دعا رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الى ابعاد الهيئات المستقلة عن المحاصصة واعتماد الكفاءة في الترشيح لمناصب الدولة العليا ، في ما اكد خلال مؤتمر عقد الاربعاء 16/8 الى ان تطبيق العدالة كفيل بالقضاء على المحاصصة والفساد .. ومثل هذا الكلام جميل وسبق ان سمعناه في اكثر من مناسبة سواء من العبادي او سواه لكن عمليا لم نجد له من تطبيق على ارض الواقع وهو ما يدعونا الى التساؤل عن مدى الجدية في تطبيق هذه الوعود والسبيل لتحقيق العدالة وانهاء المحاصصة في ضوء هيمنة اطراف اسلاموية على مقاليد الامور . فهذه الاطراف كانت وما زالت الرمز الشاخص للفساد والمحاصصة وهي التي تتحمل مسؤولية كل هذا الخراب والدمار الذي حل بالعراق سواء ما يتعلق منه بالاوضاع السياسية او الامنية او الاقتصادية ..
لقد سئمنا من التصريحات والوعود الكثيرة ونحتاج الى ما يطمئننا بجدية العمل لبدء خطوات عملية باتجاه بناء دولة مواطنة حقيقية وهذا يحتاج الى عملية تغيير جذري يبعد حيتان الفساد عن المشهد السياسي ويضع حداً لسطوتها ..هذه الحيتان التي بقيت من دون حساب او مساءلة عن ملايين بل مليارات الدولارات التي نهبت من خزينة الدولة وهو ما لم يتحقق الى الان .. صحيح ان هيئة النزاهة والقضاء اصدرا مذكرات القاء قبض بحق عدد من المسؤولين وابنائهم غير ان مراجعة سريعة لهذه الاسماء تجعلنا نصاب بالخيبة لان غالبيتهم ان لم نقل جميعهم خارج العراق ولم تبذل الجهات المعنية اي جهد استثنائي لاعادة الاموال العامة المنهوبة او مفاتحة الدول التي يحمل هؤلاء جنسياتها لتسليمهم الى القضاء العراقي للتحقيق معهم ..
ان اكثر ما يدعو المواطن العراقي الى الهرب من العراق هو حالة عدم الثقة بامكانية تطبيق العدالة حيث ما زال رؤوس الفساد في مواقعهم وعدم محاسبتهم وبقاء ملفات خطيرة طي النسيان مثل ملف انسحاب القوات العراقية بالشكل الغريب والمريب من محافظة الموصل وغيرها من المحافظات التي هيمنت عصابة داعش الارهابية عليها .. وهو ملف خطير دفع العراقيون ثمنا باهضا وباهضا جدا فيه حيث ان عملية تطهير هذه المحافظات ادت الى استشهاد مئات الالاف من ابناء قواتنا المسلحة ومثلهم من المدنيين وتشريد الملايين ناهيك عن تدمير شبه كامل للبنى التحتية وبقاء ملايين العراقيين يسكنون الخيم وفي ظروف معيشية صعبة ..
نعم لتكافؤ الفرص وتطبيق العدالة يارئيس مجلس الاوزراء غير ان هذا يتطلب حزما وشجاعة في مواجهة حيتان الفساد واحالتهم للقضاء واقصائهم من مناصبهم كخطوة اولى .. ولا نظن ان خطوة كهذه يمكن ان تتحقق اذا لم تتحقق عملية تغيير تبدأ باعادة الحياة لعملية سياسية ولدت ميتة اصلا بسبب المحاصصة .. التغيير يتطلب مجلس نواب غير متهم اعضائه بل رئاسته بالمحاصصة والفساد ووزراء غير متهمون وبشكل عام سياسيون وطنيون حقا والى ان يتحقق ذلك فان مساحة الغضب الشعبي تتسع وعندها لا ينفع الندم .