خاص : كتب – عمر رياض :
كارثة برؤوس ثلاثة تعرضت لها الآثار، ومازالت، في “العراق وسوريا ومصر” خلال الخمسة عشر سنة الماضية فقط، مرت خلالها تلك البلاد بالغزو والثورات ثم الحروب، وكانت هذه الأحداث بمثابة شقوق نفذ منها كم هائل من التدمير والسرقة لتاريخ الحضارات القديمة.
حمل أحد رؤوس المثلث التدميري “الغزو الأميركي” إلى العراق، وبات الإهمال والتجارة رأساً ثانية في مصر وأطلت الرأس الثالثة كدولة خلافة إسلامية من سوريا للعراق، لتحرّم وتهدم القطع الأثرية في العلن وتبيعها لصالح تمويل الجهاد من أجل الخلافة في الخفاء.
لتصبح كل تحصينات المتاحف، وبرامج الإصلاح الديني والنداءات الدولية لوقف الحروب, ليس بإستطاعتها إيقاف ماكينة الإهدار التاريخي.
ربما أيضاً صدقت مقولة أن “الآثار في ثقافة الأنظمة العربية ليست سوى تجارة”.
أطلال الآثار في العراق وسوريا..
يبدأ تاريخ ضياع الكم الأكبر من آثار العراق مع عمليات الغزو الأميركي، وقد رصدت عدة كتب وتقارير بحثية لعلماء الآثار تواريخ وأسماء مدن بأكملها تحتوي على كم كبير من شواهد الحضار العراقية التي دمرت بأكملها.
ضمن هذه القائمة كتاب (الكارثة: نهب آثار العراق وتدميرها), الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت, وينقسم الكتاب إلى قسمين، الأول ترجمة لكتاب بذات العنوان عن المعهد الشرقي للآثار في شيكاغو من أعداد “امبرلينغ وكاثرين هانسن”، ويضم 7 فصول لأكاديميين أميركيين مختصين بالشأن الآثاري العراقي, وقد تم دعمه من قبل مؤسسة مسارات التعايش الثقافي في الشرق الأوسط.
ويعتبر الكتاب وثيقة لإحصاء الخسائر والكوارث التي حلت, ويحذر من أخرى قادمة.
ويدور محوره حول “حرب الحضارة”، التي انطلقت شرارتها الأولى مع دخول أول جندي أميركي إلى البلاد عام 2003، فما لبثت أن وطأت أقدام الأميركيين أرض العراق، حتى دارت حرب شعواء لا تزال رحاها دائرة حتى الآن، مدمرة مهد الحضارة الإنسانية الذي انطلقت من أراضيه حروف الكتابة الأولى التي عرفها البشر.
قسمت عمليات تدمير الحضارة في العراق تحديداً إلى مرحلتين, على حسب ما ذكرت بعض الأبحاث والتقارير، ويعد الغزو الأميركي للعراق أول تلك المراحل.
حول التفصيلات التاريخية والمكانية لما لحق بحضارة العراق من دمار بسبب الغزو الأميركي, تحدث كتاب كبير وتفصلي, لكنه وللمفارقة أصدر عن مركز أبحاث أميركية.
حمل الكتاب عنوان (من سومر إلى صدام) الذي كتبه “غيف سيمونز”.
واستهل الكاتب بمقدمة عن ذلك الجزء من العالم “الذي أسماه الإغريق (بلاد ما بين النهرين) كان منبعاً للحضارة – بوتقة حقيقية، مهد ورحم التقدم الثقافي… هنا ولدت المدن الأولى، بدأت الكتابة وتم تأسيس أول النظم القانونية المدونة. هنا، عبر هذه الأراضي القديمة كما سومر، آكد، بابل وآشور اختمر العنصر الثقافي الحيوي للحضارة، الذي انبثقت منه الحضارة الغربية باتصال واضح”.
ويخلص فصل: “البوتقة القديمة” إلى أنه: “بعد تأمل وتفكير يحق للعراق الحديث أن يفتخر بإعزاز وإجلال بالثراء المثمر للحضارات التي ظهرت لأول مرة في هذه الأرض منذ أكثر من خمسة آلاف سنة”.
ثم يبدأ الكتاب في سرداً لتاريخ السرقة والدمار في تسلسل (زماني – مكاني), منذ بداية الغزو الأميركي – البريطاني.
