض وبلغة العرب لان العرب كما يقول البعض ويتسند الى اية في القران وهي سورة التوبة تقول (الأعراب اشد كفراً ونفاقاً وأجدرُ ألا يعلموا حدودَ ما أنزل الله ) ، وهذا يتناقض مع التفسير اللغوي الذي فرق بين العرب والاعراب وكما ذكرنا اعلاه، فالعرب لم يكونوا منافقين يسودهم الجهل الجهل و التخلف كما يروج البعض من اعداء العروبة في غياب عرب ينتخون للدفاع عن عروبتهم الانسانية ،(نعم الانساني).
فالعرب في فترة النزول كانوا من أقوى الشعوب وأَكثرها تميزا، و على العكس مما يروج له الحاقدون ، فلم تكن امة العرب أُمّة تخلف، بل كانت امة عمالقة في الشعرٍ و ألادب، فكانوا ذو فصاحةٍ و بلاغةٍ واشتهر عنهم الكرم و الصدق، كما اشتهروا بعزّة النفس و الكرامة، ممّا أدى بهم إلى حروب طويلة كـ ( حرب البسوس ) و هذا يَسهل استنباطه على كلّ متأمل في الشعر الجاهلي، و التاريخ العربي القديم يروي عن العرب مكارم الأخلاق و إكرام الضيف، و من منا لا يعرف قصة “حاتم الطائي” الذي ذبح فرسه الوحيدة لضيوف كانوا قد جاؤوا أساسا ليشتروه ، هذا ماكتبته الكاتبة المغربية (رامية نجيمة) والتي استطردت بالقول:.
(كان العرب حينها ينظمون سوق عكاظ الذي يمكن اعتباره مهرجانا شعريا و ثقافيا بكل المعايير في وقت كانت أوروبا تعيش ما يسمى عصورا وسطى و هو العصر الظلامي الذي عاشت فيه أسوأ مراحلها ) ، وتقول (أما عن اللغة العربية فهي لوحدها أسطورة ، خصوصا عندما تتزين ببلاغة القرآن الكريم و لا عجب أن يختارها سبحانه و تعالى لتكون وعاءً للكلمة الربانية(1) ، مصداقا لقوله تعالى:”إنا جعلناه قرآنا عربيا غير ذي عوج”، و هذا يعني أنّ كلمات الله لا يفترض أن يكون فيها العِوج و هي بالتالي تحتاج إلى لغة كاملة غير ذات عوج، و لا يوجد أفضل من اللغة العربية بالنظر إلى الصفات العجيبة التي تميزها، و نسرد هنا بعضها:
الغنى من حيث الجذور
حيث تتميز ب 16000 جذر لغوي مقابل 2500 جذر اللغوي في العبرية و 1000 جذر لغوي في اللغة السكسونية و 700 جذر لغوي في اللاتينية.
الغنى من حيث المفردات
حيث أنّ لكلّ كلمة عربية عدة مرادفات، تعطي المتكلم حرية أكبر في الاختيار، فاسم الأسد مثلا يحمل أكثر من عشرة مرادفات من بينها: سبع، ليث، ورد، غضنفر، بيهس، جساس، درواس….و قس على ذلك.
الغنى في الإشتقاق
حيث أنّ كلّ كلمة في اللغة العربية يشتق منها عدة كلمات، وهذا الأمر غير موجودٍ في اللغات الأخرى).
وفي هذا المجال لابد لنا من ان نشير الى رأي الامام الشافعي والاصمعي والجاحظ باللغة العربية ، فالامام الشافعي يقول : ( القرأن هو اصل البيان ـ نزل بلسان العرب ـ وليس منه شيء الا بلسان العرب ، ولذلك فان العلم به يقتضي العلم با للسان العربي واصول الفاظه ومعانيه ) ويقول (فعلى كل مسلم ان يتعلم من لسان العربي ما بلغه جهده حتى يشهد به ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ، ويتلو كتاب الله ،وينطق بالذكر ، فيما افتراض عليه من التكبير ، وامر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك).
ويقول الاصمعي: (الكميت بن زيد ليس بحجة لانه مولد) اي انه غير عربي.
ويقول الجاحظ في الشعر العربي: ( والشعر العربي لا يستطاع ان يترجم ، ولايجوز عليه النقل . ومتى حول تقطع نظمه وبطل وزنه ، وذهب حسنه ، وسقط موضع التعجب ) ، هذا يعني ان الاعجاز في القران الكريم وباللغة العربية هي مما اراده الله جل في علاه لهذه الامة .
