تتميز تلعفر انها مدينة بسيطة يطمح اهلها ان يعيشوا بسلام وامان. فالمدينة لا بحر فيها لتشقه السفن التجارية ولا مناجم للذهب ولامنافذ حدودية ولا جسور معلقة ولا قطارات ولا مطارات حديثة ولا حدائق ذات طراز أوربي ولا حتى صالون حلاقة للسيدات ولا ولا ولا … كل مانملكه قلعة اصبحت في خبر كان بعد ان فجرها جهلاء داعش، وماؤها الجاري مُر غير صالح للشرب وحقل نفطي مهمل منذ عشرات السنين.
اذا لماذا كل هذا الاهتمام بقضاء مثل تلعفر؟!.
اختار حظنا المترنح ان تكون المدينة هدفا استراتيجيا مهما لدول المنطقة سيما انها تربط محافظتي نينوى والأنبار بحكم جغرافيتها ووقوعها بين الموصل وسنجار باتجاه سوريا. فضلا عن ان باحة المدينة رخوة جدا ومن السهل تنفيذ أطماع تلك الدول وتمرير مصالحهم فيها ،وهذا ما تبحث عنه ايران وتخطط له في العراق من خلال سيناريو مبطن اعد مسبقا بالاتفاق مع التحالف الدولي وعلى رأسه امريكا – التي تسعى لقتل اكبر عدد من المسلمين بغض النظر عن توجهاتهم المذهبية خوفا من غزوهم لهم – لتغيير ديموغرافية المدينة واحداث توازن القوى عن طريق تجميع مناصريها من مناطق محافظة نينوى وكركوك وحتى من مدن اخرى وتوطيدهم في تلعفر – على غرار ما حدث في كركوك بعد الاحتلال الامريكي- لتمرير مخططها وتوسيع نفوذ امريكا بالانابة والهيمنة على المنطقة، وهي لا تسعى بطبيعة الحال ان تبني لمناصريها مدينة الاحلام في تلعفر ليعيشوا بامان وسلام لكنها توهمهم وتستخف بهم وتحاول اقناعهم انهم سيعيشون برفاهية لكن غايتها الوصول الى لبنان عبر سوريا من جهة ،وقطع الطرق عن منافسها كي تحظى باجندات توسعية اكثر خدمة لأمريكا على حساب ارواح مناصريها واستخدام سياسة حافة الهاوية .
ولتطبيق هذا السيناريو لابد ايجاد من ينفذه وكان المرتزقة من داعش وماعش رهن الاشارة لتطبيقه وزرع الفتنة الطائفية بين الاهالي وقتل الالاف منهم بشكل ممنهج وتهجيرهم .
تعتبر ايران منطقة غرب نينوى ساحة جيدة لتحقيق مكاسبها من خلال هذا المد المذهبي الذي تحاول التاثير على مناصريها كورقة لاقناعهم لتنفيذ مخططاتها غير الشرعية بايعاز من امريكا . لذلك اذا ما استمرت ايران على تعنتها يعني انها تسعى لتفجير صراع اقليمي – وقوده مناصريها في العراق – والتي تحاول من خلاله فرض سياسة الامر الواقع ورسم خارطة طريق جديدة للمنطقة .
وهذا ما ترفضه دول الجوار لانها تعتبر منطقة غرب نينوى بالاخص تلعفر قضية حساسة ذات هواجس استراتيجية ويجب عدم المساس بها لانها ترى ان هذا التغيير سينعكس سلبا على امنها واحتمالية وقوع صراع داخلي في مناطقها.
وبالعودة الى داخل تلعفر فاني اخشى ما اخشاه ان علامات اليأس بدأت تظهر على وجوه اهلها ويشعرون بانهم في الاعم الاغلب لن يعودوا مجددا لمدينتهم بسبب تخوفهم من انفجار الوضع الاجتماعي حتى بعد تحريرها من براثن داعش بالرغم من تدخلات محلية ودولية واجتماعات وجولات مكوكية لحلحلة مشكلة تلعفر الا ان استفحال الجهل الذي استطاع ان يفرز مجتمعا جاهلا اوصل المدينة الى ما عليه اليوم.
قصارى القول: ان الابطال في مختلف المؤسسات العسكرية بدؤا اليوم بالزحف باتجاه تلعفر لتحريرها من الجهل، لذلك فان بصيص النور الذي قد ينبثق عن الطرف الآخر حاضر بوجود رجال لم تنحن هاماتهم يصارعون ويبحثون عن نقاط الاختناق وسط القاع الضبابي لانقاذ ما يمكن انقاذه . لذلك ادعوا السياسيون الذين اخذوا فرصتهم وخذلونا طيلة السنوات الماضية ولم يوفقوا في حل رموز مشكلة تلعفر بفسح المجال للنخب الواعية لرسم سياسة خاصة بتلعفر والتمحور حولها بصورة واقعية والوقوف جنبا الى جنب ومد يد العون لهم لايجاد حلول راسخة ذات اهداف سامية والا يكونوا حجر عثرة وان يتركوا انانيتهم ويتبعوا ضميرهم ولو لمرة واحدة امام من يحاول العمل بجد فالمرحلة بحاجة فعلية لتظافر الجهود وقطع الطريق امام المتطفلين من اجل بناء مجتمع متماسك والمضي قدما لمستقبل افضل، والاخذ بعين الاعتبار ان المنطقة مقبلة على تفاهمات جديدة ومصيرية لذلك نحن بامس الحاجة لرجال سياسة حقيقيين لا كارتونيين يحتكمون للعقل والمنطق والا الدمار المؤكد على الابواب.
واخيرا انني لا اهتم بالسياسة بقدر اهتمامي بمدينتي لكن الجميع لديه سؤال استيضاحي واستفساري لماذا داعش لم ينفذ عمليات في الداخل الايراني؟ بالرغم من ان ايران هي احدى نقاط داعش للدخول الى الاراضي العراقية ؟؟
رحم الله شهداء العراق واسكنهم فسيح جناته والخزي والعار لكل من اؤتمن فخان… وللحديث بقية..