ويذكر أنه “كان هناك عمليات استئصال متعمدة وممنهجة (للثراء المثمر) اجتماعياً وثقافياً وتاريخياً في واحدة من أكثر الغزوات الثقافية تدميراً واستبداداً وتدنيساً في التاريخ. يوافق (19 آذار/مارس) الذكرى الثانية عشرة لتدمير تلك البوتقة، وما زالت عجائب ومعجزات تلك البوتقة تتعرض للنهب والتدمير دون توقف”.
عندما تم نهب المتحف الوطني (10 – 12 نيسان/أبريل 2003), كانت القوات الأميركية تقف بقربه – في حين زملائهم كانوا يحرسون, بإنضباط, وزارة النفط.
أيضاً عندما نهبت بعض أجّل معجزات العصور القديمة – خمسة عشر ألف قطعة – علق “دونالد رامسفيلد” المعتوه ثقافياً: “هذه أمور قد تحدث”, لقد أُعطي الجيش الأميركي إحداثيات/مواقع كل متاحف العراق والآثار والمواقع الأثرية، و”العراق كله كنز أثري” – كما علق عالم آثار في ذلك الوقت – ورغم ذلك، فإن القوات الأميركية قادت منهج التدمير؛ فلتنشيء قاعدة عسكرية في بابل (التي يعود تاريخها إلى 2300 عام قبل الميلاد) – موقع الجنائن المعلقة – تم تجريف المعجزات القديمة لبناء مهبط لطائرات الهليكوبتر العسكرية، وفعلوا الأمر ذاته بجوار ما يعتقد أنه مكان مولد إبراهيم، قرب “زقورة” (أور) العظيمة. ويعود تاريخ (أور) إلى 3800 قبل الميلاد إلا أنها سجلت في التاريخ المكتوب منذ القرن 26 قبل الميلاد. إنها جرائم حرب نكراء.
أدى التخريب الإجرامي للجنود الأميركيين إلى: “أن تصبح بابل جرداء قاحلة أثرياً”, (الغارديان، 8 حزيران/يونيو 2007). و”تم استخدام باحة (خان الربع) التي تعود للقرن العاشر, لتفجير الأسلحة التي يتم العثور عليها, وقد هدم أحد هذه التفجيرات الأسطح القديمة وأسقط العديد من الجدران، المكان الآن خراب”.. إنهم البرابرة يقتحمون بوابة عشتار.
واستمر الدمار في ارجاء العراق من قبل قوات الاحتلال والعصابات والفصائل التي لا رادع لها, والذين توافدوا مع الغزو بسبب التخلي السقيم عن مراقبة الحدود من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا – هذه الدول التي تسيطر على حدود بلدانها بشكل يقارب حد الجنون – يقارن علماء الآثار والمؤرخين الحديثين ما حدث يوم إحتلال العراق بسقوط بغداد في يد المغول عام 1258.
يوم الجمعة التاسع من آذار/مارس، يوم المسلمين المقدس، تم تجريف “مدينة النمرود” القديمة بيد من دعت نفسها “الدولة الإسلامية” لتدمر عاصمة الإمبراطورية الآشورية الحديثة، التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
وقد أطلع مصدر محلي وكالة “رويترز” غلى أن الأشياء الثمينة نهبت ثم سويت المدينة بالأرض، أحد مداخل هذا المكان المسكون بالأرواح كان تحت حراسة إنسان برؤوس ثيران وأسود وأجنحة صقر، أولئك الحراس الذين صمدوا خلال حقب الاضطرابات التي عصفت بالمنطقة لما يقرب الثلاثة آلاف سنة، ليتم تدميرهم مع كل ما شاهدوه وشهدوه، من قبل إرهابيين فرخهم الغزو الإجرامي لـ”بوش” و”بلير”.
في القصر الجنوبي الغربي معبد (نابو) إله الحكمة والفنون والعلوم، والذي يعتقد انه ابن الإله البابلي (مردوخ), كان البناء على الارجح بين 810 – 782 قبل الميلاد.
تتنوع الصور التي قد تحزن من يراها الآن، دون أصل، لملوك آشور، لآلهة الفنون والرحمة، و”آشور بنيبال”, ذلك الملك المثقف الذي يحتضن أسداً ويمسك بكتاب في آن، هذا ما أفرد له الكتاب أيضاً مساحة من الذكر.