ظهر العداء لكل ماهو عربي على استحياء في نهاية العصرالأموي و بشكل جرئ وواضح في بدايات العصرالعباسي وكانت تتستر بالمساواة مع العرب وكان من بين اهم الحركات المعادية للعرب والتي ظهرت قبل ذلك الزمان هي ثورة الزنج سنة 255هـ في البصرة وحركة القرامطة سنة 264هـ في الكوفة وعلى الباحثين ان يفندوا الادعاءات بان هذه الحركات طبقية او ماشابه ذلك وحتى مايسمى بحركة الخوارج ، بحاجة الى دراسة.
عرف العرب البعض من الذين يحملون الحقد في قلوبهم على العرب من المسلمين بالشعوبية والشعوبية كما عرفها ـ القاموس المحيط ـ (الشعوبي بالضم محتقر امر العرب)
( وقال الزمخشري في أساس البلاغة عن الشعوبية (وهم الذين يُصغرون شأن العرب ولا يرون لهم فضلاً
على غيرهم.
وقال القرطبي عن الشعوبية هي حركة( تبغض العرب وتفضل العجم)
(أما الموسوعة البريطانية فعرفت الشعوبية بأنها( كل اتجاه مناوئ للعروبة
وكما يقولون فان إغتيال أبو لؤلؤة المجوسي للخليفة عمر بن الخطاب يعتبر أولى أعمال الشعوبية إنتقاما للدولة الساسانية التي قهرت في عهده.
ولمناسبة ذكر اغتيال الخليفة عمر (رض) علينا ان ندقق بجذور من قتل الخليفة عثمان (رض) وبجذور من قتل الخليفة علي (كرم الله وجهه) فالملعون عبد الرحمن بن ملجم لم يكن عربيا حتى وان كان من مدينة ساوا في العراق وعلينا ان ندقق في قاتل الخليفة الامين والاسباب الكامنة وراء ذلك وعلينا ان ندقق اذا ماكانت تسمية تصفية البرامكة ، هل كانت نكبة ام احقاق حق؟ وعلى اصحاب الاختصاص بمن كان يقف وراء سمل عيون الخلفاء المتأخرين من بني العباس ( تحويل الخليفة بين ليلة وضحاها من خليفة الى شحاذ يقف على باب مسجد)..
يقول المفكر الإيراني علي شريعتي أن (الحركة الشعوبية تحولت تدريجيا من حركة تسوية إلى حركة تفضيل العجم على العرب ويقول ايضا).
(عملت الحركة الشعوبية عبر ترويج المشاعر القومية وإشاعة اليأس من الإسلام إلى ضرب سلطة الخلافة)
ان ذكر الحركات الاعجمية التي ارتدت لباس الاسلام الحنيف و استهدفت العرب تعد من الامور التي بها وجهة نظر رغم فعلهم الشنيع لكن الذي لانفهمه ان تهاجم العروبة من قبل الاسلامويين العرب في الماضي والحاضر تحت ذرائع لانريد ان نقول عنها انها كانت ومازالت تنفذ اجندة استعمارية وصهيونية حتى لانقع بالحرج لكننا وباستعراض سريع لما يحدث اليوم على الارض العربية نجد ان هناك حقدا واضحا وجلي يكنه الاسلامويون لكل ماهو عربي وهنا نجد ان من الضروري تذكيرهم بان رسولنا الكريم عربي وان لغة القران هي اللغة العربية وكما يقولون هم ان لغة اهل الجنة هي اللغة العربية .
فبعد نجاح التغيير في بعض الدول العربيه استبشرنا به خيرا للعروبة وقضيتهم العادلة في فلسطين بالرغم من.
اختلاف وتنوع التيارات الإسلامية التي استلمت الحكم فاخوان المسلمون و التيارات السلفية و التيارات الجهادية السابقة كالجماعة الإسلامية وبعض الأعضاء السابقين بجماعة الجهاد. هذا الاختلاف أفضى إلى خلط الحابل بالنابل فالفتاوي التي انهارت علينا من كل حدب وصوب افقدتنا ثقتنا بكل شيء. .
