17 نوفمبر، 2024 5:17 م
Search
Close this search box.

جورج جرداق دولة الإنسان…ودولة التجار.

جورج جرداق دولة الإنسان…ودولة التجار.

من غير الممكن أن نأتي بأي شخص ونسلمه موقعٌ ما في السلطة فيها مقدرات الناس ومصائرهم وأرواحهم ,هنالك أشخاص ينظرون للدولة كغنيمة يغتنمون منها أو فريسة يتقاتلون عليها وكل منهم يأخذ ما يشاء منها ليصلوا للتخمة ,ثم يتركون شعبهم يصارع الألم والوجع وشظف العيش والبحث عن قوت يومهم ,لأنهم يتعاملون مع الحكومة كرجال استثمار وليس رجال دولة لديهم القدرة والمقدرة في آن واحد لبنائها ووضع ركائز لديمومتها أمام التحديات التي تعصف بها ,قلناها مراراً وتكراراً لا يتحقق الإصلاح إلا بوعي مجتمعي قادر على فهم ما يحيط به من مؤامرات ودسائس ومكاشفته أولاً بأول ,من المأساة الكبرى تولي بعض الأشخاص من رجال الأعمال مقاليد السلطة هؤلاء لن يستطيعوا تحقيق أي شيء سوى جني الأموال والتركيز حول عملية الربح الوفير وبأي الطرق دون وضع خطوط حمراء تمنعهم من ذلك ,الدولة لا تحدد بهوية وبأنتماء هي أشبه بالنهر الجميع يشربون منه دون استثناء ,لكن على الجميع أن يحافظوا على نظافة النهر بعدم رميهم للأوساخ فيه ,أو التصدي لأي عدوان خارجي يلحق ضرراً به,الباحثين عن الارتواء وجدوا ارتوائهم بالنهرالعذب,هناك وظيفة أخلاقية جماعية هي الحفاظ والمحافظة عليه,من يريد المشاركة في تأسيس حكم يحترم الجميع ويحافظ على إنسايتهم عليه أن يدرك جيداً أنها مسؤولية مشتركة تقع على عاتق أفراد المجتمع وتحديداً النخب والكفاءات القادرة على أحداث التغيير فهم يدركون أكثر من غيرهم ببواطن الأمور,أما المجازفة بمجيء من ليس له الخبرة والكفاءة في أدارة المنصب يكلفنا ذلك دماء عزيزة ,وأموال وذهبت سدى دون رجعة والأنكى من هذا كله هو إشاعة ثقافة السرقة واللامبالاة في وضح النهار دون خوف ووجل مما جرأ الاخرين على هذا السلوك المنحرف ليتحول لظاهرة مجتمعية,يقول جورج جرداق الكاتب والأديب الراحل :{من سوء حظ الإنسان أن صياغة العالم في معظم مراحل التاريخ ومعظم أقاليم الأرض، جُعلت وفق مصالح المنتفعين بآفتين غائلتين هما السياسة والتجارة: السياسة كما فُهمت ومُورست في معظم أصقاع الأرض حتى الآن، والتجارة التي هي آفة الآفات في تاريخ الأمم وفي حاضرها، وسبب الأسباب في ويلات الشعوب, ولن يصلح العالم إلاّ بأن يتولى إدارته وأموره جميعاً اثنان لا ثالث لهما: عالم وأديب! عالم هو الفكر النيّر والنهج والمقياس، وأديب هو الفكر النيّر والقلب الخيّر والضمير والرحمة والإحساس بالوجود وقدسية الحياة,الإمام علي، في سيرته ونهجه، هو هذا العالم وهذا الأديب مجتمعين في شخصية واحدة!}

أحدث المقالات