عن صور من تدمير الآثار في متحف الموصل, يصف دليل وزارة السياحة العراقية عام 1982 مدينة الحضر قائلاً: “زخارف ممزوجة بمنحوتات كأنها تروي قصة دينية يؤدي أدوارها آلهة وموسيقيين.. هي أجمل الأعمال الفنية التي اكتشفت للآن”.
في هذه المدينة الأثرية العظيمة ذات الحجارة البيضاء, التي تتلألأ كالذهب في ضوء الشمس، وتتوهج كالعنبر عند شروق الشمس وغروبها. الأعمدة والمعابد والتماثيل تتواصل, ليس فقط من خلال معابد الآلهة، ولكن بالتأكيد عبر هندسة الآلهة المعمارية، لتدفع أي كاتب ليبتكر كلمات لم تعرفها الأبجدية بعد. وهناك معبد للآلهة “شاهيرو – نجمة الصباح”, وهي منطقة: “رُصفت بالرخام المعرق، وجدران مزينة بالتصاميم الهندسية والنسور – كانت النسور العنصر الرئيس في ديانة منطقة “الحضر” – وفوق الزخارف المنمنة، كتابات عربية تعود للنصف الثاني من العصر العباسي, (750 – 1258م), إذ تعد الخلافة العباسية “العصر الذهبي للحضارة الإسلامية”.
في اليوم التالي لتدمير “الحضر”، كان التدمير مصير “خورسباد”, التي كانت العاصمة الرابعة لآشور، التي بناها سرجون الثاني (721 – 705 قبل الميلاد), وتُظهر الكتابات مدينة فيها حلبة صيد ملكية وحدائق زرع فيها: “جميع النباتات العطرية”, التي وجدت في أودية نهر الفرات الخصبة وآلاف الأشجار المثمرة.
نهبت “خورسباد” على نطاق واسع من قبل الفرنسيين في القرن التاسع عشر, ومن الأميركيين ما بين 1928 و1935.
في الحفريات التي بدأها القنصل العام الفرنسي في الموصل خلال عام 1842، جرت محاولة: “لنقل أثنين من التماثيل تزن 30 طن ومواد أخرى إلى باريس من خورسباد على متن قارب كبير وأربع عوامات, أثنتين من العوامات أغرقت من قبل القراصنة, والكنوز العراقية المسروقة فقدت إلى الأبد”.
في عام 1855، كانت هناك محاولة أخرى لشحن الكنوز المتبقية: “فضلاً عن مواد من مواقع أخرى كان الفرنسيين ينقبون بها – مدينة نمرود على وجه الخصوص – تقريباً كل المجموعة، أكثر من مئتي صندوق فُقدت في النهر, وما تبقى من تحف هذه الحفريات تم نقله إلى متحف اللوفر في باريس”.
وفي الفترة بين 1928 – 1935، نقب علماء آثار أميركيون, من معهد شيكاغو للدراسات الشرقيّة, في منطقة القصر, إذ “تم اكتشاف ثور ضخم يزن حوالي 40 طناً خارج قاعة العرش, وجد مقسماً لثلاثة أجزاء كبيرة، الجذع وحده يزن حوالي 20 طن وقد تم شحنه إلى شيكاغو”.
البريطانيون والألمان نهبوا الكثير من جنوب العراق, وخصوصاً “بابل” و”أور”، وتشهد بذلك متاحفهم.
وقبل أسبوع من تدمير “مدينة نمرود”, أحرق ما يقرب من 113000 كتاب ومخطوطة لا يمكن تعويضها من مكتبة الموصل.
أضرمت المحرقة خارج المكتبة, وألقي فيها كتب سريانية طبعت في أول مطبعة داخل العراق؛ ومخطوطات القرن الثامن عشر، ومجلدات من العهد العثماني (1534 – 1704, 1831 – 1920), كما تم تدمير نوادر لا تعوض كـ”الإسطرلاب”؛ وهو “كمبيوتر” فلكي لحساب توقيت مواقع الشمس والنجوم، استخدم في العصور الكلاسيكية القديمة والعصر الذهبي للإسلام، وكذلك إبداعات من الساعات الرملية الرائعة.
العراق، وفلسطين يجري محوهما، مع ليبيا وسوريا, وحتى أهرامات الجيزة في مصر مهددة الآن, كما يقر بذلك الكاتب في نهاية دراسته.
الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا ودول أخرى, لديها “مستشارين عسكريين” في العراق, جميعهم صامتين على جرائم حرب المغول الجدد, وبينما المواقع الإلكترونية للسفارة الأميركية والسفارة البريطانية في بغداد صامتة.