إن الحديث عن وجود أحزاب إسلامية كان في السابق ضرباً من الخيال، وكان هناك رفض تام من غالبية التيار السلفي لفكرة الأحزاب أساساً، لكن التغيير في مصر وتونس غير كثيراً من المواقف التي اتضح أنها لم تكن مواقف عقائدية بل كانت مواقف شرعية مرتبطة بالمصالح والمفاسد كما يقولون رغم ونحن نضعها في باب من ابواب الانتهازية السياسية وكما يقول المثل ( تمسكن حتى تمكن) ، وتبقى إشكالية التعدد قائمة؛ فهل التيار الإسلامي يتقبل اليوم وجود أكثر من تيار سياسي كلهم يدَّعي أنه ذو مرجعية إسلامية، وإذا تجاوزنا مسألة التعدد فماذا عن السلبيات التي ترافق هذا التعدد؛ والتي من أبرزها التعصب للحزب واتهام الآخرين والطعن في نواياهم وأهدافهم.
كثيرا ماسمعنا من دعاتهم ان هذه الاحزاب اذا ماارادت ان تكتسب الشرعية فعليها فعل امرين:
1 ـ أن تعترف بالإسلام عقيدة وشريعة ولا تعاديه أو تتنكر له، وإن كان لها اجتهاد خاص في فهمه، في ضوء الأصول العلمية المقررة.
ألا تعمل لحساب جهة معادية للاسلام ولأمته، أيّاً كان اسمها وموقعه
ان الواقع المعاش ورغم الوقت القصير يشير الى ان هذه الاحزاب لاتعمل بما يجب عليها العمل به وهي لاتختلف عن نظام مبارك و بن علي ، وخير مثال هو تدمير الانفاق الفلسطينية بين مصر وفلسطين المحتلة واستضافة الشيطان الاكبر وتابعيه في تونس.
ان من سلبيات سيطرت الاسلاموين على السلطة في المنطقة العربية متعددة نذكر منها: محاولة كل حزب تشويه الحزب الآخر ورميَه بالاتهامات الباطلة، والدخول في مهاترات تضيع معها القضايا الكبرى التي يجب أن توليها هذه الأحزاب الجزء الأكبر من اهتماماتها، كما يخشى من الحزبية الضيقة؛ بحيث يلتف كل حزب بعباءة حزبية، ومن ثَمَّ تكون هذه الأحزاب مجرد انعكاس لما هو حادث بين الحركات والجماعات الإسلامية من خلافات حول بعض الأمور الفقهية التي وَسِعَت مَن قَبْلنا وضاقت علينا ناهيك عن الحرب الطائفية التي تلوح في الافق والتي تريدها وتعمل عليها امريكا والكيان الصهيوني.
ختاما اذكر ماقاله مفكرعربي من الذين يعتبرون العرب والاسلام وجهين لحقيقة واحدة:
( حياة الرسول خلاصه لحياة العرب -ان حياة الرسول وهي ممثلة للنفس العربية في حقيقتها المطلقة لا يمكن ان تعرف بالذهن، بل بالتجربة الحية لذلك لا يمكن ان تكون هذه المعرفة بدءا بل هي نتيجة. فالعرب منذ ضمور الحيوية فيهم، اي منذ مئات السنين يقرأون السيرة ويترنمون بها ولكنهم لا يفهمونها لان فهمها يتطلب درجة من غليان النفس قصوى، وحدا من عمق الشعور وصدقه لم يتوفر لهم بعد، وموقفا وجوديا يضع الانسان امام قدره وجهاً لوجه، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك.
حتى الآن كان ينظر الى حياة الرسول من الخارج كصورة رائعة وجدت لنعجب بها ونقدسها، فعلينا ان نبدأ بالنظر اليها من الداخل، لنحياها. كل عربي في الوقت الحاضر يستطيع ان يحيا حياة الرسول العربي، ولو بنسبة الحصاة الى الجبل والقطرة الى البحر. طبيعي ان يعجز اي رجل مهما بلغت عظمته ان يعمل ما عمل محمد. ولكن من الطبيعي ايضاً ان يستطيع اي رجل مهما ضاقت قدرته ان يكون مصغراً ضئيلا لمحمد، ما دام ينتمي الى الأمة التي حشدت كل قواها فأنجبت محمدا، او بالاحرى ما دام هذا الرجل فردا من افراد الامة التي حشد محمد كل قواه فأنجبها. في وقت مضى تلخصت في رجل واحد حياة امته كلها، واليوم يجب ان تصبح كل حياة هذه الامة في نهضتها الجديدة تفصيلاً لحياة رجلها العظيم. كان محمد كل العرب، فليكن كل العرب اليوم محمدا).