حينما نتحدث ونقول ان مرحلة الصحافة الورقية انتهت ، فأن هذا الكلام يزعج أنصار ومحبيها ، ويردون علينا فيقولوا: “بعض الدول تشهد رواجًا للصحافة الورقية”، ويقدمون أرقاماً ومؤشرات إحصائية واقعية لزيادة المطبوع في بعض الدول الاسيوية ، لكن هؤلاء تغاضوا عن الحقيقة وهي أن هذه الدول تبدو كحالات استثنائية، لأن المطبوع في بقية دول العالم يتراجع ومنها الصحافة العراقية، وتختفي صحف كثيرة ومنها معروفة في منطقتنا العربية وتحولت إلى منصات اليكترونية، والأهم أن أغلب الصحف الورقية في العالم تعاني من مشكلات مالية وهي تخسر يوما مبالغ كبيرة جعل عدد منها يرفع الراية البيضاء لا سيما وأن أغلب الدول تعاني من أزمات مالية كالعراق ومصر ولبنان وحتى دول الخليج ، وربما تكمل هذه الخسائر في ضغوط المنصات الإلكترونية، وكسبها كل يوم لمزيد من القراء، مما يقلص دخل الصحف الورقية من الإعلانات، التى تهرب إلى مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي ، فضلا عن انتشار الهواتف الذكية ورخص تكلفة الانترنيت وانتشاره.
لكن هناك حقيقة يرددها محبي الصحافة الورقية هو أن الصحافة الورقية لن تموت لأن كل وسيلة إعلام جديدة لم تقض على الوسائل التي سبقتها ، ومثال على ذلك بقاء الصحافة رغم ظهور الراديو كما أن التلفزيون لم يقض على الراديو والصحف الورقية؛ والجواب هنا بسيط لان الانتقال إلى الإعلام الرقمي سيخلق عوالم جديدة وفرصاً غير مسبوقة للجمهور وللحفي والمؤسسات الصحفية ،لانه سيعني احتواء كل ما قبله، ودمج الصحافة الورقية مع الراديو مع التليفزيون فى منصة واحدة، يستطيع المواطن أن يصل إليها في كل مكان وزمان وبتكفة بسيطة جداً.
وبرأيي الشخصي أول أن موت الصحافة أصبح مسألة وقت لا غير ؛ لذا اقترح على صحافتنا في العراق فى إطار الاستعداد لمرحلة ما بعد موت الصحافة الورقية، لا بد أن تقوم كل الصحف العراقية بمراجعة ونقد ما تقوم به وتقدمه من خدمات للجمهور، لانها أذا ما خسرت القراء ستخسر الإعلان ؟ وكيف يمكن وقف نزيف الخسائر والعودة إلى الربح أو حتى نقطة التوازن بين الكسب والخسارة؟ أعتقد أن الإجابة الوحيدة المتاحة التى تفرضها تكنولوجيا الاتصال واحتياجات وعادات أغلبية القراء في العراق لا سيما الشباب من خلال التحول إلى منصات إخبارية إلكترونية، وإطلاق منصات جديدة ومبتكرة، لكن التحدى هو كيف يمكن تحقيق هذا التحول بتكلفة مالية معقولة خاصة وأن أغلب الصحف الان هي خاسرة باستثناء الصحف الرسمية والحزبية ، وكيف يمكن ابتكار أشكال ومضامين إخبارية جديدة ومشوقة تصل للجمهور عبر الهاتف الجوال، وهي تعاني من قلة خبرة الكوادر البشرية