في سياق آخر تقول إحصائية عراقية: “فقد العراق أكثر من 150 ألف قطعة أثرية, سرقت من المتحف العراقي عام 2003، إضافة إلى ما خلفته الهجمة الشرسة للحفر غير المشروع على المواقع الأثرية, التي كان من نتائجها تخريب تلك المواقع وسرقة ما تحتويه من قطع نفيسة. ولم يتمكن العراق من استرجاع سوى 4300 قطعة أثرية فقط منذ الغزو الأميركي له في 2003”.
داعش الأخطر..
يرى بعض المراقبين إن اخطر مرحلة للتدمير الحضاري كانت بعد استيلاء تنظيم “داعش” الإرهابي على بعض المناطق والمدن العراقية المهمة، حيث سعى هذا التنظيم إلى تدمير وسرقة الآثار والكنوز العراقية، التي اصبحت من أهم مصادر التمويل لهذا التنظيم، وقد أكدت بعض التقارير الخاصة أن تنظيم “داعش” يحصل اليوم على ملايين من الدولارات من خلال سرقته وبيعه للكنوز الأثرية في العراق وسوريا، ويقدر البعض أن ما يكسبه التنظيم عن طريق بيع القطع الأثرية المسروقة يتجاوز الـ(100 مليون دولار سنوياً).
وتحصل الجماعات الإرهابية على الملايين من بيعها للقطع الأثرية المنهوبة، والتي غالباً ما تُحفظ في صورة مقتنيات خاصة، كما تقول الكاتبة الصحافية “أندريا واتسن”.. “مجموعة إرهابية ناشئة ذات نموذج واضح للأعمال (التجارية)”، ذلك هو وصف “كارين آرمسترونغ”، مؤرخة الأديان، لتنظيم “داعش”. تعتبر هذه الجماعة المتطرفة أكثر المنظمات الإرهابية ثراءً، ولعل الذين شاهدوا مقاطع الفيديو الدعائية البشعة للتنظيم قد لاحظوا قوافل السيارات الجديدة ذات الدفع الرباعي التي يقودها أفراده.
لكن ما هي مواردهم ؟.. تفيد التحليلات أنها تأتي من التبرعات، والنفط المهرّب (الذي يجلب لهم ما يقرب من 1.645 مليون دولار يومياً)، وعمليات الاختطاف (لطلب الفدية), (والتي حصلوا من خلالها على نحو 20 مليون دولار العام الماضي، على أقل تقدير)، والمتاجرة بالبشر وتهريبهم، والابتزاز، والسرقة، وأخيراً – وليس آخراً – بيع القطع الأثرية.
أخطر ما كشفت عنه التقارير, التي تتحدث عن هذه المرحلة, هو الخداع ما بين المعلن في فيديوهات “داعش” وما يتم فعلياً على الأرض.
تفيد تقارير أخرى أن الإيرادات من بيع الآثار المنهوبة من موقع أثري بمدينة “النبك”، غربي دمشق، وصلت إلى 36 مليون دولار أميركي. ويدير تنظيم “داعش” أغنى منطقة أثرية في العالم، وهي مهد الحضارات.
ويستخدم التنظيم ما يسمى بـ”الجرافات الأثرية” (لكشف المواقع الأثرية بأية وسيلة متوفرة ما دامت مدمرة بشكل ملحوظ)، أو أنه يوظف أناساً محليين ليحفروا المواقع والقبور الأثرية. ثم يجبي التنظيم ضريبة, يقول إنها وفق الشريعة الإسلامية، حسب قيمة الكنز المكتشف. لكن لا يدري أحد ما أُخرج من تحت الأرض، كما يستحيل لاحقاً تحديد المواد والقطع المسروقة.
تحذر دراسات مهتمة بهذا الشأن, من أن ينجرف البعض وراء خداع “داعش” قائلة: “ولا تنخدعوا بأفلام الفيديو التي يظهر فيها أفراد ذلك التنظيم, وهم يحطمون تماثيل آشورية قديمة كانوا يزعمون أنها (أصنام حقيرة). ربما شوه التنظيم بعض التماثيل والمعالم الأثرية المهمة التي لا يستطيع بيعها، لكن ثمة دلائل تشير إلى أن التنظيم يتاجر في القطع الآثرية التي يمكن حملها ونقلها”. على أية حال، كانت تماثيل المتحف التي ظهرت في تلك المقاطع المصورة نسخاً مصنوعة من الجص. ويقول “فوزي المهدي”، رئيس قسم الآثار الوطنية العراقية: “لم يكن أيٌّ من تلك القطع الأثرية أصلياً”.
ولم يكن تنظيم “داعش” أول منظمة إرهابية تستعمل القطع الأثرية لتمويل نشاطاتها. ففي عام 1974، سرق “الجيش الجمهوري الأيرلندي” لوحات فنية قديمة، بما فيها لوحة “السيدة التي تكتب رسالة وبجوارها خادمتها” للفنان “فيرمير”، والتي سُرقت من منزل بمقاطعة “ويكلو”. كانت الأعمال الفنية تلك تقدر بقيمة 12 مليون دولار أميركي.
ولن يرى سوى القليل جداً من آلاف القطع الأثرية المنهوبة من سوريا والعراق النور على الإطلاق. وستختفي البقية الباقية منها في الخزائن والسراديب الخاصة، وخصوصاً في أوروبا وأميركا – حيث يوجد طلب خاص على القطع التي تعود لعصور ما قبل الإسلام – وكذلك في اليابان واستراليا.
إن كانت أفعال “داعش” في العراق قد بدت واضحة على الأرض, فإن أفكاره في مصر مازالت تجد لها منابر من الإعلام إلى الأزهر، هذا ما يتفق مع تصريح “أحمد كريمة”، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الشريف: “إن وضع التماثيل في المتاحف حرام شرعًا”.
ملوك مصر غادرت من منطقة التلوث إلى منطقة الإهمال والسرقة..
في شهر آب/أغسطس 2006, شاهد العالم موكب نقل تمثال رمسيس الثاني (1303 – 1213 ق. م), وهو واحد من أشهر ملوك الأسرة التاسعة عشر, حكم مصر لمدة 67 عاماً, وله العديد من الانجازات في العديد من المجالات, والتي جعلت منه واحد من أعظم وأشهر حكام مصر.
وكان النقل بسبب التلوث المصاحب لحركة المرور بالميدان, أدت إلى تأكل المادة المنحوت منها جسم التمثال، والاهتزازات الناجمة من حركة المرور ومترو الانفاق, أدت إلى ظهور تشققات بجسم التمثال.
وأستقر التمثال في ساحة المتحف الكبير بالأهرامات, الذي مازال تحت الإنشاء، ليشهد الملك على تاريخ جديد من الإهمال.
مع اندلاع الثورة المصرية في عام 2011, تم تدمير وسرقة عدد كبير من المتاحف, بما فيها المتحف المصري بسبب انسحاب قوات التأمين.
وفي شهر آب/أغسطس أيضاً قبل أربعة أعوام, اقتحمت مجموعة من الأفراد “متحف ملوي” بالمنيا، وخلفت وراءها آثارًا تدميرية وتلفيات كبيرة جدًا، هذا بجانب قتل أحد موظفي المتحف أثناء محاولته منع اللصوص من اقتحام المتحف، وتم نهب نحو 1040 قطعة أثرية من إجمالي 1089 قطعة أثرية. وأنشئ المتحف في حزيران/يونيو 1963، ويتكون من طابقين، بهما أربع قاعات، تضم القطع الأثرية، التي اكتشفت بالمواقع الأثرية بمحافظة المنيا, مثل حفائر “تونا الجبل”، التي قام بها عالم الآثار “سامي جبرة”، و”الأشمونين، ومير، وتل العمارنة”, واستطاعت وزارة الآثار استرداد أكثر من 800 قطعة فقط, على رأسها تمثال إحدى بنات الملك أخناتون.
أيضاً في نفس الشهر من العام الجاري صدر تقرير عن لجان الجرد المُشكّلة بمعرفة الإدارة المركزية للمخازن المتحفية بوزارة الآثار المصرية، تفاصيل قاعدة البيانات الخاصة بالقطع المفقودة من المخازن المتحفية، والتي بلغ عددها 32 ألفاً و638 قطعة مفقودة، ومقيدة بإجمالي 4360 رقماً في السجلات.
كما تتضمن قاعدة البيانات 892 قطعة أثرية مباعة، حيث كانت في حوزة أحد الأشخاص قبل إقرار قانون الآثار، وهذه القطع المباعة مقيدة بإجمالي 247 رقماً في السجلات.